اخر الاخبار

سيناريوهات حسم معارك السودان.. خبير يكشف مآلات “حرب الجنرالات”

يشهد السودان حرباً مشتعلة بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، منذ يوم السبت الماضي. وقد اندلعت المواجهات بعد خلافات سياسية حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش والتوزيع السلطوي في المؤسسة العسكرية، بينما تحدثت أطراف عن وجود تدخلات خارجية تؤجج صراع الطرفين الذي أدخل البلاد أتون حرب قد تطول، إلا أنّ جهات أخرى عادت وطرحت مبادرات للحل قبل أن تنزلق الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه، وحول ذلك كشف خبير سياسي سوداني لوكالة ستيب الإخبارية تفاصيلاً “مهمة” تتعلق بسيناريوهات متوقعة لنهاية الحرب ومآلاتها، ومن هي الأطراف الخارجية الفاعلة بهذا الملف.

 

سيناريوهات حسم معارك السودان.. خبير يكشف مآلات “حرب الجنرالات”

صراع السُلطة في السودان

 

وقد أسفرت الاشتباكات عن مقتل وإصابة المئات من المدنيين والعسكريين، واستخدمت كافة أنواع السلاح بما فيها سلاح الجو.

 

وتصاعدت حدة الحرب خلال أيام من القتال المستمر، حيث شهدت الخرطوم وغيرها من المناطق اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، وقصف جوي، وحصار لبعض المواقع، وانقطاع للكهرباء والاتصالات.

 

وأظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لحظات رعب عاشها المدنيون في أحياء سكنية تحولت إلى ساحات حرب، وجثث ملقاة في شوارع الخرطوم، وأطفال يصرخون خوفًا من صوت المدفعية.

 

وأثارت هذه الحرب ردود فعل دولية قلقة من تدهور الأوضاع في السودان، وطالبت بضرورة التهدئة والحوار بين الأطراف المتصارعة. كما دعت بعض المنظمات الإنسانية إلى فتح ممرات آمنة لإغاثة المصابين والنازحين جراء هذه الحرب، وشهدت البلاد هُدن “هشّة” تخللها إخراج الدول لرعاياها عبر منافذ بحرية وبرّية.

 

صراع متوقع

 

وفي حديث لوكالة ستيب نيوز، يقول الخبير السياسي السوداني، والباحث في الشؤون الإفريقية، محمد تورشين: “الجميع كان يتوقع الصراع قبل بدئه بفترة طويلة، لأنه بالأساس صراع على السُلطة”.

 

ويضيف: “عند توقيع الاتفاق الإطاري، كان شرط محمد حمدان دقلو الحصول على أطول فترة ممكنة من أجل دمج قوات الدعم السريع بالجيش وذلك حتى يستطيع الحفاظ على النفوذ والثروة والتأثير على الحياة السياسية، إلا أنّ ما حدث هو معرفته بأنه سيفقد كل المكتسبات التي حصل عليها في حال اندمج بالجيش، وهو أساس تفجير الصراع بالسودان”.

 

ويوضح “تورشين” أن “محمد دقلو رأى أنه سيصبح شخص عادي لا يملك أي نفوذ لو طُبّق القرار واندمجت قواته مع قوات الجيش، إضافة إلى أنه لا يملك أي دعم سياسي أو حزب ينتمي إليه في حال أراد التأثير سياسياً سوى حزب الحرية والتغيير، إلا أنّ المواقف تغيرت لاحقاً”.

 

بينما كانت قوات الدعم السريع وعلى لسان “حميدتي” نفسه، قد أكدت أنها لم تبادر للحرب إنما تصدت لهجوم من قوات الجيش عليها، وأكدت أنه سيحارب البرهان لأنه محاط بـ”الإسلاميين المتطرفين” واصفاً إياه بـ”الراديكالي المجرم”، وأوضح أن خطط البرهان كانت “الاستئثار” بالسُلطة.

 

أما عن ردة فعل الشارع السوداني يؤكد أنها غير واضحة حتى الآن، لأن الناس تريد عودة الخدمات ووقف القتال أولاً واستعادة الأمن والأمان وأجهزة الدولة، حسب وصفه.

 

حدود السيطرة على الأرض

 

ورغم أن القتال متواصل منذ أيام وسط حرب بيانات بين الطرفين، لا يستطيع أحد تحديد المكاسب على الأرض، ويقول الخبير السياسي حول ذلك: “حدود السيطرة هي أيضاً متغيرة، فالجيش السوداني يملك قوة كبيرة خصوصاً من خلال سلاح الجو الذي يعطي له مكاسب كبيرة، إلا أنّ قوات الدعم السريع أيضاً تستطيع المناورة عسكرياً بشكل كبير، خصوصاً أن المعارك تجري داخل المدن، ودخلت تلك القوات بين المدنيين مما صعّب استهدافها بدقّة”.

 

وخلال الصراع تبادل الطرفان الاتهامات بوجود جهات خارجية تدعم كلٍ منهما، وذهبت تقارير لتتحدث عن تدخل عسكري مباشر بعضها اتهم قوات ليبية وأخرى اتهمت مرتزقة فاغنر الروسية، بينما ذهبت تقارير أبعد من ذلك تحدثت عن ضغط أمريكي على مصر لدعم الجيش السوداني، على اعتبار أن روسيا تدعم قوات الدعم السريع.

 

ويؤكد “تورشين” أن هناك تدخلات دولية منذ اللحظة الأولى للصراع لكنها ليست بالشكل التقليدي، حسب وصفه.

 

ويضيف: “جاءت تلك التدخلات من خلال أحلاف أو محاور سياسية لها مصالح، مثلاً يوجد دول عربية تدعم قوات الدعم السريع، وأخرى تميل إلى المؤسسة العسكرية، وبعض الدول لديها أهداف بالسيطرة على الموانئ حيث يملك السودان ساحل كبير على البحر الأحمر ومنافذ مهمة، إضافة إلى الأطماع بالثروات الطبيعية خصوصاً الذهب، حيث من المعروف أن السودان يملك احتياطي ضخم من الذهب”.

 

ويتابع: “لا أتوقع ان تصل الحرب إلى كامل أراضي البلاد، إلا أنها قد تصل إلى دارفور وتحصل فيها مواجهات، خصوصاً أن التاريخ يتحدث عن صراعات دامية حصلت هناك قد يعاد إشعالها”.

 

مبادرة الحل

 

أما عن مبادرات الحل فهناك مبادرات طرحت من الخارج بعضها فيما يبدو أنها مسنودة من الولايات المتحدة مثل مبادرة “ايغاد”، إلا أنّ الخبير السياسي يرى أن موقف الدعم السريع غير واضح ولم تعلن بعد تلك القوات عن رأيها بالمبادرة.

 

ويقول: “الكثير من المبادرات المطروحة تصب بذات السياق إلا أنّ أبرزها كان مبادرة “ايغاد” حيث بدأت بعض الجهات العمل لأجل التفاوض حولها”.

 

وكانت قد دخلت الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، التي يرأس دورتها الحالية رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، على خط الأزمة السودانية وطرحت مبادرة تشمل تمديد الهدنة وعقد لقاء يجمع ممثلي الجيش وقوات الدعم السريع في جوبا عاصمة جنوب السودان.

 

ولدول “إيغاد” تجربة ناجحة في السودان برعايتها لمحادثات السلام بين شماله وجنوبه التي أفضت إلى اتفاق انتهى بانفصال الجنوب في عام 2011، ووقفت خلف المنظمة الأفريقية الدول الغربية في منبر أصدقاء “إيغاد”.

 

ويتوقع مراقبون أن تتكامل الجهود الدولية مع الإفريقية لإقامة منبر موحد لتسوية الأزمة السودانية عبر تطوير الهدنة الحالية إلى وقف دائم لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية لاستكمال التحوّل المدني الديمقراطي.

 

بينما يرى “تورشين” أن السودان غير قادر على العودة إلى المسار الديمقراطي بوجود الانفصال العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث أصبح ذلك محدداً للمسار الديمقراطي.

 

ويقول: “إلا أنّي اتوقع أن يكون هناك فترة انتقالية يتم فيها التشاور والتفاوض وتدار من قبل حكومة ثم تنتهي بانتخابات خلال زمن محدد يعطي الكل فرصة التمثيل والانتخاب، أما إذا أخذت الفترة الانتقالية على أنها فترة لحصد المكاسب فسيكون الاتفاق في السودان أمراً مستحيلاً”.

 

وإلى أن تعلن الأطراف موقفها من المبادرات يعيش السودان واحداً من أصعب مراحله بعد الإطاحة بنظام عمر البشير، حيث بات مهدداً بالتفكك وانهيار مؤسسات الدولة، وهذا إذا لم يجعل من البلاد “فريسة” تنتهشها بعض الدول الطامعة بثرواتها.

 

وفيما يلي نص الحوار

 

1 هل يمكن شرح كيف بدأ الصراع، من الذي أطلق الرصاصة الأولى ولماذا؟

ج‌ الجميع كان يتوقع الصراع قبل بدئه بفترة طوية، اليوم لأنه بالأساس صراع على السلطة، وعند توقيع الاتفاق الإطاري، كان شرط محمد حمدان دقلو الحصول على أطول فترة ممكنة من أجل دمج قوات الدعم السريع بالجيش وذلك حتى يستطيع الحفاظ على النفوذ والثروة والتأثير على الحياة السياسية، إلا أنّ ما حدث هو معرفته بأنه سيفقد كل المكتسبات التي حصل عليها في حال اندمج بالجيش، وهو أساس تفجير الصراع بالسودان.

 

 محمد دقلو رأى أنه سيصبح شخص عادي لا يملك أي نفوذ لو طبق القرار واندمجت قواته مع قوات الجيش، إضافة إلى أنه لا يملك أي دعم سياسي أو حزب ينتمي إليه في حال أراد التأثير سياسياً سوى حزب الحرية والتغيير، إلا أنّ المواقف تغيرت لاحقاً. 

 

2 ماهي حدودها السيطرة حالياً بالبلاد، وما ردة فعل الشارع السوداني؟

 

ج‌ ردة فعل الشارع السوداني الأساسية على الصراع غير واضحة حتى الآن، لأن الناس تريد عودة الخدمات ووقف القتال أولاً واستعادة الأمن والأمان وأجهزة الدولة.

 

أما حدود السيطرة فهي أيضاً متغيرة، فالجيش السوداني يملك قوة كبيرة خصوصاً من خلال سلاح الجو الذي يعطي له مكاسب كبيرة على الأرض، إلا أنّ قوات الدعم السريع أيضاً تستطيع المناورة عسكرياً بشكل كبير، خصوصاً أن المعارك تجري داخل المدن، ودخلت تلك القوات بين المدنيين مما صعّب استهدافها بدقّة.

 

3 هل تعتقد أن هناك جهات خارجية بدأت تتدخل وتدعم أطراف الصراع من هي وما مصالحها؟

 

ج‌ هناك تدخلات دولية منذ اللحظة الأولى للصراع لكنها ليست بالشكل التقليدي، حيث جاءت من خلال أحلاف أو محاور سياسية لها مصالح، مثلاً يوجد دول عربية تدعم قوات الدعم السريع، وأخرى تميل إلى المؤسسة العسكرية، وبعض الدول لديها أهداف بالسيطرة على الموانئ حيث يملك السودان ساحل كبير على البحر الأحمر ومنافذ مهمة، إضافة إلى الأطماع بالثروات الطبيعية خصوصاً الذهب، حيث من المعروف أن السودان يملك احتياطي ضخم من الذهب.

 

4 هل تتوقع امتداد الحرب إلى كامل أراضي البلاد وتوسع الصراع وإطالته، ام أن الأمر قد ينتهي بالتفاوض تحت الضغط الدولي؟

 

ج‌ لا أتوقع ان تصل الحرب إلى كامل أراضي البلاد، إلا أنها قد تصل إلى دارفور وتحصل فيها مواجهات، خصوصاً أن التاريخ يتحدث عن صراعات دامية حصلت هناك قد يعاد إشعالها.

 

5هناك مبادرات مطروحة من عدة دول مثل مصر وجنوب السودان وإسرائيل والسعودية، ما هي البنود التي طرحتها هذه الدول وأي منها الأقرب؟

 

ج‌ هناك مبادرات طرحت من الخارج بعضها فيما يبدو أنها مسنودة من الولايات المتحدة مثل مبادرة “ايغاد”، إلا أنّ موقف الدعم السريع غير واضح ولم تعلن بعد تلك القوات عن رأيها بالمبادرة.

 

الكثير من المبادرات المطروحة تصب بذات السياق إلا أنّ أبرزها كان مبادرة “ايغاد” حيث بدأت بعض الجهات العمل لأجل التفاوض حولها.

 

6 بعد هذا القتال الدامي إلى أين تذهب السودان، هل يمكن أن تعود إلى المسار الديمقراطي والاتفاق الأخير الذي جرى التوقيع عليه من أجل جدول زمني لتشكيل حكومة تقود البلاد؟

 

ج لا أعتقد أن السودان قادر على العودة إلى المسار الديمقراطي بوجود الانفصال العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث أصبح ذلك مجدداً للمسار الديمقراطي، إلا أنّي اتوقع أن يكون هناك فترة انتقالية يتم فيها التشاور التفاوض وتدار من قبل حكومة ثم تنتهي بانتخابات خلال زمن محدد يعطي الكل فرصة التمثيل والانتخاب، أما إذا أخذت الفترة الانتقالية على أنها فترة لحصد المكاسب فسيكون الاتفاق في السودان أمراً مستحيلاً.

 

سيناريوهات حسم معارك السودان.. خبير يكشف مآلات "حرب الجنرالات"
سيناريوهات حسم معارك السودان.. خبير يكشف مآلات “حرب الجنرالات”

 

إعداد: جهاد عبد الله

أقرأ التالي

27 أبريل، 2023

هدنة جديدة.. الجيش السوداني يُرحب بمبادرة سعودية أمريكية

27 أبريل، 2023

“فيروسات خطيرة قد تنتشر”.. تحذير أممي من مختبر شهير بالخرطوم والصليب الأحمر ينسحب

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *