اخبار عمان

المجلس البلدي في صلالة والسوق المركزي

 

عمير العشيت **

[email protected]

يمثل المجلس البلدي أحد أهم المؤسسات المنتخبة في السلطنة المناط إليه مسؤوليات تتعلق بالتنمية في المحافظات، ويحتضن ممثلين من الجهات الرسمية والأعضاء المنتخبين من قبل المواطنين، ولديه صلاحيات موكلة إليه، لا سيما بعد صدور المرسوم السلطاني رقم 126/ 2020 الخاص بإصدار قانون المجالس البلدية.

وقد منحت المادة 21 من القانون العديد من الصلاحيات للمجلس البلدي في حدود السياسة العامة للدولة وخططها التنموية، تتضمن في بعض من بنودها، اقتراح وسائل استثمار موارد المحافظة من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وخلق فرص عمل للمواطنين، إقرار اللوائح بإدارة وتنظيم الأسواق والمقابر والمسالخ ومرادم النفايات، متابعة تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية في المحافظة وإبداء الملاحظات بشأنها، التواصل مع المجتمع المحلي ومؤسسات القطاع الخاص للوقوف على ملاحظاتهم ومقترحاتهم بما يهدف لخدمة وتطوير المحافظة.

ورغم الصلاحيات الواردة في المرسوم السلطاني للمجالس البلدية، إلا أن طريقة أداء المجالس في تنفيذ البنود الواردة في المادة 21 يختلف نسبيًا من محافظة إلى أخرى؛ سواءً من ناحية تنفيذ المشاريع أم تعثرها. ومن الممكن لأي مواطن أن يُقيِّم أداء المجالس من خلال المشاريع والمخططات التنموية المرئية بالعين المجردة على أرض الواقع وليس تنظيريًا في المكاتب، فإذا تحدثنا عن محافظة ظفار وبالتحديد أعضاء المجلس البلدي في صلالة نلاحظ أن هناك العديد من المشاريع التنموية الهامة متعثرة لمدد طويلة والأخرى متوفقة، والعجيب أنه تم هدم بعضها وتُركت دون إيجاد البديل، مما تسبب في تعطيل مصالح المواطنين والمقيمين والسياح أيضًا، كشارع الكورنيش في منطقة الحصن على سبيل المثال وليس الحصر الذي انتزعت أرضيته المسفلتة وتحولت إلى رمال لا تستطيع المركبات الصغيرة المرور عليها بأريحية والبعض منها تعلق في الرمال، لا تتحرك إلا بمساعدة شاحنات سحب السيارات، والشارع على هذه الحالة لأكثر 12 سنة، مع أن منطقة الحصن التي تضم الشاطئ والمحلات التجارية وسوق الحصن التي تجذب الكثير من المواطنين والمقيمين وتكون مزدحمة أثناء العطلة الأسبوعية.

لم نلحظ حراكًا وتفاعلًا على أرض الواقع لهذه المشاريع المتعثرة والواقعة على الشوارع العامة بولاية صلالة، من قبل أعضاء المجلس البلدي منذ تأسيسه عام 2011 وحتى الآن، وهو في دورته الثالثة، وما زالت على حالها حتى اللحظة، مع أن متابعة هذه المشاريع من صميم مهامهم الموكلة إليهم. ويبدو أن الأعضاء اكتفوا بإبداء المقترحات والتوصيات والتعليقات في الاجتماعات الروتينية دون متابعة هذه المشاريع عمليًا. ولقد كتبتُ عن هذه المشاريع مراتٍ عدة في السنوات المنصرمة، وسأظل أكتب عنها وأعرضها على الجهات المسؤولة لإيجاد حلول لها، وذلك بما يهدف إلى خدمة تطوير الولاية، واستنادًا للمادة رقم 21 من المرسوم السلطاني للقانوني البلدي والتي نصت عليه في البند (ض) الذي ينص على أهمية “التواصل مع المجتمع المحلي ومؤسسات القطاع الخاص للوقوف على ملاحظاتهم ومقترحاتهم بما يهدف لخدمة وتطوير المحافظة”.

ومن بين المشاريع المتوقفة، السوق المركزي في ولاية صلالة الذي يحتاج إلى إعادة هيكلة وتغيير موقعه وتطويره، حتى يتماشى مع المستحدثات العمرانية في ولاية صلالة، بعدما افتُتِحَ في 23 نوفمبر 1984، وهو من الأسواق العمانية القديمة؛ إذ يحتوي على الكثير من الأنشطة التجارية والتقليدية والحرفية، ومضى عليه أكثر من أربعة عقود ولم تتغير ملامحه العمرانية، خلاف الحي التجاري الذي أنشأ حديثا ويحيط به من كل الاتجاهات، حتى أصبح محاصرا بالمباني التجارية العالية، وكأنه محشور وسط غابات من سيقان أشجار الصنوبر، وبات موقعه لا يتلاءم مع التطوير العمراني الذي حدث مؤخرا للولاية، بسبب بعض الأنشطة التجارية كسوق السمك واللحوم وشوي الأسماك وأسواق الخضار والفواكه والمقاهي المفتوحة.. إلخ، التي تنبعث منها روائح كريهة غير مرغوبة، ناهيك عن الصخب والازدحام المروري الذي يخلفه هذا السوق في المنطقة أثناء شهر رمضان والأعياد، وبالتالي فإن نقل هذا السوق إلى موقع آخر أصبح حتميًا ويحبذ أن يكون في المساحة المفتوحة المطلة على شاطئ البحر بين منطقة عوقد وريسوت والكلية المهنية. ونقترح أن يكون البديل في هذا الموقع منتزه نظرا إلى أن منطقة وسط ولاية صلالة تفتقر إلى منتزهات عامة.

أما بقية الأنشطة فيحبذ نقلها إلى السوق الذي تم بناؤه لهذا الغرض منذ أكثر من عقدين في منطقة السعادة وظل معلقاً إلى يومنا هذا.. والمخططات الحديثة في أغلب مدن العالم تستبعد كل البعد مثل هذه الأسواق في الأحياء التجارية لما لها من آثار بيئية خطيرة على سكان هذه الأحياء والأنشطة التجارية، وأيضاً غير لائق للواجهة السياحية لمحافظة ظفار.

** كاتب وباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *