اخبار عمان

“فلسطين داري ودرب انتصاري” | جريدة الرؤية العمانية

 

منى بنت حمد البلوشية

أيام الطفولة لا تنسى فمن أجمل القصائد الخالدة في أذهاننا التي كنَّا نتغنى بها “فلسطين داري ودرب انتصاري”، حفِظتها ألسنتنا حيث كنا نلهو ونلعب ونحن ننطق كلماتها بكل حب وتخيل لها، عندما كان منهجنا يتحدث عن فلسطين الأبيّة وعن المحتلين الذين سلبوا الدولة الحبيبة.

في طفولتي وربما كغيري من الأطفال في ذلك الحين، كانت تراودني عدة أفكار وتخيلات من بينها كيف لي أن أذهب لفلسطين وأحارب لأجلها، وبحجر واحد أقتل يهوديا محتلا لأرض الشرفاء، في طفولتي كانت تراودني فكرة الهروب إليها دون علم والدّي، هي أفكار ولم يعلم بها أحد لأنني كتمتها في جوف قلبي حبًا لفلسطين ولأنني طفلة لم أعِ معنى أن أذهب لأقاتل لأجل فلسطين وتحريرها بالقرب من المحبين لها، منذ طفولتنا ونحن نرجو أن يأتي اليوم المنتظر لأن تكون فلسطين دولة لا يوجد قدم يهودي صهيوني على أرضها.

كبرتُ وضحكتُ على نفسي كثيرًا من تلك  التخيلات والأفكار التي راودتني، ماذا لو فعلتُ ذلك وأنا بطفولتي واستشهدتُ لأجلها، وبكيتُ كثيرًا لأنني لم أستطع فعل شيء لأجلها فهي ليست سوى أفكار وأحلام لم تتحقق ولن أفعلها إلا إذا  تكاتفت كل الأيادي العربية لأجلها، وليس بإمكاني فعل شيء لها، سوى كتابتي لها كلمات وعبارات كهذه المقالة وبعض الكلمات التي هي مدفونة بين لساني وشفتيَّ كغيري ممن يقرأ الآن والدعاء لها.

منذ أيام شاهدنا “طوفان الأقصى” وما أروع تلك البسالة التي قام بها الفلسطينون أبناء الوطن الأبيّة، محاولين بكل جهد لهم لأن يفعلوا ما لم يستطع أحد فعله في كل مرة يقومون به، قام الفلسطينيون بأكبر عملية منذ فترة لم يكن لها مثيل، لأجل حبيبتهم وسقط قناع القوة الذي كان يختبئ خلفه ذلك المحتل الصهيوني، ونحن نتابع عن كثب  وقرب من برامج التواصل الاجتماعي، كيف كان يختبئ الصهاينة بداخل حاويات القمامة لأنه بالفعل هو مكانهم، وشاهدنا الأسرى وهم بين كنف الأحبة الفلسطينيين ومعاملتهم لهم وكرمهم بلطف ولين، بينما كانوا  يعاملون الفلسطينيين بعنف وشدة وهم بين تلك القضبان، إلا أننا شاهدنا ما فعله الصهاينة البرابرة وقذفوا عليهم وابلا من القذائف وسقطت أعداد من الشهداء صغارًا وشبابا وشيبة ونساء، والأمهات ترتفع أصواتها مكبرة بأعلى صوت لها “الله أكبر ابني شهيد الله أكبر يا وطن والله معك”.

كم يؤلمني أن أشاهد تلك الإمدادات ومؤازرة أمريكية لإسرائيل وتنشرها وسائل التواصل الاجتماعي بينما لا يوجد من يقوم بها من العرب.

“الشعب العربي وين.. وين الملايين” إن فلسطين تقاوم العدوان بنفسها، وتخسر أرواح أطفالها وشبابها مقاومة كل سُبل الطغيان من حصار وعدوان.

من المؤسف أن نشاهد نظرات الوداع على الأقمار مجازر غزة ورفح وغيرها، هل سنبقى مجرد مشاهدين ونحن لا نفعل شيئا، متى سنشدّ أيادينا ونتحرك، ماذا يعني هذا الصمت العربي الذي له صوت، أين شيرين أبو عاقلة؟ ورفاقها الذين استشهدوا لأجل رسالتهم؟ رسالتنا نحن كرسالتهم متى سينتهي ذلك العدوان الجاثم على قلب فلسطين الحبيبة وقلب كل فلسطينيّ؟ ومتى سيبصر الكيان الصهيوني فداحة الجريمة التي يقومون بها من حصار وقتل ونهب وتجويع وإغلاقات وقصف. إنهم لم يشاهدوا بعد مدى القوة الإلهية التي يمدها الله تعالى لأبناء فلسطين، سيأتي يوم عليهم ويُباد كل شخص منهم فهم لا يعلمون ولا يبصرون قوله سبحانه وتعالى “ألا إنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ” إنهم صمُ بكم عميٌ لا يعملون أنهم ضعفاء عندما تأتيهم تلك القوة وبمدد ونور من الله.

علموا أبناءكم من هي فلسطين علموهم بأنها داركم ودرب انتصاراتكم وتغنوا معهم بكل كلمة منها  فإنهم لا يعرفون من هي:

“فلسطين داري ودرب انتصاري

تظل بلادي هوى في فؤادي

ولحنًا أبيًا على شفتيا

وجوه غريبة بأرضي السليبة”

يا رب كن العون والنصر لأهلنا في فلسطين المُحتلة، اللهم قد ضاقت بهم الأرض بما رحبت، يارب سدد ضربات المقاومة واقتل الغاصبين ومن والاهم، كما نسألك أن تقذف الرعب والخوف في قلب اليهود.. فلسطين داري ودرب انتصاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *