اخبار تركيا

منظمة الدول التركية.. ما أهمية قمة أنقرة؟

اخبار تركيا

عقدت في العاصمة التركية أنقرة الخميس، قمة منظمة الدول التركية بضيافة الرئيس رجب طيب أردوغان، بهدف إظهار التضامن مع تركيا عقب الزلزال المزدوج 6 فبراير / شباط الماضي.

وتأسست منظمة الدول التركية (المجلس التركي سابقا) في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2009، وتضم تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان، فيما تحمل كل من المجر وتركمانستان وشمال قبرص التركية صفة عضو مراقب فيها.

وتهدف المنظمة (مقرها إسطنبول) إلى تطوير التعاون بين الدول التركية في العديد من المجالات بينها التعليم والتجارة. وفق تقرير لوكالة الأناضول.

** ما التطورات التاريخية التي ساهمت في تأسيس منظمة الدول التركية؟

كانت تركيا أول دولة تعترف بالجمهوريات التركية التي نالت استقلالها مع انهيار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية عام 1991.

ومنذ ذلك التاريخ، بدأ التعاون بين تركيا والجمهوريات التركية خاصة بعد انعقاد قمة الدول الناطقة بالتركية عام 1992، لتساهم بعد ذلك مؤسسات مثل المنظمة الدولية للثقافة التركية (TURKSOY)، والأكاديمية التركية الدولية، والألعاب الرياضية العالمية التركية، ومسابقة الأغنية التركية (توركفيجن)، الشبيهة بمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) في استمرار تطور العلاقات بين الجمهوريات التركية.

كما واصلت تركيا تطوير التعاون مع الجمهوريات التركية من خلال وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا)، ورئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى، والمعهد الثقافي التركي “يونس أمره”، والجامعات الشريكة، فيما سهّل تحول الجمهوريات التركية إلى استخدام الأبجدية اللاتينية في السنوات الأخيرة تعزيز التواصل بين الشعوب التركية.

وحتى وقت قريب، ركزت تركيا في تعاونها مع الدول الشقيقة في الغالب على مجال الثقافة وقضايا مثل تعزيز مكانة اللغة التركية المشتركة والتاريخ والثقافة المشتركين للشعوب التركية، فيما اقتصر التعاون في مجالات العلاقات السياسية والاقتصادية على العلاقات الثنائية.

ولعل مرد ذلك هو التعاون الوثيق بين الجمهوريات التركية وروسيا في المجالين السياسي والعسكري، والنفوذ الصيني المتزايد في هذه المناطق في المجال الاقتصادي.

ومع ذلك، وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات البينية بين الجمهوريات التركية تطورات إيجابية مهمة، كما قررت هذه الدول في اجتماع مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية الذي عقد في إسطنبول يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، تغيير اسم المجلس إلى “منظمة الدول التركية”، وتم قبول خطة عمل مشتركة حتى عام 2040.

وهنا لابد من الإشارة إلى عوامل مثل انتصار أذربيجان في حرب “قره باغ” الثانية؛ والدعم الكبير الذي قدمته تركيا لأذربيجان في هذه المرحلة، وتنامي نفوذ تركيا في المنطقة والساحة الدولية بشكل عام.

علاوة على السياسات التي اتبعتها روسيا والصين في المنطقة، دفعت جميعها الجمهوريات التركية للبحث عن بدائل وساهمت في تحول المنظمة من “مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية” إلى “منظمة الدول التركية”، وهو ما تجلى بوضوح في قمة اسطنبول عام 2021 وقمة سمرقند عام 2022.

** ما أهمية قمة أنقرة؟

في الوقت الذي كان من المقرر انعقاد قمة منظمة الدول التركية بمدينة تركستان بجمهورية كازاخستان في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، عقدت الأطراف المشاركة بمبادرة من أذربيجان، اجتماع قمة استثنائي في 16 مارس/ آذار في العاصمة التركية أنقرة، تمحورت حول قضايا “إدارة الكوارث والطوارئ والمساعدات الإنسانية”، خاصة بعد الدعم الذي قدمته الجمهوريات التركية لتركيا عقب زلزال قهرمان مرعش.

وأرسلت الجمهوريات التركية المستقلة والجمهوريات والمناطق التركية المتمتعة بالحكم الذاتي في الاتحاد الروسي، مساعدات إنسانية مهمة بالإضافة لإرسالها فرق بحث وإنقاذ للمساعدة في رفع الأنقاض وانتشال الضحايا.

فيما جاء إعراب تلك الجمهوريات ومناطق الحكم الذاتي عن تضامنها مع تركيا على المستويين الحكومي والشعبي انعكاسًا للعلاقات الوثيقة التي تربط تركيا مع الجمهوريات والمناطق الشقيقة.

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لقد أصبح العالم التركي “قلبًا وجسدًا واحدًا” في الوقوف إلى جانب تركيا لمواجهة كارثة الزلزال.

إن انعقاد قمة الدول التركية واجتماع قادتها في أنقرة، أظهر مرة أخرى وقوف الدول التركية الشقيقة وبقوة إلى جانب تركيا، كما أن التأكيد في إعلان أنقرة عقب القمة على وقوف الجمهوريات التركية إلى جانب تركيا جاء بمثابة تأكيد أيضًا على استمرار التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال المساعدات الإنسانية وإدارة الكوارث.

ومن المقرر توقيع “اتفاق إنشاء آلية الحماية المدنية لمنظمة الدول التركية” بين الأطراف خلال الأشهر المقبلة.

ومن الجوانب المهمة الأخرى للقمة، هو مشاركة المجر وتركمانستان وجمهورية شمال قبرص التركية الأعضاء المراقبين في الاجتماع، في أعمال القمة على أعلى مستوى إلى جانب الدول الأعضاء.

كما أظهرت هذه القمة مرة أخرى حجم العمل المشترك بين الدول الأعضاء ومستوى التنسيق تجاه التطورات الإقليمية والعالمية، بما في ذلك إدانة الدول الأعضاء الهجوم على سفارة جمهورية أذربيجان في طهران وأعمال حرق القرآن الكريم في الدول الأوروبية إلى جانب التأكيد على أهمية توقيع اتفاقية “إنشاء صندوق الاستثمار التركي” الذي يهدف إلى تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الدول الأعضاء.

** هل يمكن زيادة التعاون بين الدول التركية؟

قبل قمة أنقرة وبعدها، عقد الرئيس أردوغان اجتماعات ثنائية مع زعماء الجمهوريات الأعضاء في منظمة الدول التركية، في إطار الاتصالات الدبلوماسية التي يجريها مع زعماء الدول التركية، والتي اكتسبت زخمًا ملحوظًا في الفترة الماضية.

إن التطور المتسارع في العلاقات الثنائية والذي شمل كافة المجالات تقريبًا، بين تركيا وأذربيجان، انعكس بصورة إيجابية على علاقات البلدين مع بقية الجمهوريات التركية الأخرى، التي تمكنت خلال السنوات الأخيرة من إيجاد حلول لمشاكل الحدود والمياه.

وخلال القمة الحالية، أكدت الدول الأعضاء على وثيقة رؤية العام 2040 للعالم التركي والمعتمدة عام 2021، وأهمية تطوير التعاون بين الجمهوريات التركية في مجالات الاقتصاد والدفاع والفضاء والثقافة والتعليم وغيرها من المجالات الحيوية.

في واقع الأمر، تحرص الجمهوريات التركية باستثناء أوزبكستان على شراء مركبات جوية بدون طيار تركية الصنع، خاصة بعد حرب قره باغ والتطورات في أوكرانيا، كما تشدد هذه الجمهوريات على زيادة الاتصالات والتنسيق المشترك في مجال الدفاع.

وفي إطار استمرار الحوار الدائم وأجواء تعزيز الثقة بين الجمهوريات التركية، تمكنت الدول التركية من زيادة حجم التجارة الثنائية والتعاون في مجال الطاقة، في الوقت الذي تعمل فيه منظمة الدول التركية على تنظيم منتدى اقتصادي سنوي، تلبية لاقتراح تقدم به رئيس أوزبكستان شوكت ميرضيائيف.

وبالنظر إلى تصريحات وجهود رؤساء الدول التركية، يمكننا القول أن آفاق التعاون المشترك ومتعدد الأوجه بين الدول الأعضاء سوف يزداد بشكل ملحوظ ومتزايد خلال السنوات المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *