اخر الاخبار

تحت ضغط الفقر.. “حسكاويات” يتطلعن للزواج خارج الحدود 

الحسكة – مجد السالم

بعد أكثر من عشر سنوات على الصراع في سوريا، وبعد أن تدهورت حال البلد وأصبح المستقبل أمام أبنائه “مجهولًا”، تجد الفتاة هنادي الحسون (24 عامًا) أسبابًا كثيرة تدفعها إلى “تفضيل” الزواج من شاب مقيم خارج سوريا في إحدى دول الجوار أو الدول الأوروبية.

هنادي مثل عديد من فتيات محافظة الحسكة، اللواتي أبدين على مدى السنوات القليلة الماضية تفضيلهن الزواج من شباب مقيمين خارج سوريا، وخصوصًا في أوروبا، حيث الدخل المادي الأفضل بين دول اللجوء.

وقالت هنادي ل، إنها واحدة من عديد من الفتيات اللواتي “فقدن الأمل في العثور على شريك حياة مناسب داخل مجتمعاتهن المحلية، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والحرب المستمرة في سوريا”.

نتيجة لذلك، حولت نظرها “إلى أوروبا، حيث الإمكانية لمستقبل أكثر إشراقًا”.

وتحلم هنادي بالزواج من سوري مقيم في ألمانيا أو السويد، إذ تعتقد أنها ستكون لديها فرصة أفضل لعيش “حياة مريحة” وتأمين مستقبل مستقر لها ولأطفالها، على حد تعبيرها.

ومثل هنادي، رصدت لدى عديد من الفتيات آراء حول أن زواجهن سيكون وسيلة للخروج من الظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا، وفرصة لبدء حياة جديدة في بيئة أكثر استقرارًا، على الرغم من تخوف بعض الأهالي من صعوبات قد تواجه بناتهم فيما يتعلق باختلاف الثقافات والعادات التي تظهر بين أبناء المحافظات السورية، وحواجز اللغة و”الغربة” في البلد الجديد.

تهوى الشابة ولاء (21 عامًا) العمل في مجال الإعلام، على الرغم من دراستها في فرع الآثار بجامعة “الفرات”، وترى في الزواج من شاب “تحبه” ومقيم في ألمانيا فرصة لتحقيق رغبتها بممارسة العمل الإعلامي عند الزواج منه، والانتقال للعيش هناك بعيدًا عن “اعتراض” أهلها كونهم يرون فيها مهنة “تجلب المتاعب” في سوريا “خصوصًا للإناث”.

تتواصل ولاء مع خطيبها يوميًا عبر تطبيقات الدردشة، وتخطط معه لـ”الحياة الجديدة” التي تنتظرها في ألمانيا.

قالت الشابة، إن “عديدًا من الشبان” من مدينتها تقدموا لخطبتها، ولكنها ترفض فكرة الارتباط بأحد منهم، “لأنه لا مستقبل لهم، فمنهم من هو مطلوب للخدمة العسكرية سواء للنظام أو (قسد)”، ومنهم من يعمل لكن دخله الشهري لا يكفي “لتأسيس منزل”، وفق تعبيرها.

وبحسب موقع “Salary explorer”، المختص بأرقام سلم الرواتب والأجور حول العالم، بلغ متوسط الراتب الشهري في سوريا خلال العام الحالي نحو 149 ألف ليرة سورية.

ورفعت “الإدارة الذاتية” الأجور الشهرية للعاملين في مؤسساتها إلى 520 ألف ليرة سورية كحد أدنى، بدءًا من آذار الماضي.

عملية معقدة

الزواج من شاب مقيم خارج سوريا، كان قد خرج قبل ذلك بسنوات إلى أوروبا برحلة لجوء محفوفة بالمخاطر استغرقت أشهرًا، ليس من الأمور الاعتيادية أو الروتينية.

وبحسب المحامي عبد الرحيم سليمان، المقيم في الحسكة، فإن إجراءات الزواج عندما يكون الزوج “مغتربًا” تتطلب اجتياز معاملات قانونية و”بيروقراطية معقدة”، من أوراق لمّ شمل وغيرها، والحصول على التأشيرات.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون الاختلافات الثقافية وتحدي التكيف مع مجتمع جديد عقبات كبيرة للعروسين، ما يفشل الزواج بعد مدة من الزمن، وهناك عديد من الحالات التي صادفها سليمان في أثناء عمله انتهت بالطلاق، وفق حديثه ل.

أما عندما تكون هناك معرفة سابقة بين الشاب والفتاة وبين عائلتيهما، أو عندما تكون الفتاة على صلة قرابة من الشاب، فتكون العلاقة أفضل.

وبعد وصول العروس ريم الحسين (19 عامًا) إلى تركيا، حيث التقت مع خطيبها الذي كان من المقرر أن تكمل طريقها معه إلى إحدى الدول الأوربية، وعقب عام من المحاولات الفاشلة، ونشوب خلافات مع خطيبها حول كيفية وآلية “تهريبها” إلى أوروبا واعتراض الأهل خوفًا على حياة ابنتهم، اضطرت الشابة للعودة إلى سوريا.

وبحسب ريم، فإن هذه التجربة كلّفتها وأهلها كثيرًا من التعب والإرهاق النفسي والخوف والترقب، عدا عن الخسائر المادية والخلافات التي نشبت بين العائلتين.

تحتل سوريا المركز قبل الأخير كأسوأ البلدان للعيش بالنسبة للنساء من إجمالي 170 بلدًا بعد أفغانستان، بحسب تصنيف معهد “جورج تاون” الأمريكي.

وبحسب إحصائية شاركتها وكالة “سبوتنيك” الروسية، في أيلول 2022، من مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية السورية، بلغت نسبة “العنوسة” في سوريا 70%.

وفي 5 من شباط الماضي، سلّطت عنب بلدي الضوء من خلال قصص شابات وشبان سوريين، وآراء خبراء واختصاصيين، على دوافع الطرفين لاختيار الزواج عبر الإنترنت وسفر الشابات، وقياس أثر التجربة عليهما اجتماعيًا ونفسيًا.

وأوضحت حالات استغلال تعرض لها الطرفان، وموقف القانون من ذلك، بالإضافة إلى تقديم توصيات يمكن أن تحدّ من الأثر السلبي للتجارب الفاشلة.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *