اخبار الإمارات

ناشطو السلام في إسرائيل ثابتون على موقفهم إزاء الصراع

في الأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية في القدس ناشطين من الحركة الشعبية «نقف معاً»، التي تعمل على تحسين العلاقات بين المواطنين اليهود والفلسطينيين في إسرائيل. وكان أعضاء المجموعة يعلقون ملصقات مكتوب عليها «سنتجاوز هذا معاً» باللغتين العربية والعبرية.

يقول زميل مشارك في «تشاتام هاوس»، يوشي ميكيلبيرج، الذي تركز أبحاثه على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إن التوترات العالية والخوف من العنف في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر، أبقت الشرطة الإسرائيلية في حالة من التوتر.

ويوضح ميكيلبيرج، «بالنسبة للشرطة، الصبر في مستوى أقل من الصفر في الوقت الحالي»، متابعاً «إن عملهم ليس سهلاً، والجو السائد في إسرائيل الآن هو أن الصبر على حركة السلام قليل جداً. وأنا أقول هذا كشخص كان جزءاً من حركة السلام طوال حياته».

إن اعتقال الناشطين الإسرائيليين في بلادهم هو من علامات التحول. ويقول المدير الوطني لمنظمة «نقف معاً»، ألون لي غرين، «إذا حدث هذا من خلال لافتة بسيطة تقول إن العرب واليهود سيتجاوزون هذا الأمر معاً؛ تخيل ماذا سيحدث إذا قلت شيئاً علنياً ضد الحرب». ويقول غرين إن منظمته، والعديد من جماعات السلام الأخرى، في إسرائيل، لم تحتج على الحرب في غزة، لأن الاحتجاج خطر للغاية. ويقول «إذا خرجت إلى الشارع وحملت لافتة أو شعاراً ضد الحرب، فمن الممكن أن تموت».

إن الحرب ضد حماس تحظى بدعم كل شرائح المجتمع الإسرائيلي تقريباً، يقول غرين، «على الرغم من أن الغضب مرتفع، إلا أنه لا توجد احتجاجات مناهضة للحكومة أو للحرب. وليس هناك الآلاف من الناس في الشوارع».

إسكات المعارضة

وكتبت كبيرة المحللين الإسرائيليين في مجموعة الأزمات الدولية، ميراف زونسزين، على موقع «إكس»، يوم الإثنين، «يرجع ذلك إلى الخوف، وعدم وجود بديل، وإسكات المعارضة». وتضيف زونسزين، «كونك ناشط سلام في إسرائيل يوصف هذه الأيام بأنه خائن، أو شخص يهتف للفريق الآخر».

ويقول المصور الإسرائيلي الذي يعارض الحرب في غزة، ماجن عينون، «يعتقد الناس أنك تكره شعبك، فأنت معاد للسامية تلقائياً». وكان ابن عمه واحداً من بين 200 إسرائيلي تم اختطافهم، في هجوم حماس في السابع من أكتوبر، والذي خلف 1400 قتيل في إسرائيل، ويقول عينون إن عائلته وأصدقاءه كثيراً ما يخبرونه أن معتقداته «متطرفة للغاية».

ويضيف عينون، «إنهم يعتقدون أنني لا أرى إلا عيوب (الحكومة)، ولا أرى إلا ما هو سيئ»، متابعاً «لكنني أود أن أقول إنني أحدق في الواقع كما هو». ويرى المصور الإسرائيلي أن الحصار على غزة، والغارات الجوية المستمرة يضعان العديد من مواطني غزة في وضع يائس، ناهيك عن عدد القتلى الذي تجاوز 5000 شخص. ويقول عينون إن الفلسطينيين الذين يجدون أنفسهم في مواقف يائسة من المرجح أن يدعموا جماعات مسلحة مثل حماس؛ لذا فهو يريد من الحكومة الإسرائيلية أن توقف هذه الموجة الجديدة من العنف.

ويتابع عينون «الشيء الذي يحفزني على الاستيقاظ في الصباح هو حقيقة أن لدي طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات، وأريد حمايتها من هذه الفظائع»، مردفاً «لا أشعر بأنه يجب أن تعيش الصدمات والمآسي نفسها التي عاشها جيلي وجيل والدي والجيل الذي سبقهم».

وهذا مصدر قلق ردده خبراء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي ذلك، يقول ميكيلبيرج من «تشاتام هاوس»، «إذا كان هناك نقص في الأمل، ونقص في الحقوق السياسية، فهذا هو المكان الذي يزدهر فيه التطرف». ويضيف أن العديد من الإسرائيليين المؤيدين للسلام أصبحوا أكثر تشدداً في أعقاب هجوم حماس. ويشعر ميكيلبيرج بالقلق من احتمال حدوث اتجاه مواز في غزة. ويضيف «يلجأ بعض الناس إلى التطرف في أوقات الغضب».

ويقول نوي كاتسمان، وهو طالب في جامعة بن غوريون، قُتل شقيقه في هجمات حماس، إن الحكومة الإسرائيلية فشلت في حماية مواطنيها، وإن الحرب المستمرة «ستعرّض حياة الإسرائيليين للخطر على المدى الطويل». ويضيف كاتسمان، الذي يستخدم ضمير «هم» خلال حديثه، «إنهم يفهمون سبب دعم الكبير من الإسرائيليين للحرب، لكنهم رغم ذلك يشعرون بالحزن بسببها»، ويتابع الطالب الإسرائيلي «أعتقد أن الناس غاضبون للغاية، وخائفون للغاية، ويريدون الانتقام، ولكننا لن نكسب أي شيء من هذا الوضع».

تسوية سلمية

منذ عام 2005، شنت إسرائيل 16 عملية عسكرية كبرى ضد السكان المدنيين في غزة. ولم يجلب أي منها السلام والأمن للإسرائيليين. ولم يمهد أي منها الأساس لأي نوع من التسوية السلمية، بل لم يقم كل منها إلا بزراعة بذور الجولة التالية. ويرى الناشطون أن الطريقة الوحيدة لحماية حياة ورفاهية الشعبين، وحماية المدنيين الأبرياء من الأذى، هي من خلال المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، على أساس قرارات الأمم المتحدة، الذي من شأنه أن يُنهي الاحتلال ويؤمن الحرية والعدالة والاستقلال لكلا الطرفين. ويعتقد دعاة السلام الإسرائيليين أن هذا ليس تضامناً مع الفلسطينيين فحسب، بل الأمر يتعلق بحياتهم وعائلاتهم؛ بينما يرى آخرون أنها «مصلحة إسرائيلية حقيقية».

ومن جهته، يقول غرين، «أبعد من ذلك، وليس أقل أهمية، نحن المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل، نؤمن إيماناً عميقاً بأن شفاءنا من هذه الصدمة الهائلة يستلزم العيش معاً في المساواة وتصور مستقبل مشترك»، متابعاً عندما نحزن معاً، وعندما نعمل جنباً إلى جنب، لإحداث التغيير في مجتمعاتنا، فإننا نظهر لأنفسنا ولعائلاتنا أننا قادرون على السباحة ضد التيار ضد محاولات حكومتنا لخلق حواجز بيننا».

• 16 عملية عسكرية كبرى شنتها إسرائيل ضد المدنيين في غزة، منذ 2005.

• كانت الرسالة التي أثارت حفيظة الشرطة، التي أطلقها هؤلاء، هي شعار «أيها اليهود والعرب، سنتجاوز هذا معاً».

• يرى الناشطون أن الطريقة الوحيدة لحماية حياة ورفاهية الشعبين، وحماية المدنيين الأبرياء من الأذى، هي من خلال المفاوضات.

• يعتقد دعاة السلام الإسرائيليون أن هذا ليس تضامناً مع الفلسطينيين فحسب، بل يتعلق الأمر بحياتهم وعائلاتهم.


واقع مظلم

يقول الناشط في حركة «نقف معاً»، ألون لي غرين، «تصرفات حكومتنا (الإسرائيلية) تخلق المزيد من الحواجز والكراهية والخوف بين سكان إسرائيل، وتحد أيضاً من الحريات الديمقراطية الأساسية». واعتقلت الشرطة الناشطين اليهود والفلسطينيين من حركة «نقف معاً»، وهي الحركة اليهودية العربية الشعبية في إسرائيل، الذين ذهبوا لتعليق ملصقات ثنائية اللغة في القدس، وصادرت ملصقاتهم. وكانت الرسالة التي أثارت حفيظة الشرطة، التي أطلقها هؤلاء، هي شعار «أيها اليهود والعرب، سنتجاوز هذا معاً».

وفي هذا الواقع المظلم، «نريد أن نبني البديل»، وفقاً لناشطي «نقف معاً»، الذين يعتقدون أن هذه العواقب المدمرة للهجوم الذي شنته حماس ليست حتمية.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *