ترندات

الذكاء الاصطناعي… هل ينقلب على مخترعيه؟

يخشى البشر أن يصل تطوّر الذكاء الاصطناعي ذات يوم إلى درجة ينقلب فيها على مخترعيه ويُدمّر البشرية.

في الوقت الحالي، ليس لدى الذكاء الاصطناعي أيّ وعي بالتحديات الة به، ولا أيّ شكل من أشكال الوعي، لكنّ لندن تُنظم قمة حول تنظيمه، وقد وقّع البيت الأبيض للتو مرسوماً لتنظيمه، فيما يسلك الاتحاد الأوروبي مساراً مماثلاً لاعتماد قواعد جديدة في هذا المجال قبل نهاية العام.

وفي ما يلي نظرة عامة على المخاطر الة بهذه الثورة التكنولوجية.

الوظائف
تُشكّل الخوارزميات جزءاً من الحياة اليومية للبشر منذ فترة طويلة، لكنّ النجاح غير المسبوق الذي حققه برنامج «تشات جي بي تي» (المطوّر من شركة «أوبن إيه آي») أعاد إشعال الجدل في عام 2023.

وفي هذا الإطار، يُثير ما يُسمى بالذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على إنتاج النصوص والصور والأصوات بأوامر بسيطة في لغة الحياة اليومية، بشكل خاص مخاوف ة بتقادم بعض الوظائف.

وقد كان للاعتماد على الآلات في إنجاز عدد كبير من المهام، هذا التأثير بالفعل في قطاعات عدة، من الزراعة إلى المصانع.
وبفضل قدراته التوليدية، يؤثر الذكاء الاصطناعي الآن أيضاً على فئات واسعة من العمّال، من أمثال الموظفين الإداريين، والمحامين، والأطباء، والصحافيين، والمدرّسين، وما إلى ذلك.

وقالت شركة «ماكينزي» الاستشارية في يوليو «بحلول عام 2030، يمكن استخدام الآلات لإنجاز ما يصل إلى 30 في المئة من ساعات العمل حالياً في الاقتصاد الأميركي، وهو اتجاه تسارع من خلال الذكاء الاصطناعي التوليدي».

وكحلّ لذلك، تستحضر شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى غالباً مبدأ الدخل الأساسي الشامل، أي الحد الأدنى من المخصصات للجميع، ما من شأنه أن يعوّض عن خسارة الوظائف، حتى ولو لم تثبت جدواه على نطاق واسع.

الملكية الفكرية
كان الفنانون من أوائل المعترضين على برامج من أمثال «دالإي» (من أوبن إيه آي) أو «ميدجورني»، التي تولد الصور حسب الطلب.

وهم على غرار المطوّرين والكُتّاب وغيرهم من أصحاب المهن الإبداعية، يأخذون على الشركات استخدامها أعمالهم لإنشاء التكنولوجيا الخاصة بهم، من دون إذن أو تعويض.
ونظراً لأن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعتمد على نماذج اللغة، فإن أنظمة الكمبيوتر تتطلب استرداد كميات كبيرة من البيانات عبر الإنترنت.

التضليل الإعلامي
الأخبار المزيفة والتزييف العميق ليست بالأمر الجديد، لكنّ الذكاء الاصطناعي التوليدي يُثير مخاوف من زيادة المحتويات الزائفة عبر الإنترنت.

ويؤكد المتخصص في الذكاء الاصطناعي غاري ماركوس أن الانتخابات قد «يفوز بها الأشخاص الأكثر موهبة في نشر المعلومات المضللة».

وبالدرجة الأولى، «تعتمد الديموقراطية على القدرة للوصول إلى المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات الصحيحة. وإذا لم يعد أحد قادراً على التمييز بين ما هو صحيح وما ليس كذلك، تكون تلك النهاية».

الاحتيال
يُسهّل الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضاً على المحتالين إنشاء رسائل أكثر إقناعاً للضالعين في أنشطة التصيّد الإلكتروني.
حتى ان هناك نماذج لغوية تم تدريبها خصيصاً لإنتاج محتوى ضار، مثل «فرود جي بي تي» FraudGPT.
لكن قبل كل شيء، جعلت التكنولوجيا من السهل جداً نسخ وجه أو صوت وبالتالي خداع الناس لدفعهم للاعتقاد على سبيل المثال بأن طفلهم مختطف بهدف ابتزازهم.

خطر بشري
كما الحال مع الكثير من التقنيات الأخرى، يرتبط الخطر الرئيسي للذكاء الاصطناعي بالبشر من التصميم وحتى الاستخدام.
ومن الأمثلة على ذلك، يمكن لبرامج التوظيف أن تميّز ضد المرشحين إذا ما كانت تُعيد إنتاج التحيزات البشرية الموجودة في المجتمع بشكل آلي.

النموذج اللغوي ليس مدافعاً عن حقوق الفئات المهمّشة، وليس عنصرياً في حد ذاته، ويتوقف أداؤه على البيانات والتعليمات المقدمة من مطوّريه.

وبشكل عام، يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهّل العديد من الأنشطة التي تُشكّل خطورة على البشر وحقوقهم الأساسية، بدءاً من اختراع الجزيئات الضارة وحتى مراقبة السكان.

قدرات شاملة
ويخشى البعض في القطاع من أن يصبح الذكاء الاصطناعي قادراً على التفكير إلى الحد الذي يُمكنه من السيطرة على البشر.

وتعمل شركة «أوبن إيه آي» على بناء «الذكاء العام الاصطناعي» (بما يتخطى الذكاء البشري)، بهدف «إفادة البشرية جمعاء». وهي تعتمد على الاستخدام واسع النطاق لنماذجها لاكتشاف المشكلات وتصحيحها.

في الوقت نفسه، دعا سام ألتمان وغيره من قادة شركات التكنولوجيا الكبرى هذا الصيف إلى مكافحة «مخاطر زوال» البشرية «بسبب الذكاء الاصطناعي».

وبالنسبة للمؤرخ إميل توريس، فإن ذلك يمثل إلهاءً عن مشاكل حقيقية للغاية.
وقال في تصريحات أدلى بها أخيراً لوكالة فرانس برس «الحديث عن زوال البشرية، وهو حدث مروّع حقيقي، أكثر جاذبية بكثير من الحديث عن العمّال الكينيين الذين يتقاضون 1.32 دولار في الساعة» للإشراف على محتوى مستخدم في الذكاء الاصطناعي «أو استغلال الفنانين والكُتّاب» لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *