اخبار عمان

المقاطعة وأثرها على الصراع | جريدة الرؤية العمانية

 

زين بن حسين الحداد

من خلال تاريخ مقاطعة العرب للشركات الداعمة للاحتلال، أُجبرت الكثير من الشركات سابقًا على سحب استثماراتها من إسرائيل وتجنب التعامل معها خوفًا من مقاطعة السوق العربي لها منذ السبعينيات من القرن الماضي.

ومع توقف الحكومات العربية عن دعم المقاطعة التجارية في التسعينيات بسبب ضغوطات سياسية دولية، ظهرت حركات شعبية قادها المستهلكون أنفسهم خلال آخر عقدين.

وبسبب المقاطعة أصبحت الشركات الداعمة لإسرائيل بين نارين، نار اللوبي الصهيوني ونار القوة الشعبية العربية أيهما يثبت أكثر ينتصر ويسدد ضربات قاضية في الصراع العربي الصهيوني. حيث أصبح موضوع المقاطعة من أهم القضايا التي تُناقش في المناظرات الانتخابية الأمريكية، وهو ما يؤكد أهمية وجدوى المقاطعة وتأثيرها على الساحة السياسة.

وتنظيم عملية المقاطعة من خلال فرق ومنظمات حقوقية وخبراء اقتصاديين ومشاهير وإعلاميين يساعد على تحقيق نتائج أكثر إيجابية، والعمل على كسر كل صوت ينادي بعدم جدوى المقاطعة بالحجة والدليل.

‏في المقابل، يعمل اللوبي الصهيوني على كبح أضرار المقاطعة بأساليب عديدة ومتنوعة منها الدفع لبعض المشاهير لكسر هذا الحصار الأخلاقي وضخ بعض الأموال مؤقتًا لتعويض النقص والذي يعتقدون أنه مؤقت ولن يستمر، ثم منع نشر أي أخبار تؤكد على فاعلية المقاطعة حتى ينكسر الناس ويعودوا إلى سيرتهم، كذلك نشر حجج منها الضرر الاقتصادي العكسي للسوق المقاطع وهي الحجة التي تم استخدامها أيضا في أوروبا أثناء أزمة جنوب أفريقيا وحرب العراق.

وانقسم الناس بين مستهلك أخلاقي، ومستهلك لا أخلاقي أناني لا يهتم إلا برغباته. وأكثر المعارضين لمبدأ المقاطعة يقدمون أسبابًا غير واقعية أبدًا لتخذيل من هو حولهم، وستجدهم داعمين لمقاطعات سابقة أو لاحقة بسبب خلاف شخصي أو سياسي.

لكل مقاطعة سلبيات وإيجابيات، تعظيم هذه الإيجابيات وإيجاد حلول للسلبيات هو الفعل الصحيح وليس محاربة المقاطعة، والمؤكد أن خسارة علامات غربية داعمة ينتج عنه استفادة علامة محلية أخرى لأن المستهلك سيبحث عن بديل ولن يتوقف عن الاستهلاك. أيضًا تشجيع رجال الأعمال على خلق بيئة تنافسية وتوفير خيارات محلية جديدة.

‏إن أهم دوافع المقاطعة هي دوافع إنسانية وأخلاقية أما الدافع الديني فهو يحول المقاطعة من فعل مستحسن إلى واجب شرعا خصوصا في السلع التي لها بديل آخر. فضلا عن إراحة الضمير المهان بكل مواقف الخذلان، وتقديم أقل ما يُمكن تقديمه كإنسان.

‏والهدف الرئيسي للمقاطعة هو تغيير سلوك الشركات وبذلك يحدث الإضرار باقتصاد الاحتلال، حيث إن المقاطعة ردة فعل طبيعية وليست محصورة على العرب فقد نجحت حملات مقاطعة كبيرة في أوروبا لإيقاف الشركات الداعمة للفصل العنصري في جنوب أفريقيا كمثال.

الرسالة الأهم التي يجب أن تصل للشركات أن كرامة الإنسان العربي أهم من رفاهيته ورغباته المؤقتة، وأن الذي لا يحترمني ولا يعتبرني إنسانا لن أقدم الولاء لشركاته. لأن الغرب لا يفهم إلا لغة الأرقام أما الإنسانية الغربية فقد انكشف قناعها بعد أحداث غزة ولايمكن التعويل عليها، ولن أنسى الفوائد التي ستحصل عليها الشركات المحلية الوطنية والمنافع الاقتصادية الأخرى، وعلى المستهلك العربي أن يكون أكثر ثباتا على مبادئه حتى تصل الرسالة بشكل أفضل والاستمرار لأكبر فترة ممكنة لتحقيق نتائج إيجابية في مسيرة النضال والدعم العربي للقضية الفلسطينية، ولاتستصغر موقفك كفرد لأن الأفراد يشكلون جماعة والجماعة تحقق الهدف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *