اخر الاخبار

مدير “الشبكة السورية”: النظام يمارس التعذيب بمنهجية “سياسة دولة”

يحتل ملف المعتقلين السوريين لدى النظام السوري وأطراف النزاع الأخرى، أولوية لدى قطاعات كبيرة من السوريين، مع عدم وجود تغييرات على صعيد الإفراج عن معتقلين، أو وجود انفراج بهذه القضية.

مع أهمية هذا الملف، هناك مخاوف من التأثيرات السلبية للتحركات السياسية للدول الإقليمية خلال الشهور القليلة الماضية بخصوص الملف السوري والتقارب مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ضمن ما عرف بـ”المبادرة الأردنية“، والتي أفضت إلى عودة الأسد لشغل مقعد سوريا في جامعة الدول العربية في أيار الماضي.

ورغم هذا التقارب، وما نصت عليه المبادرة من المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، تشير التقارير الدولية، وأخرى الصادرة من منظمات حقوقية سورية إلى عدم إحراز أي تقدم في هذا الملف، مع مخاوف من إفلات الجهات المسؤولة من العقاب.

حاورت مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، حول دلالات استمرار النظام السوري بانتهاج التعذيب بحق المعتقلين، خاصةً مع استمراره باعتقال المدنيين في مناطق سيطرته.

ممارسات متشابهة لأطراف مختلفة

في 15 من تموز الماضي، أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية لسوريا، التابعة للأمم المتحدة، تقريرًا أشارت خلاله إلى “استمرار أنماط التعذيب والمعاملة القاسية في سوريا بشكل منهجي وواسع النطاق”، وذلك خلال الفترة من 1 كانون الثاني 2020 وحتى 30 نيسان الماضي.

“الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، أصدرت بيانًا اليوم، الأربعاء 2 من آب، وثقت فيه ما لا يقل عن 197 حالة اعتقال تعسفي نفذها النظام السوري في تموز الماضي، لمدنيين انتقدوا تدهور الواقع الخدمي والاقتصادي في مناطق سيطرته.

وأشارت إلى أن المعتقلين يتعرضون للتعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقالهم، مع حرمانهم من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم.

وفق الشبكة، هناك 135 ألفًا و253 معتقلًا ومختف قسريًا لدى النظام السوري، فيما لم تؤد كافة مراسيم العفو الذي أصدرها النظام إلا للإفراج عن سبعة آلاف و351 معتقلًا فقط.

هذه المنهجية التي وردت في التقرير تشير إلى عدم استعداد النظام السوري للالتزام بـ”المبادرة الأردنية“، التي أشارت إلى الإفراج عن المعتقلين بشكل تعسفي، والاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين بشكل تدريجي، وفق عبد الغني.

وقال عبد الغني ل إن تقرير لجنة التحقيق الدولية يؤكد على أن النظام لن يستجيب للإفراج عن المعتقلين، رغم التقارب العربي معه،  وكان يجب أن تكون الدعوة لحضور اجتماعات القمة العربية حينها بعد الإفراج عن المعتقلين لا قبله.

تقرير اللجنة الدولية أشار إلى أن ممارسات التعذيب التي ينتهجها النظام السوري تندرج ضمن “سياسة دولة”، أي أن هناك نهجًا يُطبق على نحو واسع، وبالتالي لا تغيير في سياسة النظام السوري، وفق عبدالغني، خاصةً مع الأرقام الكبيرة للمعتقلين والمختفين قسرًا.

مخاوف الإفلات من العقاب

ركز تقرير اللجنة الدولية على ممارسات النظام تجاه السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرته، ومراكز الاحتجاز الخاصة به، إلا أنه أشار إلى اعتماد  فصائل عسكرية معارضة تسيطر على مدن سورية على نهج مشابه.

وشمل التقرير ثلاث جهات أخرى إلى جانب النظام السوري، هي “هيئة تحرير الشام” (تسيطر على محافظة إدلب وريفها وأجزاء من أرياف محافظات حماة واللاذقية وحلب)، و”الجيش الوطني السوري”  (يسيطر على ريف محافظة حلب الشمالي وجزء من الريف الشرقي) و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد- تسيطر على معظم مناطق شرق نهر الفرات، شمال شرقي سوريا).

اعتمدت اللجنة في تقريرها على 254 مقابلة أجرتها بين كانون الثاني 2020 و30 نيسان الماضي، منها 105 مقابلات مع أشخاص تعرضوا للتعذيب أو كانوا شهودًا عليه في مراكز الاحتجاز.

هذه الأرقام تشير لاعتماد الجهات المسؤولة في تلك المناطق أساليب استخدمها النظام السوري في مقاومة المظاهرات الشعبية التي نادت برحيله منذ آذار 2011، بحسب ما أكده عبد الغني في حديثه مع، مشيرًا إلى أن هذه الأطراف اتبعت ممارسات مشابهة، وعلى الرغم من أنها أقل قسوةً وعنفًا، لكنها تبقى ممارسات تعذيب وحشية ضد المعتقلين.

وتابع، أن هذه الأطراف استنسخت ممارسات النظام السوري، خاصةً مع غياب محاسبة حقيقية له، فانتهجت الطريقة نفسها، فيما بعض الأطراف لديها نماذجها الخاصة بعدما رأوت أن النظام لم يحاسب فوضعت تبريراتها بأنها قتلت وعذبت عددًا أقل.

وفق ما وثقته الشبكة، اعتقلت “هيئة تحرير الشام”، ألفين و459 شخصًا، وفصائل المعارضة المسلحة والجيش الوطني، أربعة آلاف و31 شخصًا، و”قسد” أربعة آلاف و624 شخصًا، من أصل 155 ألفًا و243، هو العدد الكلي للمعتقلين السوريين الذي وثقته الشبكة منذ آذار 2011 وحتى حزيران الماضي.

فيما وثقت خلال الفترة نفسها مقتل 34 شخصًا من قبل الهيئة، و53 على يد الفصائل والجيش الوطني، و94 شخصًا على يد “قسد”، فيما قتل 15 ألفًا و39 شخصًا تحت التعذيب على يد النظام السوري.

وقال عبد الغني ل، إن الجميع يجب أن يكونوا معنيين بهذه الانتهاكات، لأنها انعكاس لعقلية تنبع من الإجرام ولا شيء يسمح بالتعذيب.

ويرى أن الصعوبات الخاصة بالمحاسبة متشابهة في جميع الملفات، والأمر السائد هو الإفلات من العقاب على اعتبار أن لا النظام السوري ولا الفصائل العسكرية لديها قضاء للمحاسبة، إلا بحالات نادرة وبطريقة شكلية وكانت لدى أطراف المعارضة فقط دون وجود أي نهج حقيقي للمحاسبة.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *