اخبار عمان

التوظيف | جريدة الرؤية العمانية

 

 

سليمان المجيني

[email protected]

التحدُّث في القضايا الشعبية، أو التي تلقى رواجا بين الناس كقضية التوظيف خصوصا في القطاع الخاص، يحتاج إلى التجرُّد قليلًا من الذاتية، والتحدُّث بمسحة موضوعية، هذا الأمر يجعل التغلغل في مسائل التوظيف بهذا القطاع مسألة سهلة، خصوصًا وأنَّ الشواغر لا تقل عن أعداد الباحثين عن عمل، بل تزيد!

شعور الوعي الجمعي بأنَّ بعض المهن والوظائف قريبة جدًا من المواطن، يستطيع الانخراط بها وممارستها، لكنه في نفس الوقت يعتقد أن بعض الأيادي غير السوية تحاول إبعاده بشتى الوسائل خصوصا الأجنبية منها، هذا الشعور يُولد إحباطا كبيرا لدى الباحث عن عمل، وحتى لو وجد عملاً يشعر أن شبحًا كهذا يلاحقه، وأن استقراره مهدد، وأن مكانته منتزعة في وطنه.

سوف أطرح هنا رأيًا مجردًا وموضوعيًّا يرتكز على مصلحة الطرفين: صاحب العمل والباحث عن العمل، ويدخل في المصلحة “الاقتصاد والأمن الداخلي، والأسرة العُمانية”، وربما تتفرع المنافع لمراكز وأشخاص آخرين.

خطتي تُوثق مبدأ المصلحة وتتفرع بين القطاع الخاص والحكومي والموظف في القطاع الخاص، وهنا سيكون على وزارة العمل دور ريادي كبير لتحقيق المبتغى منها، بل سيكون على الوزارة تجنيد موظفين أكفاء لغرض الخطة، علينا أولا الاطلاع على هياكل بعض الشركات الكبيرة ومعرفة تقسيماتها وهي مُهمة جدًّا لموضوعنا، ومن المهم ترك بعض الشركات التي تحتوي على تعقيدات فلا نقف في بحثنا مع العقبات حتى يتم التفرغ لها، أقصد بها تلك الشركات التي تتعمد إعطاء بيانات غير صحيحة أو تماطل كثيراً في الاستجابة، وأيضا تلك الشركات التي تعاني في أعمالها.

بعد الاطلاع على الهياكل والتقسيمات الصغيرة للشركات المقصودة لمرة واحدة ومتابعة التغييرات، على المعنيين التعرُّف على شاغلي المناصب من أصغرهم إلى أكبرهم، وكذلك التعرف على رواتبهم وأيضًا مؤهلاتهم العلمية ما أمكن ذلك، بعد هذه العملية سيكون لدينا أرشيف كامل وسيتطلب منَّا تحليل هذا الأرشيف، وحساب أعداد الشواغر التي يمكن للعماني ملؤها بدلا عن الأجنبي.

بعد اكتساب المعلومة، علينا العمل على تدريب المؤهلين الذين تمتلك وزارة العمل بياناتهم من العمانيين في هذه الشركات لمدة معينة بمكافأة حكومية مقطوعة، واحد في كل منصب وعلى المسؤول المواطن أو الأجنبي تقييم هذا المتدرب من جميع النواحي العلمية والإدارية، بعد التدريب المتفق عليه ينظر إلى التقارير المختلفة للشركات.

سنجد مُعظمها لا تلبي الطموح المنشود، وهذا مُتوقع من خلال واقع الأحداث التي نسمعها من عدم الرغبة في الموظف العُماني بسبب الولاءات الخارجية لبعض الشركات، ولعدم وجود الكفاءة (كما يصرح البعض منهم)، وربما بسبب طبيعة حياة العُماني فهو يحتاج إلى بعض المرونة في مسائل الإجازات أو الرخص الجانبية، إضافة لإجازة نهاية الأسبوع بينما تجد هذه الشركات العامل الأجنبي في أي وقت وحياته غير مُقيدة مثل العُماني، أعتقد أنَّ لهذا الأمر أصولا تعتمد على طبيعة الأعمال وفكر العامل أو الموظف العُماني، إذن يجب أن يتغيَّر إلى عقلية السوق وفكرة الإنتاج والربح؛ فكبرى الشركات العالمية حاولت أن تعمل بالحد الأدنى وتخلت حينها عن العديد من موظفيها في سبيل تقليل التكلفة، حتى وقفت مرة أخرى كمارد اقتصادي عالمي، ولسنا بحاجة للقول إنَّ المفاضلة ستكون بين المنتج وغير المنتج فالسوق لا يفاضل بالجنسية بل بالمصلحة.

وعلى العُماني المنخرط في هذا القطاع التعاطي مع لغة السوق والأخذ والعطاء؛ فمسائل الولاء تُبنى على هذه النقطة بالذات، علينا هنا وبعد وصول التقارير المطلوبة دراسة الأسباب بكل دقة وحيادية، هل الإخفاق في الحضور والانصراف؟ هل الإخفاق في السرعة أم الدقة أم الكفاءة المهنية أم أشياء أخرى قد تحددها استمارة التقييم؟ نحاول تحليل التقارير، تفتيت عدم القبول الذي تم افتراضه، تقسيمه بهدوء ودراسته بتأنٍ كبير.

وطرح مسائل التمكين للمستثمر الأجنبي أمر مهم، فما المانع من امتلاكه لمشروعه أو شركته بكوادر محلية مدربة حكومياً تبلغ 90% مثلا، ووضع صندوق مدروس بشكل جيد للإعانات أو الأمان الوظيفي وحساب الحد الأدنى للعيش ومواجهة متطلبات الحياة للموظف المواطن لمواجهة الأزمات التي تتعرض لها الشركات بحيث يبقى هذا المواطن في دائرة العطاء وعدم فقدان الأمل حتى يجد عملاً آخر بمزايا قريبة على الأقل من مزاياه في وظيفته القديمة، والاقتصاديون يعلمون الأخطاء الجسيمة التي وقعت مسبقًا في هذا الجانب.

السير في هذا الاتجاه أفضل، البناء أفضل، مواجهة الواقع أفضل، والعمل على محاولة تغييره أفضل بكثير للأسرة العُمانية وللاقتصاد وحتى للأمن وأشياء أخرى قد تكون خافية علينا في الوقت الراهن، النظرة الشاملة للمجتمع تُولِّد شعورا نحو التطور والتنمية، وتدريب المستهدفين بلغة السوق أفضل بكثير عن التوظيف غير المدروس، الاستثمار في هذا الجانب سيؤتي بثماره مستقبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *