اخبار عمان

انتخبوا الوطن | جريدة الرؤية العمانية

مرفت بنت عبدالعزيز العريمية

حديث المجالس هذه الأيام يدور حول انتخابات مجلس الشورى، وما هي إلا أسابيع تفصلنا عن اختيار مرشحين عن المجتمع في هذا المجلس المهم، والذي يُجسّد أهمية مُشاركة المجتمع في اختيار ممثليه الذين ينقلون قضاياهم وهمومهم إلى المؤسسات الرسمية للدفع بعجلة التنمية والتطور.

سؤال يتكرر كل عام عن كيفية اختيار الممثل الأفضل، وهو: هل يتحمل المجتمع اختيارته إن أخفق؟ ولماذا يستسلم البعض عاطفيًا ويختار ممثلًا عنه لا يعلم عن أدائه شيئًا قط؟!

هذا التساؤول يقودنا إلى موضوع الوعي بأهمية المشاركة المجتمعية وهل نحن مدركون تمامًا ماذا يعني أن أمنح صوتي لمرشح ما، وهل نحن معزولون عن المشاركة بإرادتنا أم بالتنشئة أم لأننا نشعر بالمسؤولية باتجاه المجتمع فنحجم عن المشاركة؟

تُعد المشاركة المجتمعية من أهم أدوات التي تدفع المجتمعات إلى النهوض وتساهم في تحسين مستوى حياة الأفراد الاجتماعية والاقتصادية، فمن خلال المشاركة الطوعية ندعم جهود التنمية بالآراء والأعمال، وبإزاحة العراقيل التي قد تعيق جهود التنمية.

المشاركة المجتمعية لا تأتي من فراغ؛ فالانخراط في العمل المجتمعي والإحساس بالمسؤولية الجماعية جزء من المواطنة الصالحة وهي تكتسب من خلال التشئة الأسرية والتعلم من خلال المؤسسات التعليمية. ومثلما هناك أسر تحرص على تعليم أبنائها المشاركة مع تعلمه المشي آخرون يرون أن المشاركة ليست إلا جزءا من وظيفة شخص ما في البيت أو خارجه؛ لذلك لا تجدهم متفاعلين مع أي عمل، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتجاوزه وينمو معهم فنراهم غير متفاعلين في بيئة العمل ويفتقرون للكثير من مهارات التي كان يمكن أن يكتسبوها من خلال المشاركة في وقت مبكر من حياتهم.

أعتقد أنه في العقد الأخير قلَّ الاهتمام بتنمية المشاركة المجتمعية لدى الناشئة ودعم المجتمع المحيط، وأذكرُ في طفولتي أن المدرسة كان لها أدوار كثيرة غير التدريس؛ فوظيفة الطلبة والطاقم التدريسي تتجاوز الأسوار إلى تنظيم حملات وفعاليات لتوعية المجتمع المحيط بمشاركة فعّالة من الأسر والمراكز الصحية لم يقتصر دورها على توعية المرضى بل كانوا ينظمون حملات توعية للمجتمع المحيط ويذهبون إلى المنازل حتى مع وجود الحملات التوعوية الإعلامية.

وقد كان للوزارات والشركات دور في المجتمع المحيط يتفاعلون ويشاركون، متجردين من مسمياتهم الوظيفة مما ساهم بشكل أو آخر في تعزيز العلاقة بين المؤسسات والمجتمع. اليوم نرى الفعاليات المجتمعية أغلبها تدار من خلال المؤسسات والفرق التطوعية، وحملات التوعية عادة ما تكون في الفنادق والمولات، وعلى شكل محاضرات جامدة ولغة تسويقية للحدث، لا تُحدث الأثر الكبير الذي نرجوه. فلماذا اخترنا لغة التعقيد في ترجمة مناشط تحتاج إلى الكثير من البساطة والسلاسة يستوعبها الطفل قبل الإنسان البالغ.

ماذا لو اخترنا التحرر من الرسميات والإنفاق على الديكورات وخلق فعاليات بفعل تشارك الجميع بحيث يساهم كل مشارك بمهاراته في انجاز الفعالية، ألن تكون المشاركات المجتمعية بالفعل مشاركة بين أبناء المجتمع الواحد ينمي المهارات ويحقق الهدف من الحملات المجتمعية على سبيل المثال.

يقيس البعض مستوى تحضُّر المجتمع وتطوره بمستوى مشاركة الأفراد في المحافظة على مكتسبات المجتمع، والسعي الدائم لبثّ روح المشاركة والتعاون لتنمية المجتمع المحيط وعدم الانعزال عن قضاياه. في مقابل ذلك البعض يفضل أن يكون متفرجا دون مشاركة على اعتبار أن الشأن العام له ناسه ومريدوه.

هناك من يحب أن يقارن بمستوى المشاركة في المجتمعات الأخرى وينادي بالمشاركة دون أن يشارك!

فهل نحن بحاجة إلى تعليم المجتمع كيف يكون متفاعلًا ويكون جزءًا من عملية التنمية يشارك ويساهم في رفع مستوى الوعي المجتمعي؟ هل نحن نواجه أزمة مشاركة أم أن القوالب التي وضعت فيها الحملات بحاجة إلى مراجعة؟

اليوم ومع اقتراب وقت اختيار المرشحين، ألا نحتاج إلى خطة لتوعية المجتمع كيف يختار المرشح عبر الوسائل المختلفة خطة لا تكتفي بمحلات تبث عبر الوسائل الإعلامية؛ بل تبدأ من المدارس نُعلِّم فيها الأجيال القادمة كيف يتحملون مسؤولية المشاركة وكيف يتخذون قرار الاختيار وفق أسس واضحة تعود بالنفع إلى المجتمع.

المشاركة المجتمعية تُساعد على المدى البعيد في اختيار الأفضل للاحتياجات والمطالب المجتمعية، وتُعزّز من الحلول المبتكرة والانسجام المجتمعي، وتسد الفجوات بالمجتمع؛ فباجتماع السواعد نبني الوطن وبالمشاركة نتجاوز المحن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *