اخبار عمان

الاهتمام بالشباب | جريدة الرؤية العمانية

 

سالم البادي (أبو معن)

 

الكل يشعر بالاطمئنان والتفاؤل والفخر عندما تصبح نسبة الشباب في بلادنا مرتفعة، وهذا يشعرنا بأن بلادنا ما زالت فتية وقوية وشابة، وكيف لا وهم المستقبل وهم الثروة الوطنية الكبيرة التي لا تقدر بثمن، وبلا شك هذا يجعلنا نطمح من خلالهم في حصد النجاحات والتفوق في جميع مجالات الحياة، ويحفز الاستقرار والتميز على المستوى المحلى والدولي.

عندما ترتفع نسبة الشباب في أي دولة فلا بد أن يقابل هذا خطط تنموية بعيدة المدى واستراتيجيات تعنى بالشباب، مما ينعكس على المجتمع بأكمله، وهنا أعني الشباب والشابات، وتحفيزهم وتشجيعهم والأخذ بأيديهم ودعمهم وإطلاق العنان لهم ولمداركهم لتفعيلها وتنفيذها في بناء الوطن.

وبما أن فئة الشباب هي العمود الذي يرتكز عليه أي مجتمع في العالم ويحددون مستقبله، فالفئات الأخرى كالأطفال والمراهقين وكبار السن يعتمدون عليهم، فحاضر ومستقبل الأسر والمجتمعات والبلدان بين أيديهم، ودورهم الوطني يكمن في بناء الأوطان، كما لهم دور في الحفاظ على ثقافة البلد وعاداته وتقاليده ومبادئه وقيمه، وتاريخه وتراثه.

الشباب مستقبل الدولة وهم رصيد وثروة الوطن. وعلى جميع مؤسسات الدوله أن لا تكون بيئة طاردة للشباب، حتى لا يفكروا بالهجرة منذ صغرهم، وحتى لا يصيبهم اليأس والخوف والتخاذل والتقاعس بعد ما يشاهدون معاناة ومأساة زملائهم وإخوانهم  “الباحثين عن عمل ” من تأخير في التوظيف وتدنٍ في الأجور وقلة الوظائف والمهن في سوق العمل، فإن هذا بلا شك سيؤدي إلى مؤشر خطير للغاية وينعكس على مستقبل الوطن، لذا على أصحاب المسؤولية والحكومة العمل بجدية على تقليص وإزالة التحديات والصعوبات التي تواجه الشباب وكلنا على علم بها، ومنها للتذكير قضية ” الباحثين عن عمل، الفقر، الأمان الوظيفي، وانتشار الجرائم، وانتشار المخدرات والإدمان وغيرها .

لنكن جميعا حكومة وشعبا بيئة حاضنة للشباب نحفزهم ونشجعهم على التعلم والتعليم ضمن منظومة مجتمعية لمستقبل زاهر ومزدهر، فقوة الوطن لا تأتي إلا من شبابه، فهم من يرسمون المستقبل ونستشرفه من خلالهم، بعلمهم وعملهم الدؤوب ومبادراتهم الفاعلة وأفكارهم الريادية والإبداعية ضمن المجتمعات المحيطة والمحلية والدولية.

 الشباب مسؤولية وأولوية، لذا نود التأكيد على أهمية أن قضايا الشباب لا بد أن تكون في صلب اهتمامات “الحكومة” وبرامجها وخططها المستقبلية الطموحة، وأن قضية الباحثين عن عمل من القضايا المؤثرة في مستقبل وطننا العزيز، لذا يجب مواجهتها بأسرع وقت ممكن وبما يتناسب مع خطورتها من خلال العمل والاهتمام والجدية وإيجاد الحلول المبتكرة السريعة، ولا سبيل أمام هذه القضية للخروج من المأزق سوى أن يتم دراسة المشكلة وتحديد أسبابها، ورسم استراتيجية موحدة وشاملة للخروج منها، وبدون تضافر الجهود الوطنية فإنّ هذه القضية سوف تزداد وتتفاقم مع الأيام ويزيد تأثيرها السلبي على الواقع، فلا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها قدرا مكتوبا أو عدم توفيق للأفراد الباحثين عن عمل أو بسبب كثرة أعدادهم أو بسبب قلة الشواغر أو قلة الموارد المادية وغيرها؛ بل هي في المقام الأوّل قضية إنسانية وسياسية واقتصادية واجتماعية لها عواملها ومسبباتها، ويجب الحد منها والتغلب عليها حتى لا تسبب أزمة أخرى على المدى الطويل، ولا ضير في الاستفادة من تجارب وخبرات دول سبقتنا في هذا المجال مثل تجربة اليابان.

وتعد فئة الشباب هي القوة والعزيمة والإرادة الحقيقية للوطن، وهي الطموح والنشاط والحيوية، فقد أشار الإسلام للمكانة العظيمة للشباب في الإسلام، وأهمية الشباب في بناء الأمم، وبناء حضارتها ورقيها، وجعل منهم قدوة للأجيال التي تأتي من بعدهم.

ومن الصحابة رضوان الله عليهم من كانوا قدوة حسنة ومثالا حيا للشباب ودورهم الهام في المجتمع وبناء حضارته سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاذ بن جبل، وكعب بن مالك، وأسامة بن زيد، رضوان الله عليهم .

وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ما بعث الله نبيا إلا شابا، ولا أوتي العلم عالم إلا شابا، ثم تلا الآية: “قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ” (الأنبياء: 60)، وقد أخبر الله تعالى به ثم أوتى يحيى بن زكريا الحكمة قال تعالى: “وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا” (مريم: 12) وقال تعالى: “إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ” (الكهف: 10) وقال جل شأنه: “إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى” (الكهف: 13).

هكذا الشباب هم عماد الأمة وهم سر نهضتها، وبناة حضارتها، وهم من يدافعون عن أرضها .

والشباب هم من يصنعون الحضارات، وهم من يصنعون القرارات المصيرية التي يتحدد خلالها مصير الدول، وهم الأيدي العاملة التي تبني بسواعدها نهضة الأمم، لذا لزم على الدولة أن تهتم بالشباب وكذلك الاهتمام بتربية النشء تربية ثقافية وفكرية صحيحة، لأن شباب اليوم هم رجال وقادة الغد، هم من يرسمون مستقبل  الدولة.

ولذلك يتعين العمل على إيجاد سبل لزيادة الدخل بين أفراد المجتمع، وإيجاد فرص عمل جديدة ومبتكرة للشباب في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية والسياحية والزراعية والترفيهية والحرفية وغيرها، وزيادة برامج التدريب والتأهيل المهني في مجالات الأعمال الحرة والتجارية والصناعية والزراعية والأعمال الحرفية بحيث تضمن العمل للشباب، وإعادة النظر في السياسة التعليمية بحيث تقوم هذه السياسة بدراسة الاحتياجات الفعلية لسوق العمل في كافة القطاعات.

كما نقترح إنشاء “صندوق تنمية الشباب” بما يساعد على الوفاء بمتطلباتهم واحتياجاتهم الخاصة.

إن صلاح المجتمعات من صلاح شبابها، لذا من الضرورة بمكان احتواء الشباب وتربيتهم على العيش في ظل رسالة سامية، وتحصينهم بالعلم والمعرفة والثقافة والفكر والإبداع والابتكار العلمي والتقني وتحصين عقولهم من الأفكار الهدامة السامة، وحماية عقيدتهم، وتثبيت  دينهم، لأنهم صمام حياة هذه الأمة وبدونهم لن نستطيع النهوض أو التقدم فهم مبعث الحضارة وعنوان المستقبل.

وأختم بقول الشاعر في الشباب:

إذا أردت تقدمًا ونجاحًا

فأملأ العمر همة وكفاحًا

في حياة يشقى بها كل حي

وزمان يرى الفساد صلاحًا

واركب الصعب كي تفوز بنجاح

إنَّ في نيلك النجاح فلاحًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *