اخبار عمان

عقول فقيرة | جريدة الرؤية العمانية

 

أحمد بن موسى البلوشي

من أسوأ الناس الذين يمكن التعامل والعيش معهم، وتجدهم في كل مكان؛ أصحاب العقول الفقيرة، الذين يجب أن تبتعد عنهم قدر المستطاع، أصحاب العقول الذين يشككون في كل شيء، ويسعون في الانتقاص والتقليل من قيمة كل مُنجز في هذا الوطن، ويمتازون بتأثيرهم السلبي على من حولهم، يوهمون أنفسهم بأنهم أصحاب عقول مُفكرة، وهم لا ينتجون لأنفسهم شيئًا، لا يستطيعون تحسين وضعهم الفكري والعقلاني لسيطرة السلبية عليهم، لذلك يُطلق عليهم أصحاب العقول الفقيرة.

يقول الملياردير الصيني جاك ما: “أسوأ ناس تتعامل معهم هم ذوو العقول الفقيرة”، ذوو العقول التي سيطرت السلبية والتشاؤم عليها، عقول لا تعرف للإيجابية المعنى الحقيقي، همهم وشغلهم الوحيد التعليق السلبي على كل منجز وطني، وكل تقدم حاصل به، يُشكك ويُكذب كل التقارير التي تصدر وبها نظرة إيجابية عن وطنه، دائمًا يعطي نظرة سوداوية وسلبية مفطرة عن البلد الذي ينتمي إليه.

كانت المناهج الدراسية في فترة من الزمن في بعض موادها تطرح فقرة “يعجبني، لا يعجبني”؛ حيث يُطرح من خلالها بعض السلوكيات المقبولة وغير المقبولة على شكل صور، ويقوم الطالب بكتابة عبارة يعجبني أو لا يعجبني تحت كل صورة، هذا السلوك نراه الآن مع الكثيرين من الناس في انتقادهم للمشاريع، أو بعض الأخبار، أو الإحصائيات، أو المنشورات وغيرها التي تخص الوطن، ولكن لا نراهم يكتبون سوى “لا يعجبني” في كل ما يُطرح دون دراية وخلفية عن ما تم طرحه، فقط همهم الوحيد أن كل ما يتم إنجازه وتحقيقه في هذا الوطن أن يُحكم عليه بالفشل والكذب، وهو شخص لا ينتج للوطن شيئًا، إنتاجه الوحيد هو “لا يعجبني”. يقول بيرتراند راسل: “العقول الفارغة، تحكم على المظاهر”.

الكل يتفق على أن حرية التعبير عن الآراء لها الكثير من الإيجابيات؛ بل بالعكس يتم الاستفادة منها في التطوير، ولكن في نفس الوقت لها العديد من السلبيات، ومن أهمها السخرية والاستهزاء والتنمر والانتقاص من كل ما يُطرح بخصوص الوطن، ومقارنته بدول أخرى مقارنة غير عادلة؛ حيث تتفنن هذه الفئة من الناس في إبداء رأيهم في كل شيء وأي شيء، وتوجيه سهام الانتقاد لكل ما يطرح أو يقال أمامهم، انتقاد  غير مدعوم بالأدلة، فقط انتقاد عشوائي من أجل الانتقاد واستصغار للإنجازات التي نراها، فقط يريدون إبداء رأيهم المخالف وإن كانوا لا يعلمون شيئًا عما تمَّ طرحه، ولكن في نفس الوقت يمجدون ما يرونه ويسمعونه من أخبار ومشاريع وأفكار في دول أخرى؛ كأنهم هم الذين وضعوا وتابعوا هذه الإنجازات.

يجب أن نعي شيئًا في غاية الأهمية، نحن لسنا في مدينة فاضلة، ولسنا ملائكة كما يتصور البعض، الحقيقة المؤلمة هي أن الآخرين لا يقدرونك ولا يحترمونك وأنت تتفنن وتبدع في الإساءة لك ولوطنك ولكل منجز به، لأنك من خلال هذه السلبية لا تقدم شيئًا، بل بالعكس توضح للجميع أنك فقير العقل، ولا يعتقد الكثيرون بأن مثل هذه الانتقادات وهذه التصرفات جرأة وقوة وذكاء، بل تدل على ضعف الشخصية، وهشاشة الفكر، ويجب عليهم أن يبتعدوا عن هذا الأسلوب وعن من يتصف به، لأن الكثير من هذه التراكمات قد تدمر نفسيتك ومزاجك وتخسر الكثيرين من الناجحين حولك. يقول رالف والدو إمرسون: “للعقول الصغيرة هموم صغيرة، أما العقول الكبيرة فليس عندها وقت للهموم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *