اخر الاخبار

ثلاثة ملفات خذلت فيها منظمات أممية السوريين

أخفقت الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها في سوريا منذ بدء الصراع بشكل متكرر، ما شكل انتقادات لها واتهامات بكونها شريكة بانتهاكات حقوق الإنسان ضد السوريين، بموجب العديد من التقارير الحقوقية وآراء المدافعين عن حقوق الإنسان.

وعاد الحديث عن فشل الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها، بعد كارثة الزلزال التي واجهها السوريون في شمال غربي سوريا وحدهم، إثر تأخر استجابة المنظمات الأممية والدولية لمناشدات المنظمات والمدنيين في المنطقة.

وقابلت الأمم المتحدة الدعوات والمطالبات لمحاسبة المسؤولين عن إخفاقاتها وتقصيرها تجاه السوريين في العديد من الملفات، بالعمل على إخفاء ملامح التقصير في تلك الملفات ولم تتخذ أي خطوة جدية للمحاسبة.

إخفاق أمام كارثة الزلزال

ناشدت المنظمات السورية الأمم المتحدة للاستجابة لكارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، في 6 من شباط الحالي، لكنّ الاستجابة جاءت متأخرة ومحدودة الأثر، ما دفع تلك المنظمات لتحميل الأمم المتحدة مسؤولية تفاقم الكارثة.

وفي حين كانت وكالات الأمم المتحدة مسؤولة عن إيصال المساعدات للمنطقة من تركيا عبر معبر “باب الهوى” الذي نجا من التجاذبات السياسية، تخلت الأمم المتحدة عن تلك المسؤولية تجاه المنطقة “منكوبة”.

وكانت الأمم المتحدة مسؤولة عن تفعيل “نظام الاستجابة لحالات الطوارئ الدولية” (UNDAC) وإطلاق إنذار للزلازل عن طريق المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ (INSARAG) بالإضافة إلى إرسال المساعدات عبر الحدود وبأي طريقة ممكنة، لكنها لم تفعل أيًّا من ذلك.

ورغم اعتراف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارت غريفيث، سابع أيام الكارثة بخذلان السوريين، اتخذت الأمم المتحدة سلوكًا رافضًا لاتهامات المنظمات والمطالبة بالمحاسبة.

مدير منظمة “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) رائد الصالح، قال ل إن الأمم المتحدة تهرّبت من مسؤولياتها وتأخرت بالاستجابة لمناشدات السوريين، وواصلت التهرب من مسؤولياتها بعد أن اتهمت المنظمات السورية بأنهم لا يفهمون دور الأمم المتحدة بشكل جيد.

وبعد الضغط على وكالات الأمم المتحدة تحسنت استجابتها لكارثة الزلزال، وفق ما قاله الصالح، لافتًا إلى أن ذلك لن يغير رغبة السوريين والمنظمات الإنسانية بمحاسبة المسؤولين عن التقصير وتأخر الاستجابة.

ممثلة “الصحة العالمية” في سوريا

في تشرين الأول 2022، كشف تحقيق نشر في وكالة “أسوشيتيد برس”، تورط ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا، بالضغط على موظفي المنظمة في سوريا لتوقيع عقود مع سياسيين تابعين لحكومة النظام السوري، وممارسة سلوك مسيء، بالإضافة إلى إساءة إنفاق أموال منظمة الصحة العالمية، والجهات المانحة.

واستند التحقيق على شكاوى قدمها موظفو المنظمة في سوريا وصل عددهم إلى ما لا يقل عن 12 موظفًا، قالوا فيها إن رئيسة مكتبهم أساءت إدارة ملايين الدولارات، ووزعت على مسؤولي النظام الهدايا (أجهزة حاسوب، عملات ذهبية، سيارات)، وتصرفت بشكل تافه أثناء اجتياح فيروس “كورونا” لسوريا.

وأثار التحقيق حينها غضب ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بينما رفضت ماجتيموفا الرد على معديه، وقالت إنها “ممنوعة من مشاركة المعلومات، بسبب التزامها بصفتها أحد موظفي الصحة العالمية”، ووصفت الاتهامات بأنها “تشهيرية”.

بينما اقتصر رد منظمة الصحة العالمية على أنها تراجع التهم الموجهة للمثلتها فيوسريا، وقالت إنها طلبت مساعدة محققين خارجيين، موضحة أنه “كان تحقيقًا مطولًا ومعقدًا، مع الوضع في البلاد والتحديات المتمثلة في الوصول المناسب، وضمان حماية الموظفين، ما أدى إلى مضاعفات إضافية”.

وعقب أيام من نشر التقرير، قالت وكالة “أسوشيتيد برس”، إن المدير الإقليمي لمنطقة شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، أحمد المنظري، أبلغ جميع العاملين لدى المنظمة في منطقة الشرق الأوسط، عبر البريد الإلكتروني، أنه “منزعج للغاية” من “المزاعم” التي ذكرتها الوكالة في تحقيق كشفت فيه ضلوع ممثلة المنظمة في سوريا، بالفساد والإساءة للموظفين، وتهم أخرى.

وتزامنًا مع استمرار التحقيقات، اتخذت المنظمة إجراءات “مخففة”، وأبلغت بعض الشركاء المانحين بشكل استباقي بالتحقيق الجاري، وفق ما قاله المنظري، مشيرًا إلى أنه تم تعيينه بدلًا عنها كممثل لمكتب المنظمة في سوريا، في أيار من العام نفسه.

وبعد مضي نحو سبعة أشهر على صدور التحقيق، لم تنشر منظمة الصحة العالمية أي معلومات حيال الإجراءات المتخذة بحق ماجتيموفا وما وصلت إليه التحقيقات، ليضاف الملف إلى غيره من الأدلة التي تثبت تهرّب الأمم المتحدة من مسؤولياتها.

تحقيقات دون جدوى

تعرّضت المستشفيات والمرافق الصحية مرارًا لقصف من قبل النظام السوري وحليفه الروسي خلال السنوات الماضية، وفي عام 2018 وجهت اتهامات للأمم المتحدة بأن آلية “منع الاستهداف” التابعة لها ساعدت النظام وروسيا بضرب مرافق صحية في إدلب من خلال تزويده بإحداثيات تلك المرافق.

وبموجب قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، صدرت نتائج تحقيق داخلي عام 2019، حمّل النظام السوري مسؤولية قصف معظم تلك المرافق، لكنّه أنكر مسؤولية روسيا عن تلك الهجمات رغم وجود العديد من الأدلة التي تثبت تورطها.

وأثار التحقيق العديد من الانتقادات، إذ تجاهلت الأمم المتحدة مسؤولية روسيا، إلى جانب تجاهل مسؤوليتها عن حماية تلك المنشآت بموجب آلية “منع الاستهداف”.

واعتبر تقرير صادر عن “المركز السوري للعدالة والمساءلة” أن الأمم المتحدة فشلت بحماية المرافق وأسهمت بتعرضها للقصف بموجب الإحداثيات التي منحت لها لمنع الاستهداف.

كما فشلت بإصدار تقرير يوضح المسؤول الحقيقي عن الهجمات ويعترف بسوء استخدام آلية “منع الاستهداف”، وفق التقرير.

حصانة مطلقة

أثبتت العديد من التقرير والتحقيقات فشل الأمم المتحدة بتأدية واجباتها تجاه المدنيين في سوريا، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك الفشل، من خلال إجراء تحقيقات داخلية بنتائج غير واضحة أو غير ملعنة، أو من خلال تجاهل الاتهامات الموجهة لها.

واتخذت الأمم المتحدة ذلك السلوك بموجب المادة “19” من اتفاقيات الامتيازات والحصانات لوكالات الأمم المتحدة،التي تمنح موظفي وكالات الأمم المتحدة الحصانة القضائية بكل ما يصدر عنهم بصفة رسمية من أعمال أو أقوال أو بيانات مكتوبة.

وتشكّل الحصانة المطلقة للأمم المتحدة وموظفيها جدلًا واسعًا في أوساط خبراء القانون والمدافعين عن حقوق الإنسان، إذ خلصت العديد من الدراسات وآراء الخبراء إلى أن تلك الحصانة لها العديد من المخاطر على حماية حقوق الإنسان.

وخلص تقرير أعدته بعنوان “ما فرص محاسبة موظفي الأمم المتحدة على (خذلان) السوريين”، إلى أن فرص المحاسبة لا تتجاوز وجود إجراءات شكلية أو محاسبة إدارية وتنفيذية ضمن اللوائح الداخلية للأمم المتحدة.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *