اخبار عمان

آهٍ لوجع القلب! | جريدة الرؤية العمانية

 

منى بنت حمد البلوشية

أصبحنا لا نقوى على القيام بأعمالنا اليومية، وغير قادرين على إنجاز أي عمل، وأفئدتنا تبكي حرقة مما تشاهده من أحداث غزة الأبيّة وشهدائها الرُّضع والأطفال والنساء والشيوخ والشباب، يا لوجع القلب عليكِ يا ثكلى يا صامدة ورغم قوتك إلا أنك لستِ بخير، لا تسعفني يديّ للكتابة وقلبي يتألم لما شاهدته خلال تلك الليلة من الوحشية التي قام بها الصهاينة من تفجير لمستشفى المعمداني وراح ضحيته الأطفال وكل من به حتى المسعفين والأطباء ومن به ومات من هو باق في الحياة رغم حياته، لا توجد جراح جميعهم شهداء، آهٍ من ألم قلوبنا وأصابعي التي لا تقوى على الكتابة، وحنجرتي التي باتت تغص بها الكلمات ولن أستطيع وصف ما شاهدناه.

في تلك الليلة التي استشهد من في مستشفى المعمداني كانت كل أنواع الفقد تمر عليّ، فالفقد مُر وما تمر عليه غزة وفلسطين مُر، والأمَر عندما كان هناك بصيص من الأمل لفلسطينية أو فلسطيني بأن طفله سيشفى ثم عاد فلم يجد الطفل ولا الطبيب ولا المستشفى وأشلاء تناثرت هنا وهناك، وسالت الدماء، حصار وانقطاع للكهرباء والماء والوقود، وشح في المعدات والأدوات الطبية وشح في الإنسانية العربية تجاه ما يحدث بها، كم أشفق على أنفسنا ونحن نشاهد كل تلك الجرائم التي يقوم بها الاحتلال والصهاينة، يا لعزاء قلوبنا التي تتفرج بلا حِراك ولا كلمة، إن فلسطين قضية الشرفاء علينا أن نتحرك لأجلها وأن تكون لنا كلمة تنادي الجميع للتحرك، إن أهل غزة ينادون وبأعلى أصوات من بها يصرخون “لن نخرج من فلسطين فهي لنا ولن ترغمونا على الخروج منها” يا لبشاعة تلك الجريمة المرتكبة بحقهم.

إنَّ غزة تستغيث وتئن أنين الوليد، إنها تُباد ونحن غير قادرين على فعل شيء، تؤلمنا تلك المشاهد التي نشاهدها، كم هو مؤلم حدّ بكاء الجوارح لشهداء غزة، أصبحتُ عاجزة وصفها، وكل هذا الأسى في مكان واحد ولشعب واحد، وعلى أعين العالم كله، كم وستزداد كم وخلفها ألف سؤال وألم، أبكتني بحرقة كل مشاهد المجزرة التي قام بها المحتل الصهيوني، وكيف لذلك الفلسطيني يحمل جثمان أبناءه بين يديه وبأكياس ويصرخ بأعلى صوته: “أولادي ماتوا” وتلك الفلسطينية الأم الثكلى وهي تمسك بجمجمة طفل، وذلك الأخ الذي يلقن أخيه الشهادة بكامل قواه، وآخر يصرخ أختي ماتت، ومشاهد لم تبقي أسرة وعائلة بأكملها، وطفل رضيع يرفض مفارقة حضن ممرض لأنه لقي الأمان بين أحضانه، ومشاهد أطفال فقدوا الأمان وألآباء والأمهات وأصبحوا بلا أم وأب، عن ماذا أتحدث والجميع شاهد كل تلك المواقف التي تدمي العيون.

ما أصعب ما تمر به غزة وفلسطين، وما أصعب وأمر تلك المشاهد التي نشاهدها ونحن غير قادرين فعل شيء سوى الدعاء، والتألم ودمعات الفقد التي نشعر بها معهم ومرارة الضيق، وأن الأرض ضاقت عليهم بما رحُبت.

“فتنت قلبي يا شهيد” وعلمتنا الصمود وأعلم بأن من بقوا منكم ليسوا على ما يرام، من المؤسف جدًا أن يعود الأمان والطمأنينة إلى قلب الطفل، وأن يعود للعب بكامل قواه وضحكاته ونوبات الهلع والخوف ترافقه، بعدما شاهد كل تلك الويلات والدمار الذي عاش بينه، وبين كل الفقد و الجراح والدماء، الوجع يوما بعد يوم يزداد “نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ“وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍۢ.

اللهم كُنْ لفلسطين عونًا، اللهم إنا لا نملك إلا الدعاء لهم؛ فيا رب لا ترد لنا دعاء ولا تخيب لنا رجاء، اللهم انصر ضعفهم فإن ليس لهم سواك، واجعل كيد المحتلين في نحورهم، واجعل مكرهم عائدًا إليهم يا عظيم يا ذا الجلال والإكرام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *