اخبار عمان

كلُّنا مسؤول | جريدة الرؤية العمانية

 

 

أحمد بن خلفان الزعابي

[email protected]

 

 

نُشاهدُ يوميًا ضمن قافلة الحياة الكثيرَ من المواقف التي تمرُّ علينا سريعًا، بعضها لا نأبَه له والبعض الآخر نتوقف عنده، وقد يكون توقفنا لأجل المشاهدة لا أكثر، لكن: هل يجب علينا أن نتدخَّل عند اللزوم؟

المسؤول ليس وحده ذلك الشخص صاحب الوظيفة الذي يتمتع بالسلطة المخولة له وفقاً للأنظمة والقوانين، المسؤول ليس ذلك المدير أو الرئيس في شركتهِ أو مصنعه فقط، المسؤول ليس مراقبَ البلدية أو مفتشَ الصحة والبيئة أو حتى مفتش حماية المستهلك، أو مفتش العمل، أو حتى رجل الشرطة. إنما المسؤول هو ذلك الشخص المكلَّف بعمل لأجل القيام به وفقاً للوائح المُنظِّمة لمسؤولياته في العمل، ولكنَّ مسؤولية الإنسان العامة تتجاوز حدودَ أماكن العمل؛ لأنَّ الله تعالى خلق بني آدم وكرَّمهُ بالعقل وجعلهُ مسؤولاً عن نفسه وغيره؛ وبالتالي فإنَّ فاقد العقل يُعتبر فاقدًا للأهلية، قال تعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” (الإسراء: 70)، وتكريم الله لبني آدم على سائر مخلوقاته يُعتبر مزيّة، وعليه القيام بواجباته دون تقصير.

ولا شك أنَّ الخير موجود في الجميع، ولا شك كذلك أنَّ هناك تفاوتًا في المعرفة ودرجات الوعي، ونُشاهد أو نسمع عن الكثير من الأحداث والظواهر السلبية إما تلك التي تقع أمامنا أو في محيطنا، وقد يكون للبعض منها تأثير محدود والآخر منها تأثيره قد يتسبب في الضرر على البشر والممتلكات العامة أو الخاصة، وقد يأتي شخص أو مجموعة يرتكبون مخالفات للأنظمة والقوانين ويكون تأثيرها مباشرًا وبعضها يأتي بعد حين، وجميعها في كل الأحوال تُهدد سلامة وأمن المجتمع، أو تتسبب في تلف الممتلكات، فهنا: هل يجب علينا الوقوف مُشاهدين وحسب ونمرُّ مرور الكرام؟ أم علينا التوقُّف والقيام بواجبنا بإبلاغ السلطات حتى تتَّخذ ما يلزم لإيقاف كل متجاوز عند حدِّه؟

قد نُشاهد مخالفات للبيئة محظورة قانونًا؛ مثل: تجريف التربة أو قطع أشجار الظل، أو العبث بالمحميات، أو رمي مخلفات البناء في الأودية والأماكن البعيدة عن الأنظار، أو التخلُّص غير الآمن من المخلفات الصناعية والنفايات الضارة…وغيرها مما يُخالف القانون، وقد نُشاهد من يعبث بمرافق الحدائق العامة والمتنزهات، وآخر يُفحِّط أو يُمارس رياضة انجراف المركبات على الطرق العامة أو بين الحواري، مُهدِّدًا بذلك سلامة مستخدمي الطريق، وآخر قد يعمدُ لتركيب أجهزة تُصدِر أصواتًا مزعجة تُرِّوع الآمنين، وقد نشتري أيًّا من المواد الغذائية أو الأطعمة المُغلَّفة، وعند الاستخدام نشك في الطعم أو أن لها رائحة غير معتادة، على الرغم من أن تاريخ الصلاحية لا يزال ساريًا، وهذا قد يكون ناتجاً عن التخزين في ظروف غير ملائمة، أو التلاعب بتواريخ الصلاحية، كذلك قد نلاحظ عيوبًا في بعض السلع التي نشتريها وهذا بالطبع يضرُّ بمصلحةِ المستهلك، وقد نلاحظ أثناء تصفُّحنا لوسائل التواصل الاجتماعي حسابات وهمية تسعى لانتهاك خصوصية المستخدمين بغرض الاحتيال وابتزاز الناس، وهناك حسابات تُروِّج لإعلانات مُضلِّلة عروضها غير منطقية، فهنا: هل علينا اتباع المثل القائل: “إذا سلمت ناقتي ما عليَّ من رفاقتي”، أم علينا الإبلاغ؟

نعم.. هُناك جهات اختصاص مخوَّلة بضبط المخالفين واتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية بحقهم، وهي بلا شك قائمة بأدوار يشهد لها الجميع، لكن يحدث في كثير من الأحيان أن نكون نحنُ من شاهد ارتكاب البعض للمخالفات، فهل علينا تجاهل الأمر؟ أم يقع على عاتقنا إبلاغ السلطات المختصة، لأن البعض ممن يأمن عدم وجود رقابة في أماكن معينة يُمارس ما يحلو له دون أن يلقي بالاً بسلامة وأمن الآخرين، فهنا علينا استشعار المسؤولية تجاه الله تعالى وتجاه الوطن الذي نعيش في كنفه وتجاه سلطاننا وولي أمرنا، والكثير من جهات الاختصاص لديها سياسات خاصة بالإبلاغ تنظِّم هذه العملية، وتضمن سرية بيانات مُقدِّمي البلاغات، والكثير من المؤسسات سهَّلت عملية الإبلاغ عن المخالفات؛ حيث أتاحت تلقي البلاغات إما بواسطة مواقعها الإلكترونية أو عبر خدمة الخط الساخن، وقيامنا بإبلاغ السلطات المختصة هو واجب على كل فرد منا.

كُلُّنا مسؤول، والمحافظة على المال العام وسلامة المجتمع هي مسؤولية أجهزة الدولة في المقام الأول ومسؤولية كل مواطن ومقيم ثانيًا، ولا شك أنَّ الوعي ضرورة؛ بحيث لا نقف متجاهلين المخالفات من هنا وهناك، وواجبنا القيام بدورنا للمساهمة مع أجهزة الدولة في التصدي لكل ما ومن يضرُّ بمصلحة البلاد والعباد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *