اخر الاخبار

بعد عقود من العسل.. العلاقات الأمريكية السعودية مهددة “وقابلة للكسر”

Advertisement

وطن قامت الرياض بتحويل تركيزها من الولايات المتحدة إلى الصين وروسيا ودول أخرى، ضمن نهج عملي يتبعه حاكمها الفعلي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، لتنويع علاقاتها الخارجية والاقتصادية. فهل يعني ذلك تحولًا سياسيًا أيضًا؟

ويشار إلى أن الاجتماع الأخير بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، انتهى بمستوى عالٍ من الاتفاق على المبادرات المشتركة المحتملة بين البلدين، ولكن أيضًا مع “الاعتراف بمواضع الخلاف”، كما أخبر مسؤول أمريكي كبير وكالة “رويترز”.

هل انتهت عقود العسل بين السعودية وأمريكا؟

هذا الأمر وبحسب تقرير لـ”دويتشه فيله“، يسلط الضوء على حقيقة أن العلاقة السعودية ـ الأمريكية “لم تعد شراكة مضمونة أو غير قابلة للكسر”.

“العلاقة بين البلدين تدهورت، خاصة تحت رئاسة جو بايدن”، كما أوضح ستيفان رول، باحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن (SWP).

قد يكون سببًا آخر وراء تدهور العلاقات وهو مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018. حادث الاغتيال الذي دبرت له الرياض ويُتهم فيه ولي العهد بشكل مباشر، مما أدى إلى توتر العلاقات بين السعودية وأمريكا.

التقارب مع الصين

ويمكن التأكيد أيضا على تطور العلاقات الجيدة بين السعودية والصين، كما شوهد في ديسمبر الماضي، عندما أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة رسمية لمدة ثلاثة أيام إلى الرياض. وأراد أن يدشن “عصرًا جديدًا” بين البلدين، كما أعلن في ذلك الوقت.

هذا يشمل أيضًا المصالح الاقتصادية. على سبيل المثال، تم التوقيع على اتفاقيات استثمار بقيمة حوالي 50 مليار دولار (46 مليار يورو) خلال المحادثات، وفقًا لتعليقات أدلى بها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح.

علاوة على ذلك، ستزود المملكة الصين بـ 690,000 برميل من النفط يوميًا وبدورها، من المفترض أن تقوم الشركة الصينية للاتصالات هواوي بإعداد تكنولوجيا 5G الفعالة جدًا في المملكة.

تبرز هذه الاتفاقات سعي السعودية لتحديث أوضاعها، اقتصاديًا واجتماعيًا من أجل جعلها ملائمة لمستقبل مستقر ومزدهر بدون الاعتماد فقط على ثروة النفط.

تخفيف التوترات في الخليج

هذا وتتحرك الصين بسرعة لتأسيس دورها السياسي الجديد في المنطقة. ففي أبريل، صافح وزيرا خارجية السعودية وإيران بعضهما في بكين تحت رعاية الصين، لتعود العلاقات بين أكبر قوتين في المنطقة. يبدو أن خطر التصعيد المسلح في الخليج الفارسي قد تقلص بشكل كبير.

ويوضح ستيفان رول في حديثه للموقع: “مبدئيًا، لدى البلدين اهتمام في العلاقات الثنائية، ولكن السعودية بشكل خاص هي التي ترغب في ذلك”.

وأضاف أن التقارب مع إيران ضروري لتتسوية النزاع في اليمن حيث يتعارض الخصمان بشكل غير مباشر.

واستطرد الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن (SWP) أن “إنهاء الحرب ضروري حتى تتمكن السعودية من جعل نفسها أكثر جاذبية كموقع للأعمال والاستثمار، وتحرير الموارد المالية التي كانت مطلوبة سابقًا بسبب الحرب”.

كما لفت إلى أنه يعتقد أن الرياض “ممتنة للصين على عملها في الوساطة مع إيران”، مضيفا: “الولايات المتحدة على سبيل المثال، لن تكون قادرة على القيام بذلك”، حيث أشار إلى حقيقة أن الولايات المتحدة وإيران لا تحافظان على اتصالات دبلوماسية.

الحرب والنفط في روسيا

كما أعادت الرياض تقييم علاقاتها مع موسكو، وتتعاون مع روسيا حتى في الوقت الذي فرضت فيه الدول الغربية عقوبات على هجوم روسيا على أوكرانيا. بعد اجتماع أخير لمنظمة أوبك+، وعدت السعودية ببدء خفض إنتاجها من النفط بمقدار مليون برميل يوميًا اعتبارًا من يوليو.

ويبدو أن المملكة تتسامح مع حقيقة أن روسيا لم تعط أي ضمانات بأنها، بدورها، ستحد أيضًا من مستويات الإنتاج. منذ بداية هجومها على أوكرانيا وفقدانها للصادرات إلى أوروبا، كانت روسيا بحاجة ماسة إلى الصادرات إلى آسيا، خاصة الهند والصين، لتمويل الحرب.

التوجه نحو البريكس

تسعى السعودية أيضًا للتقرب من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا (دول البريكس). وخلال اجتماع في كيب تاون قبل أيام قليلة، ناقشوا فكرة قبول أعضاء جدد. وتعد السعودية جذابة لهم كمستثمر محتمل في بنك التنمية الجديد للبريكس.

قد يوفر انضمام السعودية الى هذه الدول العديد من الشراكات المحتملة وتعزيز العلاقات التجارية. في الوقت نفسه، ستنمو هذه الكتلة التي تمثل بالفعل 30٪ من استهلاك النفط و 22٪ من استهلاك الغاز عالميًا كموازنة لسوق الطاقة الغربية.

الانضمام إلى دول البريكس قد يساعد أيضًا السعودية على أن تصبح لاعبًا سياسيًا رئيسيًا. إذا كانت المنافسة بين الغرب وكتلة القوة الشرقية المحتملة حول روسيا والصين على وشك التصعيد، فإن السعودية ستكون لديها علاقات جيدة مع كلا الجانبين.

فنزويلا إلى إسرائيل

تعتبر زيارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأخيرة إلى الرياض، مؤشرًا آخر على سياسة السعودية في إقامة علاقات جيدة مع العديد من الدول، حيث تظهر السعودية أنها ستشكل سياستها الخارجية وفقًا لمعاييرها الخاصة.

ومع ذلك، يتضح أن السعودية ترغب أيضًا في مواصلة تطوير علاقاتها مع العالم الغربي من خلال علاقتها مع إسرائيل. فحتى لو لم تقم المملكة على عكس بعض جيرانها بتطبيع علاقاتها رسميًا مع دولة الاحتلال بعد، فإنها ملتزمة بالحفاظ على علاقة جيدة معها على الرغم الاحتجاجات العربية والفلسطينية.

واختتم رول تحليله بالقول: “السعودية ترى أن إسرائيل قد تكون شريكًا مفيدًا في مواجهة إيران”، وأضاف أن الرياض ترى أيضًا أن العلاقة مع إسرائيل قد تكون مفيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *