اخبار عمان

ما بين السعادة والفرح | جريدة الرؤية العمانية

أمينة أحمد

الأيام السعيدة تحمل السعادة لأهلها في البيئة الشامية، وغالباً هم من كانوا يصنعون تلك السعادة من خلال تكوين أسرة سعيدة وبيت هادئ خالٍ من المشاكل.. أصحاب وجيران تجمعهم المحبّة، والرضا التام بقضاء الله وقدره والبحث عن أسباب السعادة في أصغر الأمور وأبسطها، كنزهةٍ في البستان أو حياكة فستان أو تحضير وليمة يجتمع فيها الأهل والخلان، وكان يقتصر معنى الفرح على فرحة زواج الأولاد والخلف الصالح لهم، كم هو بارع ذلك الممثل في البيئة الشامية، وهو يجسد شعور الفرح والسعادة.

فالضحكات التي تملأ أركان المكان والعيون التي تلمع من شدة الفرح تجعل الوجوه كشمس ساطعة إن لم تسمع صوت الضحكات ستشاهد ألوان السرور عليها، هكذا تبدو الحالة التي يعبر لنا فيها الممثل من خلف شاشة التلفاز أو من على خشبة المسرح مترجم لنا أشكال الفرح بالضحك.

ولربما يعتبر من أكثر الأدوار الصعبة التي يمثلها الممثل، هي تقمُّص دور الفرح والضحك الحقيقي المقنع للمشاهد، وهذه المشاهد لا نلاحظها كثيراً في الدراما لأن الدراما غالباً تعمل على إثارة مشاعر الحزن أو الخوف أو الترقب وبذلك يبدو العمل أكثر تشويقاً في أحداثه.

بينما من السهل والسهل جداً تجسيد شعور الألم أو الحزن رُبما ببعض القطرات على الخدود وقليل من الملامح الحزينة يمكن للممثل أن يبدو عليها للوصول بنا إلى شعور الحزن والأسى والتعاطف مع دوره الذي يقوم  به.

ماذا لو طبقنا ذلك على حياتنا نحن؟ نعم حياتنا التي نعيشها ونجهل تفاصيلها في أغلب الأحيان؟ هل نستطيع أن نمثل دور الفرح ونضحك بصوت مقهقه فنقنع مثلاً أبناءنا أو أقاربنا أو أصدقاءنا بأننا في نوبة عارمة من الفرح والسرور، أو على الأقل نقنع أنفسنا بذلك، كم مرة ضحكنا وتقهقهنا من شدة الفرح؟ كم مرة بدت الفرحة واضحة على معالمنا دون وجل؟

لماذا عندما نتذكر لحظات الفرح نبتسم وتكاد الدمعة تسقط من عيوننا؟ لماذا نتذكر الفرح ونحن في حالة الحزن؟ هل يقينًا منا بأنَّ تلك اللحظات لن تعود مجدداً؟ الله أعلم.

هكذا هي السعادة على بساطتها في البيئة الشامية، ولكن ماذا عن السعادة في حياتنا اليوم في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل الاجتماعي واختلاف الأفراد في العائلة الواحدة وكثرة الهرج والمرج والقيل والقال، نعم ما زلنا نبحث عن السعادة في داخلنا، التي يجب أن تبدأ بحمد الله تعالى على الصحَّة والنعمة والعطاء ورفع البلاء، فما هي السعادة في تعريف علم النفس؟ تعرَّف السعادة في علم النفس بأنّها حالة من الرفاهية العاطفية والإشباع والطمأنينة التي يمرّ بها الشخص نتيجة التقييم الإيجابي لحياته وإنجازاته بشكلٍ عام، أمَّا بالمعنى الشعبي فهي حالة من الشعور بالرضا التي يمر بها الشخص الذي تحدث له أشياء إيجابية في لحظات معينة في حياته، وهنا علينا التفريق بين السعادة والفرح؛ فالفرح شعور مؤقت ناتج عن المؤثرات الخارجية كحصول المرء على شيء ما، بينما السعادة شعور دائم ناتج من عيش اللحظة الحالية المتاحة والاستمتاع بها، الفرح شعور ينبع من الخارج نتيجة المؤثرات المحيطة بالفرد، بينما السعادة شعور داخلي يعبر عن تجربة دائمة، السعادة نحن من يصنعها لنفسه، وبما أن الفرح ناتج عن المؤثرات الخارجية، بإمكاننا أن نكون فاعلين للفرح في حياة أشخاص من حولنا، وأن تمنح الفرح لغيرك ما هي إلا أبهى صور الإنسانية  اللامتناهية في العطاء، لنعمل على إسعاد غيرنا بكلمة طيبة أو تعامل حسن أو ابتسامة لطيفة ربما رسالة صباحية تحمل الكثير من الود على هاتفه المحمول أو زهرة بيضاء تحمل بين طياتها كل الخير للغير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *