اخر الاخبار

اللاذقية.. أجور النقل والأسعار تقلّصان خيارات الأهالي في نزهات العيد

اعتاد أهالي اللاذقية ريفًا ومدينة اصطحاب أطفالهم إلى مدينة الملاهي خلال العيد، وزيارة الشواطئ الشعبية، قبل أن تحرمهم منها أو تقللها أجور النقل وارتفاع الأسعار.

قبل أسبوع من عيد الأضحى، بدأت تلوح في الأفق أزمة بنزين في السوق الحرة (السوداء)، واشتدت تدريجيًا حتى بات تأمين ليتري بنزين شبه مستحيل، كما هو الحال لدى فادي (45 عامًا) العامل في مغسل للسيارات.

وقال فادي الذي يقيم في قرية البصة، إنه حاول تأمين خمسة ليترات بنزين في البداية، ومع فشله حاول الحصول على ليترين فقط ومع ذلك لم ينجح، ما حرمه وزوجته وطفليه من القيام بأي نزهات، سواء إلى شاطئ البحر القريب أو إلى مدينة الملاهي، أو لزيارة عائلة زوجته كما اعتادت العائلة أن تفعل في كل عيد.

وتجاوز سعر ليتر البنزين في السوق “السوداء” 22 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل 14800 ليرة)، ومع ذلك لم يتوفر، ويعود السبب لاحتكاره حتى أيام العيد ومن ثم بيعه بأسعار مرتفعة، لارتفاع الطلب عليه خلال أيام العطلة.

وتعتبر الشواطئ الشعبية غير المخدمة، مثل البصة والشقيفات والصنوبر، أماكن مثالية للكثير من العائلات غير القادرة على دفع مبالغ طائلة لقاء الحجز في أحد المنتجعات مرتفعة الثمن، حيث يتراوح سعر حجز ليلة فيها بين 1.5 مليون ليرة سورية و3 ملايين ليرة، أما رسم الدخول فبين 50 ألف ليرة و100 ألف.

مدينة الملاهي

في المدينة، تغص مدن الملاهي بالأطفال والكبار، فهي الخيار الأول لنزهات العيد، لكن ذلك الخيار سيكلف العائلة 20 ألف ليرة لكل طفل على الأقل، كما قالت رابية (33 عامًا) وهي مهندسة تعمل في القطاع الحكومي.

وأضافت أنه خلال عيد الفطر كان ثمن بطاقة الألعاب بين 500 و1000 ليرة، واليوم غالبًا سيرتفع بنحو الضعف، كما أن مدة اللعب بكل لعبة يقل خلال العيد بسبب الزحام الكبير، وبعض الألعاب تتطلب بطاقتين.

السيدة تنوي اصطحاب طفليها إلى مدينة الملاهي، ومنحهم المثلجات و”الآيس كريم” لمرة واحدة، بمبلغ لا يتجاوز الـ50 ألف ليرة ادخرتها بشق النفس كي لا تحرم طفليها على الأقل من مشوار واحد.

وفشلت السيدة بتنفيذ مخططها مع زوجها لزيارة أهلها وأهله، الذين يقيمون في قرية الشير بريف اللاذقية، نتيجة ارتفاع أجور النقل فأجرة “التاكسي” ستكلفهما 400 ألف ليرة على الأقل، ولا يتاح لهما خيار استخدام وسائل النقل العامة التي لا تعمل خلال العيد إلا بالمصادفة.

الكورنيش والحدائق

ينوي “أبو خالد” قضاء أمسيات العيد على الكورنيش الجنوبي، أو في حديقة البطرنة، وهما الخياران الأكثر طلبًا بالنسبة للكثير من أهالي مركز المدينة لقربهما، وعدم الحاجة إلى دفع أجور نقل كبيرة للوصول إليهما.

يعمل أبو خالد” (49 عامًا) على سيارة لنقل الأمتعة ومختلف الاحتياجات، وقال إنه اعتاد مع عائلته وضع كراسي وطاولة وأخذ مشروباتهم معهم، والذهاب إلى الكورنيش الجنوبي ثم اختيار مكان مناسب، لوضع عدة النزهة والسهر فيه حتى ساعة متأخرة.

ما يقلق “أبو خالد” هو أنهم سيضطرون للذهاب باكرًا إلى الكورنيش ليجدوا مكانًا ويحجزوه، فإن تأخروا لن يستطيعوا إيجاد أي مكان، نتيجة الزحام الكبير على الكورنيش.

وكذلك الحال في مدينة جبلة، التي يعتبر كورنيشها المقصد الأول للأهالي، سواء خلال الأعياد أو خارجها، بفارق أنه مخدم بخدمات الناس البسيطة أكثر من كورنيش اللاذقية الجنوبي، الذي يضم مطاعم أسعارها مرتفعة، حيث تجاوزت فاتورة عشاء لأربعة أشخاص في أحدها مبلغ الـ300 ألف ليرة، أما في كورنيش جبلة فتوجد محال “الآيس كريم” وعربات الذرة والفول، مع وجود المطاعم.

“مشوار أمريكي”

أبرم فايز (36 عامًا) سائق سرفيس على خط “الصناعة” داخل المدينة، اتفق مع جاره للقيام بنزهة واحدة خلال العيد، واصطحاب العائلتين إلى شاطئ النقابة الشعبي بالقرب من الشاطئ الأزرق.

وقضى الاتفاق أن يتكفل فايز بأمور النقل، بينما يتكفل جاره بأجور الطاولة والكراسي على الشاطئ الشعبي، حيث تتراوح أجرة الطاولة بين 75 ألفًا و100 ألف ليرة.

وتنوي العائلتان اصطحاب كل لوازم الرحلة، من “سندويشات الزعتر والفطائر” التي أعدتها الزوجتان في المنزل، كذلك القهوة والشاي والمكسرات مثل “الموالح الصينية وبذور دوار الشمس والجبس”، وهي أرخص الأنواع المتوفرة.

وقال فايز إنه “مشوار أمريكي” في إشارة منه إلى أن كل شخص يدفع عن نفسه أو عن عائلته، دون قبول عزيمة الآخر.

ساحة العيد

درجت العادة على إقامة ساحة العيد في حي الصليبة وسط اللاذقية، حيث تنصب الألعاب والمراجيح التي يحضر إليها الأطفال منذ ساعات الصباح الباكر، ويزداد الزحام فيها في فترة المساء والمغرب، وتشتهر بأجورها البسيطة فيكفي الطفل مثلًا مبلغ 5000 ليرة ليجرب عدة أنواع من الألعاب.

اعتادت فاطمة (39 عامًا) اصطحاب أطفالها الأربعة كل عيد إلى حي الصليبة، لينتهي المشوار بتناول سندويشات الشاورما من أحد المطاعم رخيصة الثمن، والتي باتت معروفة من قبل كل السكان في المدينة.

ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام نحو 279 ألف ليرة، وارتفع متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مؤلفة من خمسة أفراد إلى نحو 12.5 مليون ليرة سورية شهريًا، بينما وصل الحد الأدنى إلى 7.8 مليون ليرة سورية.

وحصل موظفو القطاع العام على منحة بقيمة 300 ألف ليرة (20 دولارًا)، وهو مبلغ لا يكفي أكثر من ثمن حذاء لطفل صغير، ولا يمكن أن يحدث فرقًا في حياة السوريين الذين يعيشون أسوأ أزمة معيشية منذ عام 2011.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *