اجتماع بين ناجين من الاعتقال وممثلين للأمم المتحدة باسطنبول

تستحوذ قضية المعتقلين السوريين في سجون النظام السوري ولدى أطراف أخرى على اهتمام واسع من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، خاصة في ظل التطورات السياسية الأخيرة بالملف السوري.

التقى 40 ناجيًا من الاعتقال مع ممثلَين من لجنة تقصي الحقائق الخاصة بالمعتقلين السوريين، التابعة للأمم المتحدة، في اسطنبول، الاثنين 29 من أيار.

اللقاء الذي عقدته منظمة “اليوم التالي”، التي تُعنى بـ”الانتقال الديمقراطي في سوريا”، شمل الحديث عن توصيات ستُرفع للأمم المتحدة لنقاشها ضمن مؤتمر “بروكسل” للمانحين الخاص بسوريا.

وأعلن ممثلا لجنة تقصي الحقائق عن إنشاء منظمة جديدة للمعتقلين السوريين تتبع للأمم المتحدة، مع آلية عمل خاصة بها، دون الخوض بتفاصيلها أو موعد انطلاق أعمالها، كما تم الحديث عن آثار التطبيع العربي الأخير مع النظام السوري.

لا سيطرة على القرار السياسي

حضر الاجتماع ممثلون عن مبادرة “ناجون”، ومعتقلون سابقون ومنظمات أخرى تُعنى بدعم المعتقلين السوريين، بالإضافة إلى حضور 50 شخصًا بشكل افتراضي عبر تطبيق “زووم”.

وبحسب بيانات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، يوجد 111 ألفًا و907 مختفٍ قسرًا، منهم 95 ألفًا و696 شخصًا في سجون النظام السوري، ما يمثّل 85.51% من العدد الإجمالي.

بينما يوجد 155 ألفًا و243 معتقلًا، بينهم 135 ألفًا و481 معتقلًا في سجون النظام السوري، ما يمثّل 87.27% من العدد الإجمالي.

أحد ممثلي الأمم المتحدة (تحفظ على ذكر اسمه) قال خلال الاجتماع، إن اللجنة مستمرة بتوثيق الحالات وفتح القنوات مع الناجين، لتشكّل ضغطًا مستمرًا على المجتمع الدولي.

وأوضح أن اللجنة بحاجة إلى دعم وتعاون مستمر من الناجين باعتبارهم أصحاب القضية الأصليين، وأن عملها يتركّز على إيصال أصواتهم، والعمل معًا لأجل مبادئ العدالة ومستقبل سوريا.

تعد عملية الوصول إلى الناجين والمعلومات داخل سوريا إحدى أبرز المشاكل التي تواجه اللجنة، باعتبار أن عملها ينطلق من لبنان لا من داخل البلاد، بحسب الممثل الأممي.

وعن آثار عملية التطبيع العربي مع النظام السوري، وهي إحدى المسائل التي طرحها الناجون، قال الممثل إنه لا سيطرة للجنة على قرارات الدول فيما يخص هذا الملف.

وقررت جامعة الدول العربية إعادة منح مقعد سوريا لديها للنظام السوري، وبناء عليه حضر رئيس النظام، بشار الأسد، اجتماع القمة الأخير في 19 من أيار الحالي بالسعودية.

وأشار ممثل الأمم المتحدة إلى أن اللجنة تركّز على المناصرة والتوثيق للناجين، وأحد أوجه هذه المناصرة هي إنشاء آلية جديدة، دون أن يعطي مزيدًا من التفاصيل حولها، سوى أنها تتبع للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.

قضية استراتيجية طويلة الأمد

وقال مدير منظمة “اليوم التالي”، معتصم السيوفي، ل، إن الاجتماع جاء في محاولة لتأمين صلة وصل بين شريحة واسعة من الناجين، ممن لا يملكون وصولًا إلى المنابر الدولية.

والغرض الأساسي هو إقامة صلات مباشرة مع هذه الجهات، والتعرف أكثر إلى الآليات الأممية، بما في ذلك لجنة التحقيق الخاصة بالمعتقلين السوريين، والمنظمة الجديدة المزمع إنشاؤها، وفق السيوفي.

كما أن الهدف الأساسي هو الحصول على عيّنة من آراء الحضور بعمل هذه اللجان، ومخاوفهم وآمالهم وطموحاتهم.

واعتبرت لجنة التحقيق بشأن سوريا، في آذار الماضي، أن حماية المدنيين في سوريا “مجرد وهم”، بالتزامن مع إطلاقها أحدث تقاريرها الخاصة بالملف السوري.

وأكدت اللجنة حينها أن أطراف النزاع لا تزال ترتكب انتهاكات وتجاوزات بحق الشعب السوري، وتشكّل نمطًا من الإخفاقات بحق المدنيين.

وقال رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، باولو بينيرو، “رغم عديد من الأعمال البطولية وسط المعاناة، شهدنا أيضًا فشلًا ذريعًا من قبل الحكومة والمجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، في توجيه الدعم المنقذ للحياة بسرعة إلى السوريين الذين كانوا بأمس الحاجة إليه”.

وأشار السيوفي في حديثه ل، إلى أنه ورغم المعاناة الناتجة عن عدم التقدم في ملف المعتقلين، فإن هذا الأخير “يعدّ ملفًا استراتيجيًا”، والعدالة فيه تأخذ وقتًا طويلًا، خاصة أن المسألة تأخذ أبعادًا مستقبلية تتعلق بشكل سوريا لا بالإنجاز الآني، والضحايا هم أكثر من يمكنهم حمل هذا الملف إلى المستقبل، بحسب السيوفي.

وتعمل “اليوم التالي” على دعم التحول الديمقراطي في سوريا، وبدأت عملها منذ عام 2012.

ووفق الموقع الرسمي للمنظمة، فإنها تعمل على مساندة جهود العدالة والمحاسبة عبر دعم ضحايا الانتهاكات، والإسهام بتنسيق جهود المجتمع المدني.

–

مرتبط