اخبار عمان

الكويت.. ما الذي يحدث؟! | جريدة الرؤية العمانية

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

 

“أؤكد أن التعاون بين سلطات ومؤسسات الدولة هو الأساس لأي عمل وطني ناجح والأسلوب الأمثل نحو الإنجاز… تحقيقًا للتطلعات التنموية التي ينشدها أبناء شعبنا الأوفياء متمسكين بالنهج الديمقراطي الذي ارتضيناه“. صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.

المتتبع والمهتم بحالة الكويت السياسية، وما آلت إليه تطورات الوضع بين الحكومة والبرلمان، وآخر ما تم هو حل البرلمان الذي أعلنه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الاحمد في الكلمة التي ألقاها نيابة عن سمو أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد في الايام العشر الاواخر من رمضان؛ حيث حسم أمر البرلمان العائد على أنقاض برلمان 2022، بناءً على حكم قضائي، وبذلك أصبحت البلاد بلا مجلس تشريعي، بانتظار ماسيؤول إليه الوضع في الفترة المنتظرة المُقبلة.

الحقيقة الواقعة والواضح لأي مُهتم ومتابع للحالة السياسية الكويتية، سيلحظ وجود فراغ في خانة اتخاذ القرار الحكومي، أو قُل تردُدا، ووصلت الأمور إلى مواضع غير مقبولة من حكومة تقع في أخطاء غير مفهومة (كما ذكر ذلك في ورقة الحكم القضائي الذي أبطل مجلس 2022)، كذلك الجمود الذي اعترى كثيرًا من مناحي ومفاصل الدولة؛ إذ لا يعقل وغير مناسب البتة أن تظل شواغر المناصب القيادية في جهات كثيرة من أهم جهات الدولة مُعلقةً، وكل شاغليها بالإنابة أو بالتكليف، ولفترات طويلة، وبلا أسباب مقنعة أو معقولة!

طريقة اختيار الوزراء وكثرة تغييرهم مُعضلة في حالة التخطيط للقرار واتخاذه وتنفيذه، فكيف لوزير أن يعطيك عملًا جيدًا وكرسيه يهتز من التهديد شبه الدائم بحلّ الحكومة أو المجلس أو حتى الاستخدام المُتعسِف لغالبية البرلمانيين في استخدام الصلاحيات وتهديد الوزير بالصعود لمنصة الاستجواب!

هناك ملفات كثيرة تحتاج إلى رؤية وحلول ووقفة جادة، أهم بكثير عند المواطن من حكومة تستقيل أو برلمان يُحل أو يُبطل، فهناك ملفات فساد، وملفات البنية التحتية، وملفات تعيينات ليست في محللها، وتجاوزات تحدث عنها الكثير ولم يتحرك ساكن لدى الحكومة، كذلك التضخم وغلاء الأسعار الذي أصبحت جيوب المواطنين تتآكل بسببه، ولا توجد حلول جذرية أو خطط لمواجهة ذلك، لسببين واضحين: عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعدم تفرغ الحكومة وكثرة تغييراتها في فترات قصيرة.

من المهم جدًا معرفة أن المواطن ليس مُهمًا عنده أن يكون مرزوق الغانم أو أحمد السعدون رئيسًا لمجلس الأمة؛ بل كل من يملك الكفاءة والمقدرة من أهل الكويت أهلًا وسهلًا به، وكذلك ليست القضية في أن يكون الشيخ صباح الخالد أو الشيخ أحمد النواف رئيسًا للحكومة، فكل أبناء الأسرة الحاكمة مرحب بهم وأهلًا وسهلًا، الأهم أن يُعيّن من يستطيع قيادة السفينة الحكومية بكفاءة وأمانة، وعلى الجميع فهم أن الكويت هي الأهم، والأشخاص زائلون.

آخذ على الحكومة التردد في اتخاذ القرار حيال ملفات كثيرة وعدم الحسم، وهناك من يتعذر للحكومة بأعذار واهية، والحقيقة هي كما قال أبو جعفر المنصور:

إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة // فإنَّ فساد الرأي أن تترددا

للكويت إرث ديمقراطي عريق سبقت به دول المنطقة، ولها إنجازات سياسية وتنموية ظاهرة وغير مسبوقة، وهي الدولة الأهم في الإقليم ديمقراطيًا، وما زالت هي وطن النهار، رغم كل المثالب والإخفاقات في الفترة السابقة، وما زال التاريخ مُنصفًا لهذه الدولة الرائعة في الرعاية لشعبها، وهي ما زالت النبراس الثقافي للمنطقة. ربما كل ما سبق هو ما يجعل المُتابع ينتقد بشدة، لان هذه الدولة مكانتها عالية، ومتمكنة ديمقراطيًا وجديرة سياسيًا، ومتفوقة تنمويًا، وعريقة ثقافيًا لذلك الإنسان يخشى على دُرّة الخليج ولؤلؤته المُصانة أن تقع في براثن الفساد، واضمحلال اخبار عمان وضبابيتها، الكويت ما زالت قادرة وباقتدار، لكنها تحتاج فقط لحسم القرارات التي تصب في الصالح العام، وأهمها حكومة قوية أمينة مستقرة، لا تتقاذفها أمواج وصراعات هواة الشغب البرلماني، أو مراهقي السياسية الباحثين عن مكان ليس لهم!

يقول أبو الأسود الدؤلي:

لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم // وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا

حفظ الله الكويت شعبها وأميرها من كل مكروه، وبإذن الله تعود كما كانت درة للخليج في كل مناحي الحياة، ولعل ما سبق يفرز دروسًا للمستقبل نستشرف بها الأفضل والأميز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *