اخبار عمان

أحمد الخليلي.. القابض على جمرة الحق

 

مسعود الحمداني

[email protected]

 

الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مُفتي عام السلطنة، رجل بأمّة، صمته حكمة، وحديثه جهاد، لم يتخلّف يومًا عن التصريح بما يمليه عليه إيمانه، وعقيدته، وإنسانيته، ظل صامدا كجبل، وشامخاً كرمح، هاجمه المتخاذلون، وشتمه الجهلة، واتهمه المنبطحون بشتى أنواع التهم، فترفّع عن الرد، وعلا عن سفاسف الأمور، وسما عن التجهيل، ومضى في طريق “الحق الدامغ”، لم يأبه لمثبط، ولم يلتفت لجاهل، ولم يجب على متخاذل، لأنَّه يرى أنَّ قوة الأمة في وحدتها، وأن “المعارك الكلامية” الهامشية مضيعة للوقت، وتفتيت للوحدة، والقوة.

وحين صمت كثيرٌ من علماء المُسلمين، وتغافلوا عن قضايا الأمة، ونسوا دورهم الجهادي، وتواروا خلف المناصب، والكراسي، وآثروا السلامة، يأكلون من موائد الحكّام، ويأتمرون بأمر الشياطين، واقتصر دورهم على تكفير مخالفيهم من المذاهب الأخرى، وإصدار الفتاوى حسب مقاسات المواقف، وحسب تفصيل الخياط وليّ لقمتهم، وتسفيه أصحاب الحق، والدعوة إلى مصالحة العدو، وتجريم المقاومة المشروعة، خرج الشيخ أحمد الخليلي مجاهرًا برأيه، شجاعًا في مواقفه، لم يلتفت للسياسة، ولم يعر التخاذل التفاتًا، ولم يسمع لقول ثرثار، ولم يخشَ في الله لومة لائم، فصدح بالحق، وجاهد بالكلمة، وفضح أولئك المتخاذلين، ونسف نظرية الغوغاء، ومدعي التدين، والتدبّر، واحتسب ما يقوله عند الله، وترك ما دون ذلك لأصحاب الفتاوي الجاهزة، ومفتّتي عضد الأمة، ومخدّري عقول العامة، وسار في طريق الحق، رافعاً راية الدين، وتاركاً أمر سفهاء القوم لربّ القوم، “وعند اللهِ تجتمعُ الخصومُ”.

هذا الرجل الوقور، ذو الواحد والثمانين عامًا، المتكئ على عصا الحق، الزاهد في الكراسي، والمناصب، الباذل حياته للعلم والدين والعمل به، شحّت الأمة بمثله في زمن جار فيه الظالمون، وبغي فيه الطغاة، وعاث العابثون فسادًا في الأرض، وارتهن كثير من علماء الدين إلى الراحة وهدوء البال، وأدمنوا السمع والطاعة لولاة المال، فلم يعودوا سوى دمى تتحرك، وألسنة تلهج بالشكر والثناء لأصحاب المناصب، وتمسكوا بالكراسي، وزهدوا في الآخرة، وآثروا الحياة الدنيا، وغرّتهم الأماني، وغرّهم بالله الغَرور، وبقي الشيح أحمد الخليلي وثلة قليلة من علماء الدين في العالم الإسلامي على المحجة البيضاء، قابضين على الجمر، صادحين بالحق، صادقين العهد مع الله، لم يخذلوا دينهم، ولم يشتروا به ثمنًا قليلًا.

هكذا هم علماء الأمة الحقيقيون على مر الزمان، كبارا بفعالهم، عظماء بمواقفهم، خالدون بمآثرهم.. لله در هؤلاء الشيوخ الأجلاء، وما أعظم شأنهم.. وتحية إكبار وإجلال للشيخ أحمد بن حمد الخليلي وأمثاله من علماء الأمة الموقرين، والسائرين على أثرهم إلى يوم الدين، وجزاهم الله عن هذه الأمة التي تكالبت عليها الأمم، وتناهش لحمها كثير من أبنائها خير الجزاء، وأعانهم على سفهاء الأمة، وجهلة الدين، والتَديُّن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *