اخبار عمان

غزة والقيمة المضافة | جريدة الرؤية العمانية

هند الحمدانية

يقولُ الإمامُ الشافعي: “وإني لمشتاقٌ إلى أرضِ غزة // وإن خانني بعدَ التفرقِ كتماني“.

ليس بغريبٍ على أرض غزة هذا الشوق فهي “بنت الأجيال المُنصرمة كلها ورفيقة العصور الفائتة” كما قال عنها المؤرخ الفلسطيني عارف العارف، وكما وصفها المستشرق الأمريكي ريتشارد غوتهيل بأنها “نقطة التقاء للقوافل ومركز توزيع البضائع وهمزة الوصل بين العديد من البلدان”. وكما نعلم جميعًا أن غزة كانت ذات قيمة متفردة عبر التاريخ من حيث الحضارة والتجارة والموقع والأهمية الإستراتيجية.

وحقيقة كان حريًا بنا إبان هذه الحرب الظالمة التي يتآمر فيها كل طواغيت العصر أمام مرأى العالم أجمع على هذا القطاع الصغير الصامد أن نلقي الضوء على القيمة المضافة لمدينة غزة محليًا وإقليميًا وعالميًا.

إنَّ غزة هاشم (مثلما يُطلَقُ عليها نسبةً لجد النبي صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف الذي دُفن فيها) لها قيمتها التاريخية العريقة على مر العصور مثلما أسلفنا، ولكن في هذا المقال نجزل الحديث عن القيمة المضافة والميزة التنافسية للمنتج الغزاوي، والذي يشمل كل أبناء غزة شبابًا وبناتًا نساءً ورجالًا أطفال وأجنةً.

الغزاويون والمكان والثمن المدفوع والدعاية والإعلان، هذا المزيج من أعمدة التسويق أضاف قيمة عميقة ومتصاعدة لن ينساها العالم أبداً.

يمتاز المنتج الغزاوي بعنصر الإيمان الصادق والنية الخالصة، فهو على مر سنوات طويلة تكبد الألم، واستحمل الأذى وصبر على البلاء، وكافح في سبيل البقاء، كان يتطهر كل يوم من الذنوب، نشأ وسط التهجير، وذاق العزة منذ أن كان طفلًا صغيرًا، فقرر أن يختار المصير: إما العزة والنصر وإما الشهادة وهي الفوز الكبير.

أما المرأة الغزاوية فهي المركز الاستراتيجي، حيث تمثل كل مصادر الخوف لدى العدو الصهيوني، فهي المصنع الذي لا يمكن تعطيله، وهي المهد الرباني الذي لا ينضب معينه، تنتج الغزاويين جيلاً بعد جيل أكثر جودة وأكثر جرأة وشجاعة وأشد ذكاءً وأمر لحمًا وأكفأ على نيل الشهادة.

الثمن المدفوع في غزة ينافس كل أسواق العالم، فغزة تقدم تجربة فريدة للمستهلك، وخدمة جهاد يشهد لها الخبراء العسكريون إنها الأكثر حنكة ودهاء، وتحفها أيضًا أسرارٌ عظيمة، ربما كانت نياشين من رب العالمين، وآلاف من الجنود مُنزَلين لا يُحصى لهم عدد وهم لأهل غزة خيرُ مَدد.

أما بالنسبة للدعاية والإعلان فهي أهم أداة تسويقية تربط بين المنتج الغزاوي والمستهلك في السوق العربي والعالمي، والتي تهدف إلى تحفيز المستهلك (المتفرج من كل أنحاء العالم) على استيعاب السلوك وتَبَيُن هوية المنتج الغزاوي واكتشاف الحقيقة، ولا شيء يضاهي الدعاية التي استخدمتها المؤسسة الغزاوية مثل الإعلانات النصية الحديثة والرقمية، والواقعية المصورة والمنقولة مباشرة من المربعات السكنية، والوسائط المتعددة والتي تفاعلت مع العملاء من قلب المستشفيات مثل المعمداني ومجمع الشفاء وغيرها، وأيضا محتوى الفيديو المؤثر لطوابير الجثث ومقابر جماعية وعمليات جراحية على الهواء “لايف” وبتر لبعض الأجزاء وَشُح الأدوية، والقصف المتواصل بشتى الأنواع من الذخائر والصواريخ والقنابل الفسفورية، أي أن غزة فَعَلَت الألوان في إعلاناتها، فأصبح الليل فيها أحمر. أبيض. برتقالي. مما يشد المتلقي، ويجذب انتباه الغافل، وأضف إلى ذلك الإعلانات التفاعلية مثل نشر إصدارات عن نوعية المعركة أو إعلان استطلاع يوجز معدل نبض الشارع العالمي، ويتحسس العجز المتراكم في القلب العربي.

لغزة ميزة تنافسية ستحافظ على وجودها حية في عقل كل عملاء العالم، وحققت أرباحاً طائلة حيث أوصلتها لأقطار جديدة لم تكن تعرف أن هناك غزة محاصرة، لم تكن تعرف أن هناك مقاومة، لم تكن تعرف أن هناك أنفاقًا معمرة يشعر فيها الغزاوي بأهمية الوقت والاتجاهات ودنو النُصرة.

تدهشك غزة حيث طالت قيمتها المضافة علم الفقه، وسُنت لأهلها فتاوٍ جديدة عندما تساءلوا: كيف يصلي من يكون تحت الأنقاض؟ وإذا خرج من تحت الأنقاض معافىً فهل يعيد صلاته؟ هل الخوف تحت القصف عذر للجمع بين الصلاتين؟ هل الله يمنح الشهادة لمن يحب فقط أم يمنحها للمقصرين أيضًا؟

لله درك يا غزة الحرة! قيمتك المضافة كانت الحرية التي عبرت من أنفاق غزة إلى قلب كل عربي كان قيد الأسر، قيمتك المضافة كانت الإرادة والصبر تحت عبارة “الحمد لله يا رب” التي عبرت سماوات الله إلى الدنيا كلها، فأثارت حيرة المُتفرجين من أين يأتي الغزاويون بهذا الصمود؟ ومن أين استمدوا القوة؟، فكانت الإجابة: الإيمان بالله والقرآن، فلله درك يا غزة ولحماسك النصر والعزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *