اخر الاخبار

باليوم العالمي للمرأة.. الانتهاكات تتصاعد ضد النساء في سوريا

في مظاهرة خرجت من قلب العاصمة دمشق في عام 2012 عُرفت بمظاهرة “المزة”، شارك الآلاف فيها وهتفوا برحيل النظام السوري، تبدو المشاركة الكبيرة للنساء فيها، كمظاهرات وفعاليات أخرى على امتداد الجغرافيا السورية، وضمن مختلف المجالات.

إلا أن تلك المشاركة الفاعلة للمرأة السورية لسنوات، لم تمكنها من الوصول إلى مشاركة حقيقية، أو تطوير أنظمة وقوانين وتغيير عادات اجتماعية تجعل حياتها أفضل.

نشأت عشرات المنظمات والمؤسسات المعنية بالمرأة وحقوقها في سوريا بعد 2011، حاولت الانخراط في الحراك النسوي السوري، لكن تحديات عدة تقف بوجهها أيضًا.

وقالت نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، إن المرأة السورية لا تزال تواجه عنفًا رهيبًا، والنساء في سوريا مستهدفات بسبب آرائهن السياسية، وانتمائهن العرقي، والأدوار الواضحة التي يلعبنها.

وأضافت المسؤولة الأممية، عبر “إكس“، اليوم، الجمعة 8 من آذار، أن النساء السوريات يتعرضن للعنف والاغتصاب والتعذيب والإيذاء، والتهميش والتنمر، والتمييز ضدهن.

ورغم هذه المعوقات، يزداد صوت المرأة السورية قوة، فالنساء يسعين إلى مجتمع أكثر عدلًا ويعملن بلا كلل من أجل تكوين البيئة السياسية، ويدافعن من أجل الوصول إلى الحقيقة بشأن مصير ومكان وجود أحبائهن، وفق قولها.

الواقع سيئ

هناك العديد من التحديات التي تواجه المرأة السورية في مختلف مناطق السيطرة الممتدة على الجغرافيا السورية، بما في ذلك المشاركة السياسية، بالإضافة إلى الاعتقال والتعنيف وغيرها.

وأحصى تقرير لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” الانتهاكات الرئيسة الجسيمة التي تعرضت لها المرأة في سوريا منذ عام 2011، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة.

وبحسب التقرير الصادر اليوم، الجمعة 8 من آذار، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تعرضت نحو 16 ألفًا و442 سيدة للقتل على يد أطراف النزاع، نحو 12 ألفًا منهن قتلن على يد قوات النظام، وهو المسؤول عن نحو 73% من حالات القتل خارج نطاق القانون مقارنة ببقية أطراف النزاع.

ولا تزال نحو عشرة آلاف و205 سيدات قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، منذ آذار 2011، بينهن ثمانية آلاف و497 سيدة لدى قوات النظام السوري.

كما وثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 115 سيدة بسبب التعذيب، قتلت منهن 95 سيدة على يد قوات النظام، و14 سيدة على يد عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، وسيدتان على يد عناصر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ومثلها على يد فصائل المسلحة، وحالة على يد “هيئة تحرير الشام”، وأخرى على يد جهات أخرى.

كما وقعت ما لا يقل عن عشرة آلاف و63 حادثة اعتداء جنسي ضد السيدات، كانت سبعة آلاف و76 حالة منها على يد قوات النظام، و2451 حالة على يد عناصر “الدولة الإسلامية”، و16 منها على يد “قسد”، و19 حالة ارتكبتها فصائل المعارضة المسلحة و”الجيش الوطني”، وحالة على يد “تحرير الشام”، ما يجعل النظام مسؤولًا عن نحو 75% من حالات العنف الجنسي المسجلة لدى “الشبكة”.

الكاتبة والمديرة التنفيذية لـ”اللوبي النسوي السوري”، ريما فليحان، قالت ل، إن النساء السوريات يعانين من تحديات يتشاركن بها مع كل السوريين من جهة، ويدفعن ثمنًا أكبر من جهة أخرى.

وأوضحت أن الثمن يأتي كونهن نساء وبسبب تعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وتنامي ظاهرة العنف ضدهن وضد الفتيات والناشطات، سواء العنف الأسري أو بالمعنى الأوسع.

وأضافت أن النساء يتعرضن للتعنيف بالشارع و بالعمل وبمخيمات اللجوء، وتعرضن لانتهاكات خطيرة بمراكز الاعتقال والاختطاف وفي أثناء المعارك، ويتم تزويج القاصرات داخل سوريا وفي دول اللجوء، ولا تحظى النساء بالخدمات الصحية اللازمة، ويعانين نقص التعليم، مع استمرار “جرائم اللاشرف”.

من جهتها، قالت عضو الأمانة العامة لـ”الحركة السياسية النسوية السورية”، رويدا كنعان، ل، إنه في سوريا تعيش النساء ظروفًا صعبة، على رأسها الاعتقال في مختلف مناطق السيطرة، بالإضافة للمخاطر الناتجة عن الصراع وازدياد حالات العنف بسبب الفوضى.

وأضافت أن العديد من النساء مجبرات على العيش في مخيمات للنازحين ويفتقرن لأبسط مقومات الحياة، ويعانين من قلة الغذاء والدواء، بالإضافة إلى الاعتداءات والحرمان من الحقوق الأساسية في التعليم والعمل، عدا عن زواج القاصرات وارتفاع معدلات العنف.

وألقت ظروف الحرب في سوريا بثقلها على حياة السوريين بشكل عام، وكانت المرأة من ضحاياها، ودفعت ثمنًا وواجهت صعوبات من تعرض للقصف ونزوح وفقدان للمعيل.

واضطرت نساء كثر للعمل من أجل تأمين متطلبات عائلاتهن، وحملن على عاتقهن مسؤولية ذلك، وواجهن صعوبات، خاصة بالتوفيق والموازنة بين احتياجات المنزل ومتطلبات والتزامات العمل.

ويعزز الواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي الحالي شمال غربي سوريا الحاجة إلى مشاركة المرأة في العمل ودعم الأسرة، وهو أحد الحلول التي تسعى النساء من خلالها إلى تحسين واقع أسرتها ومجتمعها في مواجهة الظروف، وفق دراسة لـ”الدفاع المدني السوري“.

وتواجه النساء الراغبات في العمل معوقات أبرزها الافتقار إلى التعليم والخبرة وقلة فرص العمل المتاحة، فضلًا عن صعوبة الموازنة بين رعاية الأسرة والعمل، وعدم توفر وسائل النقل إلى أماكن العمل وعدم وجود شهادة علمية، وفق الدراسة.

استندت الدراسة إلى مقابلات مع 1746 امرأة ضمن 160 قرية في 32 ناحية بمحافظتي إدلب وحلب في كانون الثاني 2022، وأفادت 9% فقط من النساء أنهن تعرضن للمضايقات خلال العمل، وكانت الأرامل والمطلقات أكثر عرضة للمضايقات.

تحديات أمام المنظمات النسوية

وبقدر ما فتح انطلاق الثورة السورية في 2011 الباب أمام السوريين للدخول في العمل السياسي، إلا أن الظروف على الأرض لا يبدو أنها تساعد كثيرًا بهذا الأمر.

ورغم وجود عشرات التيارات السياسية السورية، فإن تمثيل المرأة فيها يبدو قليلًا للغاية، وسط صعوبات تواجه الراغبات بممارسة العمل السياسي.

إحدى أوجه الصعوبات، وفق فليحان، هي البيئة الآمنة الصالحة لممارسة العمل السياسي بالنسبة للنساء، وقالت ل، إن العديد من الهيئات والشخصيات الدينية والسياسية تعرض الناشطات ومنظمات المجتمع المدني والنسويات للخطر، بسبب خطاب الكراهية والتحريض.

كما تعرضت عدد من الناشطات للتهديد والانتهاكات وإغلاق مراكز عملهن وتم تناول عدد منهن بالأسماء على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى المنابر، وفق فليحان. 

وأوضحت أن هذه التهديدات تأتي بسبب عملهن بالشأن العام وحقوق النساء، ولا توجد بيئة آمنة لعمل الناشطات ولا جهة في سوريا تقوم بواجب الحماية.

فيما ترى كنعان أن “الحركة السياسية النسوية السورية” تواجه العديد من التحديات في عملها داخل سوريا، كالقمع من قبل النظام السوري وقوى سيطرة أمر الواقع، والوضع الأمني غير المستقر، ونقص الموارد المالية.

وتسعى الحركة للتكيف مع الظروف الحالية واستخدام وسائل جديدة للعمل كالسرية أحيانًا والتعاون مع الناشطات والمنظمات المحلية، بالإضافة للتركيز على العمل التوعوي ونشر ثقافة المساواة بين الجنسين، والتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية لدعم النساء داخل سوريا.

تأسست “الحركة السياسية النسوية السورية” في عام 2017، وتهدف إلى “النضال ضد نظام الاستبداد والمطالبة بالحرية والعدالة والكرامة لكل مواطنة ومواطن في سوريا”.

كما تهدف وفق الموقع الرسمي للحركة إلى “الدفاع عن حقوق النساء في بلادهن، من خلفيات فكرية وسياسية وفئات متنوعة من المجتمع السوري”.


المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *