اخر الاخبار

مخاوف في السويداء من غارات الأردن.. دعوات للتنسيق

ترك استهداف الطيران الأردني المتكرر لمناطق مأهولة بالسكان بمحافظة السويداء جنوبي سوريا صدى في المجتمع المحلي، وأثرت هذه الاستهدافات على حياة المدنيين في الريف الجنوبي والشرقي للمحافظة.

الاستهدافات، التي لم يتبناها الأردن رسميًا، أحدثها استهدفت بلدتي عرمان وملح جنوبي السويداء، في 18 من كانون الثاني، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص.

الغارات أحدثت أضرار مادية أيضًا تمثلت بدمار للمنازل المستهدفة، وأضرار لحقت بالمباني المجاورة، ما خلف مخاوف للسكان من تكرارها.

هواجس وآثار نفسية

أثارت الغارات الجوية حالة قلق لدى السكان وخاصة الأطفال بحسب سكان من المنطقة استطلعت آرائهم.

وقال الناشط في حراك السويداء وأحد منسقي الاحتجاجات في عرمان، مرهف العبد الله، ل إن تخوف السكان مبني على نظرتهم لأن القصف “عشوائي” خاصة أن المنزل الذي استهدف في البلدة لا علاقة لقاطنيه بتجارة المخدرات، وإنما يقع منزل ضالع بعمليات التجارة هذه بمحاذاته.

وراح ضحية القصف عشرة أشخص معظمهم من عائلة حدة، بينهم نساء وأطفال.

القصف الجوي حالة جديدة في محافظة السويداء على وجه الخصوص، إذ لم تتعرض المحافظة لعمليات قصف جوي طيلة السنوات الماضية على عكس ما حصل في بقية المحافظات السورية التي قصفها النظام السوري والروس بشكل مستمر لسنوات.

وأضاف العبدالله أن هواجس تشكلت لدى أبناء بلدة عرمان، حيث يقيم، خصوصًا الأطفال منهم، من عمليات مشابهة قد تتكرر مستقبلًا، كما أن مشهد الأشلاء أثرت على نفسيتهم، وسط مخاوف من استمرار الاستهدافات بشكلها الحالي.

من جانبها قالت الناشطة في حراك السويداء لبنى الباسط، ل، إن مخاوف أبناء المنطقة تتمحور حول تكرار عمليات القصف لأن التجار يعيشون بين المدنيين.

وأضافت أن كبار تجار المخدرات في المنطقة هربوا من منازلهم قبل وقوع الاستهداف بأيام، وتركوا السكان ضحية نشاطهم في تجارة المخدرات، وعشوائية القصف الأردني.

غسان الصفدي، من سكان بلدة عرمان، قال ل إن الضرر الذي لحق بسكان قريتي ملح وعرمان ناتج عن استهداف “غير مبرر” من قبل الطيران الأردني تسبب بمقل مدنيين ودمار بمنازلهم.

استياء في السويداء

بينما استمر تجاهل النظام السوري لاستهداف الطيران الأردني منازل المدنيين في السويداء، استنكر ناشطون في الحراك السلمي الاستهدافات المتكررة تحت مظلة محاربة تجار المخدرات.

الباحث السياسي جمال الشوفي، المقيم في السويداء، قال ل إن هذا الاستهداف “مدان أخلاقيًا وحقوقيًا” كونه وقع على مدنيين وأطفال.

وأضاف أن آلية استهداف صغار التجار غير مجدية حتى لو حققت أهدافها في إقصاء الأسماء المدرجة لدى الأردن كضالعين في عمليات تجارة المخدرات، إذ يستطيع المصنّع و”هامور التهريب” تصنيع شحنات، وتأهيل مهربين جدد باستمرار.

ولفت الشوفي إلى تجاهل النظام السوري عملية القصف رابطًا ذلك باجتماعات وتوافقات سورية- أردنية على تقديم معلومات استخباراتية، وعدم معارضة قصف الأردن لأهداف داخل سورية على اعتبارها خطوة من جانب النظام السوري مقابل إعادة النظام السوري للحضن العربي.

الناشطة لبنى الباسط ترى أن النظام السوري سعى عبر مكوناته الأمنية في السويداء لنشر المخدرات وجعل من المحافظة بوابة لتهريبها، ودعم عصابات تحمل سلاح وبطاقات أمنية ما أدى لاستباحة المحافظة من قبل الأردن التي أصبحت شريكة للنظام في قتل المدنيين.

وأضافت أنه من الأجدى للأردن أن يتعامل بحزم مع تجارة المخدرات من مصدرها الأول، كالنظام السوري، و”حزب الله” اللبناني، والمليشيات المدعومة من إيران في المنطقة، وليس عبر مسارات سياسية تحقق مكاسب للنظام.

شبكات تهريب جنوب شرق السويداء

المسؤول الأول عن عمليات تجارة وتهريب المخدرات في الجنوب السوري مجموعات مسلحة متفرقة تتبع بشكل رئيس لمفارز أمنية تابعة للنظام السوري، ولا تخفى هذه الهيكلية عن سكان المنطقة.

وانتشرت هذه العصابات في قرى جنوبي وشرقي السويداء، لقربها من الحدود الأردنية، ومن أبرزها الشعاب، وملح، وعرمان، وصلخد.

وبحسب الناشطة لبنى الباسط، توجد أسماء بارزة في تجارة وتهريب المخدرات منهم عصابة ناصر السعدي في مدينة صلخد، وهي من أبرز عصابات التهريب المخدرات في الريف الجنوبي للسويداء، وتتبع أمنيًا لفرع “الأمن العسكري”.

وسبق أن تعرض منزل السعدي للقصف من قبل الطيران الأردني، في أواخر كانون الأول 2023.

ومن التجار المعروفين في المنطقة أيضًا أيهم غزالة، وهو من سكان قرية ملح الذي تعرض منزله للقصف من قبل الطيران الأردني، في 18 من كانون الثاني.

وفي السويداء أيضًا تجار مخدرات آخرون، منهم حاتم بلان وهو من أبرز التجار المدعومين من “الأمن العسكري”، إضافة لأكرم بلان، وبشار أيوب، وماهر الجبر، وعماد أبو ترابي، وعماد غيوم، بحسب لبنى الباسط.

بالإضافة الى عصام خير، الذي قتل في 9 من تشرين الثاني 2023، نتيجة غارة جوية، وهو من أبرز تجار المخدرات تجار المخدرت في قرية عرمان، والمهرب فارس صيموعة من سكان البلدة نفسها.

وفي قرية الشعّاب ينشط مهربون من آل الرمثان، أبرزهم مرعي الرمثان الذي قتل في غارة جوية يرجح أنها أردنية منتصف 2022، بعدما شكّل شبكة من شباب المنطقة من العشائر لتهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية.

اقرأ أيضًا: “طوفان” مخدرات من سوريا.. الأردن يقرر المواجهة

أبرز التحركات الأردنية ضد نشاط تهريب المخدرات من الجنوب السوري نحو أراضيه (رصد)

دعوات لمكافحة محلية

دعا ناشطون من أبناء المحافظة التقتهم لتعاون المملكة الأردنية مع الفصائل المحلية لمحاربة تجار المخدرات في المنطقة، لتجنيب أبنائها الأضرار الجانبية الناجمة عن القصف المتكرر للمنطقة.

الناشط المدني كمال الشوفي، وهو من منظمي الحراك في السويداء، قال ل إن الفصائل في حل سلمها الأردن قوائم اسمية، ستكون قادرة على تحقيق تقدم بمكافحة تجارة المخدرات بالمنطقة، خصوصًا أن الحرب على المخدرات من أهداف المجتمع المحلي أيضًا.

وفي تموز 2022 استطاعت الفصائل المحلية في السويداء من مهاجمة مجموعات تعرف باسم “قوات الفجر” في مدينة شهبا وتفكيكها وتسليم عناصرها بعد ضبط آلات صناعة المخدرات، وكميات منها، وبطاقات أمنية لدى العناصر.

الباحث جمال الشوفي يرى من جانبه أن الحل الأمثل لمحاربة المخدرات هو إرساء الحل السياسي في سوريا وإبعاد الأسد ومليشيات إيران عن السلطة.

وأضاف الشوفي ل أن محاربة تجار المخدرات عبر الفصائل حل يمكن تطبيقه، لكن المقبوض عليهم من تجار ومروجي المخدرات يسلمون لإدارة مكافحة المخدرات وللقضاء “غير النزيه” لدى النظام السوري بهذه القضية، كونه يتبع لمنظومة هي من تحمي وتساند وتدعم تجار المخدرات، فكيف ستحاكم عناصرها بالنهاية؟

مبادرة “رجال الكرامة”

في 20 من كانون الثاني، أطلقت “حركة رجال الكرامة”، كبرى الفصائل العسكرية المحلية المسلحة في السويداء، مبادرة من تسعة بنود موجهة إلى الأردن لتجنّب موت المدنيين.

وأعلنت “الحركة” استعدادها لملاحقة جميع المتورطين بتهريب وتجارة المخدرات، بعد تقديم الجانب الاردني قوائم بأسماء المتورطين.

وانتقدت “الحركة” في بيانها النظام السوري وحملته المسؤولية المباشرة عن ملف “المخدرات” من تسهيل تحويل جنوبي سوريا إلى منطقة تخزين وتهريب، ودعت “الحركة” المجتمع المحلي والوجهاء والمرجعيات الدينية للوقوف عند مسؤولياتهم.

وذكرت “رجال الكرامة” أنها ألقت خلال الشهرين الماضيين القبض على أكثر من 30 تاجرًا ومروجًا ومهربًا للمخدرات.

واعتبرت أن الاعتداء على المدنيين لن يكون حلًا يردع تجار ومهربي المخدرات، إنما ينقلب بنتائج عكسية غير مرجوة ولا مبتغاة.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *