اخبار عمان

تساؤلات منطقية بناءة قبل تطبيق دبلوم التعليم المهني والتقني (12)

 

 

الدكتور توفيق بن بدر الغيلاني

 

أكد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أعزه الله في اجتماعاته بمجلس الوزراء الموقر، والتي منها في الثالث من مارس 2020، على أهمية دراسة الآليات المناسبة لتطوير التعليم وتجويد مخرجاته، وفي الخامس عشر من يونيو 2021، حثَّ جلالته على اتخاذ الإجراءات السريعة واللازمة، لتحليل الاحتياجات والمتطلبات الضرورية، لتطبيق التعليم المهني والتقني في التعليم ما بعد الأساسي، بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته المستقبلية، كما وجه جلالته حفظه الله ورعاه في الحادي والثلاثين من مايو للعام 2022، بإعداد خطة تنفيذية متكاملة لتطوير قطاع التعليم والتدريب المهني، لرفد سـوق الـعمـل بالكفاءات الوطنية الماهرة، وباستكمال إعداد مسار التعليم التقني ضمن مخرجات التعليم العام، ومواءمة مخرجات التعليم العام (المسار التقني)، مع برامج التعليم والتدريب المهني.

وتنفيذا للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه أصدرت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم، في الثلاثين من يونيو 2021، قرارا وزاريا بتشكيل لجنة رئيسية لمشروع تطبيق التعليم المهني والتقني في التعليم ما بعد الأساسي، برئاستها وعضوية وكيلي الوزارة وعدد من المختصين، وفي السابع والعشرين من فبراير 2023، أقر مجلس الوزراء الموقر، الخطة الدراسية المقدمة من قبل وزارة التربية والتعليم ، التي تضمنت مسارات تعليمية ومناهج دراسية جديدة، أعدت لمواكبة متطلبات التنمية المستدامة ومهارات المستقبل. وأقر المجلس إعادة هيكلة السلم الدراسي للنظام التعليمي، والبدء في نظام التعليم المهني والتقني وتطبيق الخطة الدراسية تدريجيا، بدءا من العام الدراسي المقبل 2023/2024م.

بعد هذا السرد الزمني لمشروع دبلوم التعليم المهني والتقني، أود أن أطرح بعض التساؤلات المنطقية البناءة، التي آمل من المعنيين بمجلس الوزراء الموقر، ومكتب وحدة متابعة تنفيذ “رؤية عُمان 2040، والمعنيين أيضا بمكتب مشروع التعليم المهني والتقني بوزارة التربية والتعليم، أن يراعوها قبل تطبيق دبلوم التعليم المهني والتقني.

ولقد قمت بصياغة هذه التساؤلات، في ضوء التحليل النقدي البناء، للقاء الذي أجرته جريدة “عمان” مع الدكتور يحيى بن خميس الحارثي مدير عام المديرية العامة لتطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم، في الثالث من يوليو 2023، وفي ضوء الخبر المنشور بالموقع الإلكتروني بالبوابة التعليمية (المنصة الإلكترونية لوزارة التربية والتعليم)، في العاشر من أبريل 2023، عن الزيارات التوعوية التي نظمتها وزارة التربية والتعليم، ممثلة بمكتب مشروع إدارة تطوير التعليم المدرسي وهيكلته، للمدارس الأربع التجريبية، التي ستطبق التعليم المهني والتقني للعام الدراسي القادم 2023/ 2024.

أشار الدكتور يحيى بن خميس الحارثي، إلى أنه سيقتصر في المرحلة الأولى من تطبيق دبلوم التعليم المهني والتقني، في المدارس التجريبية المختارة للتطبيق، على اختيار الطلبة الراغبين في الالتحاق من المناطق والقرى القريبة من تلك المدارس؛ مما يعني أنه ليست هناك منهجية علمية مقننة لاختيار الطلبة للمشاركة في التطبيق، لضمان نجاح تجربة دبلوم التعليم المهني والتقني بشكل علمي سليم؛ حيث لا يعتبر معيار رغبة الطالب في المشاركة معيارا علميا، فلماذا لا يتم اختيار الطلبة الذين سيشاركون في التطبيق من خلال استخدام مقياس الميول المهنية لطلبة التعليم المدرسي (912) المطور بواسطة وزارة التربية والتعليم؟!

وحول معايير اختيار المدارس الأربع التجريبية المختارة، لتطبيق دبلوم التعليم المهني والتقني، أوضح الدكتور الحارثي، أن الاختيار تم لعدة اعتبارات منها قربها من المناطق الصناعية والمؤسسات التجارية والمؤسسات التدريبية الخاصة، وهنا يتبادر للذهن السؤال المنطقي، ماذا عن المدارس التي تبعد عن المناطق الصناعية والتجارية والمؤسسات التدريبية، بمئات وآلاف الكيلومترات، هل يصلح تطبيق دبلوم التعليم المهني والتقني بها، سواء لمسار تخصصي إدارة الأعمال وتقنية المعلومات، أو التخصصات الهندسية والصناعية المقترحة من الجمعية العمانية للطاقة (أوبال)، والمزمع طرحها في العام الدراسي 2024/20225، عند تعميم تجربة دبلوم التعليم المهني والتقني بجميع محافظات سلطنة عمان؟!

ووفقاً لما ذكره الدكتور الحارثي، أن الوزارة استندت عند بناء وثائق التعليم المهني والتقني لمرحلة ما بعد الأساسي، إلى الوثائق والتشريعات ذات الصلة، ومنها الإطار الوطني للمؤهلات، واللائحة التنظيمية للكليات المهنية، ولائحة برنامج الدبلوم المهني في المؤسسات التدريبية الخاصة، واللائحة التنظيمية للكليات التقنية وغيرها أليس هذا دليلًا واضحا وجليا، على أن منظومة التعليم المهني والتقني، التي قامت وزارة التربية والتعليم ببنائها، تأخذ من صلاحيات وأدوار مؤسسات تعليم عالي حكومية بسلطنة عمان، على سبيل المثال لا الحصر، الكليات المهنية التي هي الآن تحت إشراف وإدارة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وكليات التقنية التي هي الآن تحت إشراف وإدارة جامعة التقنية والعلوم التطبيقية؟!

سيقوم أعضاء هيئة التدريس من الكلية الحديثة للتجارة والعلوم، بتدريس اللغة الإنجليزية، لطلبة دبلوم التعليم المهني والتقني، وهنا يتبادر السؤال المنطقي، لماذ لا تتم الاستعانة لتدريس اللغة الإنجليزية، بمعلمي اللغة الإنجليزية الخبرة بمديريتي التربية والتعليم بمحافظتي مسقط وشمال الباطنة، اللتين سيتم فيهما تجريب تطبيق دبلوم التعليم المهني والتقني، وذلك بهدف ترشيد الإنفاق الحكومي، وبالتالي تحقيق مستهدفات رؤية عمان 2040، وتحقيق مستهدفات الخطة الإستراتيجية لوزارة التربية والتعليم، فيما يخص جانب ترشيد الإنفاق، أو تتم الاستعانة بدون دفع أية رسوم إضافية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية الحكومية لوجود فروع لها في جميع محافظات سلطنة عمان؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *