اخبار عمان

الوعي المُجتمعي والتنمية | جريدة الرؤية العمانية

 

حمد الناصري

 

يقول المُفكر الفرنسي إدغار موران “إنني من أولئك الذين يعتقدون أن التطورات التقنية والاقتصادية لحضارتنا مرتبطة بتخلف سيكولوجي وأخلاقي”.

وحين سُئل عَقِب ثورات الربيع العربي، قال “الآن يتم التحرر من الاستعمار الفكري، ويبقى الاستعمار الاقتصادي، الذي يجب تحريره”. والفيلسوف موران، من أصول يهودية إسبانية “السفارديم” المُؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة خاصة به، وفي عام 2004 كتب موران في صحيفة ” لوموند  Le Monde” الفرنسية، مُندّدًا بالسياسة الإسرائيلية داعيًا إلى عدم كراهية العدو.

أسُوق مُقدّمتي هذه وأنا استذكر ما جاء في مُحاضرة قيّمة ومُهمّة للأستاذ حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة اخبار عمان العُمانية، في مسجد العُذيبة حول الأحداث الجارية في فلسطين المُحتلة، وكان من أهم محاورها مِحور سلاح الإيمان الأهم لدى المقاومة الفلسطينية ممثلة في كتائب القسام. والمِحور الآخر، كان حول طريقة بناء الإنسان الفلسطيني وفيها يكمن سِرّ الانتصار والمِحور الثالث هو فعاليّة سِلاح المُقاطعة الاقتصادية في دعم القضية الفلسطينية.

ويرى الطائي أنّ وسائل التواصل الاجتماعي كشفت عن مدى التضليل والخداع الذي مارسه الصهاينة ومن خلفهم من الماكينات الدعائية والإعلامية والمنصّات الاجتماعية الضخمة لثمانية عقود تقريبًا وكيف تمكّنوا من تحريف نظرة العالم نحو إسَاءة فهم القضية الفلسطينية وشيطنة نِضال الشعب الفلسطيني، وأشار حاتم الطائي، إلى أنّ إسرائيل أخيرًا خسرت المعركة الإعلامية نتيجة للاستخدام المِثالي لوسائل التواصل الاجتماعي العربي والفلسطيني رغم مَحدوديّتها وتمكّن الفلسطينيين وبعض وسائل الإعلام غير المُنحازة من نقل الصورة الحيّة لما يَحدث حقيقة وبلا رتوش وخصوصًا قناة الجزيرة.

ولإحساسها بمرارة الهزيمة قامت إسرائيل بقتل أكثر 70 إعلاميًا وصحفيًا بشكل مُباشر أو غير مباشر لدفن الحقيقة ومنها قتل أسرة مُراسل الجزيرة وائل الدحوح الذي كان ينقل لنا الصُورة الحيّة للأحداث بالقصف الهمجي الإسرائيلي.

وخاطب الطائي الحضور في مُحاضرته في مسجد العذيبة متحدثًا باللهجة العُمانية “لا تعتقدوا ما يحدث في غزة بعيدا عنكم بالعكس نحن في قلب المعركة كعرب ومُسلمين، كل إنسان موجود على هذه الأرض الطيبة، له دور، ما بالضرورة أن تُقاتل ولكن قد يكون دورك بالكلمة قد يكون ما يحدث الآن في كل الدول العربية والإسلامية سلاح المُقاطعة، ليس بالضرورة تروح ستار باكس.. ولا بالضرورة تشتري من بيتزا هت، ولا من ماكدونالدز، ترا هذي فلوسهم تروح لتصنيع آلة القتل الإسرائيلية التي تقتل العرب والمُسلمين والفلسطينيين، سلاح المُقاطعة سلاح في غاية الأهمية، لا تُخففوا أو لا تقللوا من قيمته، لو ما حَد راح ستار بكس اليوم وبكره بعد 30 يوماً سيغلق .. لأن هذي الفلوس بتروح خارج البلد. احنا بالله عليكم ما عندنا رواد أعمال شباب، يقدروا يسووا، ستار أوف عُمان.. يُسّووا مقهى يسووا كابتشينو وقهوة، هذي المكينة قيمتها أساسًا ألفين ريال ما قيمتها مليون ريال ولا شي، معقولة احنا ما قادرين انصَنّع فطيرة البيتزا اللي هيّه عبارة عن فطيرة وجبن وطماطم لازم نجيب بيتزاهت”.

وهنا نتساءل جميعًا وعلى لسان الطائي لماذا لا يُتم تفعيل وتنشيط الاقتصاد من خلال دعم العلامات التجارية العُمانية سواء القديمة أو الشابة؟

ونتساءل أيضًا أين دور وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وأين هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمُتوسطة، وأين دور وزارة العمل؟ فتشغيل الأيدي العاملة العُمانية يعني زيادة التنمية الاقتصادية والتنمية الاقتصادية تعني نمو الدخل ويعني ذلك تحسين وتوفير حياة مُرفهة تستند على قوة بشرية كُفوءة وذات دخل مُرتفع، وتحسين مُستوى المَعيشة ومن ثُم توسيع الاقتصاد، مِما سيؤدي إلى مظاهر إيجابية قد تكون غير محسوسة حاليًا منها أنّ ارتفاع مُستوى المعيشة سيخفض مُستوى الفقر والجريمة والأُمّية ويُؤدي إلى زيادة في الدخل بزيادة المُخرجات الإنتاجية وتقليل الاعتماد على المُنتجات والخدمات المُستوردة.

النشاط الاقتصادي، يَعتمد على الموارد البشرية وعلى الإمكانيات المُتاحة وعلى تنمية المُؤسسات الصغيرة والمتوسطة اللتين تعتبران من أهم أعمدة الاقتصاد والإنتاج.

والسؤال المُوجه إلى شبابنا الباحثين عن عمل، لماذا لا يقومون بمبادرات لتوسيع وتنويع المِهن والحِرف الموجودة ومُحاولة تشغيل أنفسهم ذاتيًا من خلال طرح أعمال بديلة وإن كانت بسيطة حاليًا، فبالعمل الدؤوب والمُثابرة ستنمو وتكبُر غدًا بإذن الله. وكما طرحها الأستاذ حاتم الطائي في مُحاضرته، وأوّل الغيث قطرة.

الخلاصة.. أنّ ما أشار اليه الأستاذ حاتم الطائي حول دور المُواطن العربي عمومًا والعُماني خصوصًا في أيّ قضية أو تحدٍّ هو دور حاسم ومُهم وفي الحرب الدائرة في فلسطين يقوم الفلسطينيون بالدور الأكبر والتضحيات الجِسَام ويبقى علينا نحن أن ندعمهم بما يُمكننا من وسائل أهَمّها سلاح المُقاطعة للمنتجات والعلامات الداعمة للكيان المُحتل وهو تحدّي له منافع منها تغير لهجة الإعلام الغربي ومنها وهو الأهم دعم الاقتصاد الوطني ودعم المُنتج المحلي وهو ما ركّز عليه المُحاضر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *