اخبار عمان

عضوية الشورى أمانة فحافظوا عليها

 

حمد الحضرمي **

 

ثوابت مسيرة الشورى العمانية وآفاق تطلعاتها التي تسعى للرقي بالإنسان العماني الواعي، الذي يُشارك في بناء وطنه بكل جد واجتهاد وجدارة، هي من منطلق حرص اخبار عمان السامية واهتمامها بقيم الشراكة وتعدد الآراء، والتأكيد على أن تجربة الشورى العمانية تجربة ناجحة، فقد جاءت متسقة ومتفقة مع مراحل النهضة وقيم المجتمع ومبادئه، منطلقة إلى بناء الإنسان المدرك لحقوقه وواجباته، القادر على التعبير عن آرائه وأفكاره بالكلمة الطيبة والمنطق السليم، وبالحكمة البالغة والبصيرة الثاقبة للأمور.

وقد شهدت مسيرة الشورى العمانية العديد من الخطوات المتدرجة والمتتابعة على طريق التأسيس والبناء في ميدان العمل الديمقراطي، ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية، وقد شهدت انتخابات الفترة العاشرة لهذا العام 2023م تطورًا تاريخيًا غير مسبوق، تمثل في التصويت الإلكتروني بتطبيق انتخب، وهذا التطبيق أحدث نقلة نوعية ملموسة في مسيرة الانتخابات في سلطنة عُمان والمنطقة، وقد سارت العملية الانتخابية بشفافية متناهية، وقد عملت جميع الأنظمة الحمائية لهذا النظام بكفاءة عالية، ولم يتم تسجيل أي محاولات لهجمات سيبرانية، وقد حقق النظام الانتخابي الجديد نجاحا باهرا بشهادة جميع المراقبين من داخل السلطنة وخارجها، لأنه طبق المعايير القانونية الموضوعية البعيدة عن الشكلية، وحقق إرادة الناخبين بامتياز.

وقد بلغ عدد الناخبين المُصوِّتين 496279 ناخبًا وناخبة، وخاض الانتخابات 843 مرشحًا بينهم 32 امرأة حسب القوائم النهائية للمرشحين، وتم انتخاب 90 عضوًا لمجلس الشورى في دورته العاشرة، يمثلون 63 ولاية، وقد تغير أغلب أعضاء المجلس السابق، حيث حصل 61 مرشحًا على عضوية المجلس لأوَّل مرة، مع غياب كامل للمرأة. وقد عبَّر الناخبون والمرشحون عن سعادتهم بالتجربة الانتخابية الجديدة التي وفرت الوقت والجهد والمال، وتستحق وزارة الداخلية وكافة شركائها في العملية الانتخابية  الناجحة بامتياز، الإشادة والتقدير والثناء والعرفان على جهودهم المبذولة وعطائهم المثمر.

وبعد انتهاء الانتخابات بنجاح، وأداء الناخبين لدورهم باختيار مرشحيهم بكل حرية وقناعة، جاء الآن الدور على أعضاء مجلس الشورى المنتخبين للفترة العاشرة، للقيام بأدوارهم المنوطة بهم وتحمل الأمانة والمسؤولية، والأمانة عليهم ثقيلة والمسؤولية عظيمة، وليس من الصعب الفوز بعضوية الشورى، ولكن من الصعب أداء المسؤوليات والواجبات الملقاة على عاتق عضو مجلس الشورى بالصورة المرجوة التي يرجوها المواطنون، لأن بعض الأعضاء تكون الأمانة والمسؤولية عليه ثقيلة وصعبة، ولا يستطيع تأدية حقوقها وواجباتها بالصورة المنشودة، ويتضح ذلك جليًا من خلال الأداء المتواضع للعضو في جلسات المجلس ومناقشاته وتداخلاته، وتخليه عن مسؤولياته وعدم استخدام الوسائل والأدوات البرلمانية، وابتعاده عن ناخبيه الذين كانوا سبب حصوله على عضوية المجلس.

إن المواطن يرجو من عضو مجلس الشورى أن يكون حريصًا على أداء واجباته ومهامه واختصاصاته المنتخب لأجلها بالصورة المثالية، ويتطلب منه الأمر القيام بأدواره على أكمل وجه، وأن يكون طرحه للمواضيع في جلسات المجلس بناءً ومعالجته للأمور حكيمة، وأن تكون أفكاره مستنيرة وآراؤه ناضجة في اقتراح القوانين وصنع القرارات التي تخدم المواطن وتلبي احتياجاته، وترتقي بالوطن وتحقق له مكانة بارزة ومنزلة عالية بين الدول، وهذا ليس بصعب المنال على أبناء عُمان، الذين يشهد لهم ماضيهم العريق وحاضرهم الزاهر المتطلع نحو آفاق واسعة من التقدم والتطور، بقيادة حكيمة من جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أبقاه الله وهذا يتوافق مع ما تتطلبه المرحلة التنموية الحالية والقادمة لرؤية “عُمان 2040”.

إن المواطن يناشد أعضاء مجلس الشورى المنتخبين للفترة العاشرة، بأن يكونوا شعلة من النشاط دون كلل أو ملل لخدمة المواطن العماني في حياته من كل الجوانب، وأن يستخدم العضو الوسائل والأدوات البرلمانية الممنوحة له وفق القانون، لأداء صلاحياته الرقابية حول مختلف المواضيع مع الأجهزة التنفيذية بالدولة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: البيان العاجل الذي يقدم من العضو إلى رئيس المجلس لأمر عاجل ومهم يتعلق بالمصلحة العامة للبلاد، وكذلك طلب الإحاطة المتضمن إحاطة الحكومة بأمر أو معلومات ذات أهمية توفرت لدى العضو، وتتطلب اتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة من جهة الاختصاص الموجه إليه الطلب، ولعضو المجلس تقديم السؤال البرلماني لوزير من الوزراء، لسؤال استفهامًا عن أمر يجهله العضو، أو واقعة وصلت إلى علمه وذلك للتحقق من حصولها.

وللعضو الحق أيضًا بطلب المناقشة الذي يقدم من 5 أعضاء على الأقل، لمناقشة الوزراء، ولهم كذلك الاستجواب ويقدم من 15 عضوًا لاستجواب أحد وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحيتهم بالمخالفة للقانون، ولأعضاء المجلس الحق في مناقشة البيانات الوزارية في بداية كل دور انعقاد، وبمجلس الشورى لجنة تشكل لتقصي الحقائق، وهذه اللجنة تتخذ جميع الإجراءات اللازمة للحصول على البيانات والمستندات لما يقتضيه استجلاء الحقيقة بما في ذلك من زيارات أو تحقيقات، وعلى الجهات المختصة بالدولة التعاون مع اللجنة وتمكينها من الحصول على كل ما تطلبه. والدور الأساسي لأعضاء مجلس الشورى يكمن في العمل على اقتراح وإقرار مشروعات قوانين جديدة، ومراجعة وتعديل القوانين النافذة، ومناقشة وإبداء التوصيات في مشروعات خطط التنمية والميزانية السنوية للدولة.

لا شك أن المرحلة الراهنة محتاجة إلى تضافر الجهود والعمل الدؤوب تحقيقًا لمتطلبات العمل الوطني الهادف إلى دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والتعليمية والرياضية والأمنية والارتقاء بالإنسان العماني وإشراكه في تعزيز مسارات البناء والتطوير لخدمة الوطن والمواطن في الحاضر والمستقبل.

على أعضاء مجلس الشورى أن يكونوا أمناء بقسمهم في أداء حق الوظيفة البرلمانية الذي انتخبهم لأجلها الشعب، وأن يكونوا مخلصين للوطن الذي يستحق منهم بذل العطاء وتحقيق مصالحه العليا، ويتوجب عليهم أن يكون عطائهم للمرحلة الراهنة عطاًء متدفقًا من الإنجازات مع ترتيب للأولويات بالتنسيق مع الحكومة، والتركيز والحرص في المقام الأول على حياة المواطن المعيشية وسد احتياجاته من كل النواحي، والعمل على المشاريع التنموية التي تخدم متطلبات المواطن وتحقق مصالح الوطن العليا.

وختامًا.. إنَّ الأمر يتطلب من أعضاء مجلس الشورى العمل بالصورة المرجوة والمنشودة منهم، لأن المواطنين يراقبون ويتابعون أعمال المجلس وينتظرون منهم تحقيق تطلعاتهم وأمنياتهم في العيش في وطنهم بكرامة وعدالة اجتماعية، في ظل دولة ذات تاريخ مجيد وحاضر زاهر ونهضة متجددة لمستقبل مشرق بقيادة حكيمة من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه..

اللهم احفظ عُمان من كل سوء ومكروه، وأسبغ عليها نعمة الأمن والأمان والتقدم والازدهار.

** محامٍ ومستشار قانوني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *