ترندات

جيش الاحتلال يستعد لحرب مدن طاحنة في غزة

مع ترقب أنّ تشنّ إسرائيل هجوماً برياً ضد قطاع غزة مستخدمة قوات النخبة لديها، يتوقّع محللون أن يتحوّل القطاع المحاصر إلى مسرح لعملية عسكرية دامية ومرهقة وطويلة للغاية.

وأمرت إسرائيل أمس الجمعة، المدنيين في مدينة غزة بالنزوح باتجاه الجنوب، وجددت دعوتها اليوم السبت بـ “عدم الإبطاء” في الإجلاء.

ولا يترك هجوم السبت الماضي الذي شنّه مقاتلو حماس، وهو الأسوأ في تاريخ إسرائيل، سوى قليل من الشكوك حول حجم العملية المقبلة. ويرى محللون أن القصف الجوي المكثّف الذي تقوم به إسرائيل منذ بدء عملية حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، هو تحضير لهجوم بري كبير.

وبقول أليكس بليتساس، الخبير في شؤون الدفاع في مجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث أمريكي مقره واشنطن، إن “الضربات الجوية الحالية تهدف إلى القضاء على قيادة وسيطرة حماس والقادة الرئيسيين، والأنفاق ومخابئ الأسلحة وقاذفات الصواريخ لتقليل مخاطر الهجمات الصاروخية ضد المدنيين الإسرائيليين، والمخاطر التي يتعرض لها أفراد (الجيش الإسرائيلي) خلال عملية برية”.

وبالتالي، هناك احتمال بأن تنضم غزة، وهي واحدة من أكثر الأماكن اكتظاظاً بالسكان في العالم، إلى قائمة المناطق الحضرية التي تحولت إلى أنقاض بسبب العمليات العسكرية، مثل الفلوجة في العام 2004 في العراق، والموصل في شمال العراق في العام 2017، وماريوبول في أوكرانيا في العام 2022.

وشهد قطاع غزة معارك وقصفاً مدمراً في العام 2014، عندما حشدت إسرائيل 75 ألف جندي احتياط لعملية استمرت 50 يوماً، وفق ما يقول جون سبنسر من معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية ويست بوينت، ولكنّ هذه المرة، استدعت السلطات الإسرائيلية 300 ألف.

ويقول بيار رازوكس من مؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الاستراتيجية: “سيرسل الإسرائيليون كل وحدات النخبة ومركباتهم المدرعة والمشاة وخبراء المتفجرات والكوماندوس والقوات الخاصة، وسيكون لدى هذه القوات دعم من المدفعية والطائرات المسيّرة والطائرات المقاتلة والمروحيات القتالية”.

وأضاف أن “الهدف الأول قد يكون تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، وفصل رفح في الجنوب عن مدينة غزة في الشمال”، وتابع “أتوقع حدوث عمليات مدعومة بالآليات والمدرعات للسيطرة على الطرق الرئيسية، كما حدث في بيروت عام 1982، قبل هجوم منسق في كل الاتجاهات براً وبحراً وجواً”.

ويرجح رازوكس أن يتمّ شنّ الغزو ليلاً، إذ إن حماس محرومة من الكهرباء بينما المقاتلون الإسرائيليون مجهزون بأحدث أجهزة الرؤية الليلية التي تسمح لهم بالرؤية حتى من خلال الجدران.

من منزل إلى منزل
ورغم ذلك، فإن التفوّق التكنولوجي الإسرائيلي لا يقدم حلولاً سهلة، ويقول أندرو غالر من شركة الاستخبارات البريطانية “جينز”، إن حرب المدن تشكل دائماً “واحدة من أكثر البيئات التكتيكية واللوجستية تعقيداً” لأي جيش نظامي.

ويعمل مقاتلو حماس في متاهة من الأزقة الضيقة، وشبكة من الأنفاق لا تستطيع أجهزة المخابرات الإسرائيلية كشفها إلا جزئياً، ويقول سبنسر “في تاريخ حرب المدن، يمكن أن يستغرق تطهير مبنى واحد كنقطة حصينة أياماً أو أسابيع أو أشهر”.

وتزداد صعوبة العملية الإسرائيلية مع حقيقة أن حماس مدججة بالسلاح، ويشير سبنسر إلى أن حماس نشرت في 2014 ما بين 2500 و3500 مقاتل، مجهزين بالصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وقاذفات القنابل اليدوية والبنادق الآلية والأسلحة الصغيرة.

ويضيف أن ترسانة الأسلحة لديها توسّعت منذ ذلك الحين، لا سيما مع إضافة “مجموعة كاملة من الطائرات المسيّرة من الطائرات الانتحارية بدون طيار الى العسكرية والمروحيات الرباعية التجارية الجاهزة والمعدلة لإسقاط الذخائر”.

ويواجه المدنيون في قطاع غزة وضعاً مأسوياً. وقد فرّ أكثر من 423 ألف شخص من منازلهم، وفق الأمم المتحدة، لكنهم لا يواجهون سوى خيارات قليلة للهروب مع إغلاق حدود غزة من جميع الجوانب.

ووضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يعلم أن إرثه السياسي برمته على المحك، هدفاً مبالغ به، وقال في مؤتمر صحافي أول أمس الخميس: “مثلما تم سحق داعش، سيتم سحق حماس”، في إشارة إلى التنظيم الإرهابي. وهو الهدف الذي يضع الجيش الإسرائيلي أمام معركة طويلة.

ويقول بليتساس “الطريقة الوحيدة أمام إسرائيل لتحقيق هدفها المتمثل في القضاء على القدرات العسكرية لحماس، هي حرب المدن من منزل إلى منزل، ومن مبنى إلى مبنى”، ويضيف “قد يستغرق ذلك أشهراً عدة نظراً لحجم غزة وعدد الإرهابيين المستعدين للقتال وحجم مخابئ أسلحة الإرهابيين وحجم السكان المدنيين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *