اخبار عمان

“جسر العواطف”.. كلمة السر في بناء علاقات قوية بين الآباء والأبناء

 

 

◄ خبير تربوي لـ”اخبار عمان”: التنشئة الاجتماعية المضطربة تدفع الأبناء لسلوك مسارات سلبية وخوض تجارب مؤلمة

 

اخبار عمان سارة العبرية

أكد الدكتور عبدالله الحسين خبير تربوي في مجال الطفولة بالمملكة العربية السعودية، أهمية التطور العاطفي لدى الطفل منذ بداية حياته، موضحا أن هناك اختلافات في النمو الاجتماعي والعاطفي لدى الطفل، لأنها مرتبطة بعدة عوامل تؤثر على أسلوب وشخصية الطفل في التعبير عن حاجاته الاجتماعية والعاطفية ومنها: تكوين صداقات مع الأطفال الآخرين والتفريق بين السلوك الجيد والسيء والرغبة في المشاركة بالألعاب الجماعية ومحاولة فهم مشاعر الآخرين والتعاون مع الأطفال.



 

وأضاف: “إن من أهم الأشياء لتطور التفاعل الاجتماعي للطفل مع الأقران هو قضاء وقت ممتع وكافٍ مع الأطفال من أجل المساهمة في تطور وتنمية مهاراتهم مع مراعاة نوعية الأنشطة التي يمارسها مع الطفل أثناء الوقت الممتع، مع ضرورة الابتعاد عن المؤثرات الخارجية والتركيز على الحوار الممتع واللعب مع الطفل لبناء شخصيته”.

وأشار الحسين إلى أن التواصل بين الطفل وقرنائه سواء في المدرسة أو الحديقة أو النوادي الرياضية، والحصول على فرصة للاحتكاك بالآخرين، يعزز لديه العديد من مهارات التفاعل الاجتماعي.

وأوضح الخبير التربوي بأن الاضطرابات العاطفية لدى الطفل تشهد بتقلبات مزاجية شديدة وكذلك اضطرابات في التفكير والتصرف، ويمكن أن تظهر في معظم الأطفال من السنوات الأولى حتى سن الرشد وفي كل لحظة من مراحل النمو، مبينا أن الاضطرابات العاطفية عند الأطفال في معظم الأحيان تأخذ شكل ردود الفعل العصبي، حيث يبدأ الطفل التصرف بخوف شديد تجاه المواقف التي تثير ضغوطا عليه والتي لا تشكل تهديدا مباشرا على الطفل.

وتابع قائلا: “من الاضطرابات العاطفية الشائعة، أخطاء الوالدين التربوية بما فيها عملية التنشئة الاجتماعية المضطربة التي تشمل نقص الرعاية أو الحماية المفرطة أو الانفصال أو غياب الطفل عن أحد والديه أو النقد المفرط الخجل المفرط أو العنف والمشاجرات وأجواء الخوف والتحرش الجنسي والإدمان، ولذلك فإن التطور العاطفي يتأثر بالتغيرات التي تحصل للمراهق في فترة المراهقة”.

وبيّن الحسين أن: “الطفل يحس بمشاعر الآخرين ويستطيع فهم وتحليل مشاعر الآخرين كلما كبر سنه وتتطور هذه المهارات لدى الطفل، ليصبح أكثر إدراكًا لنفسه لا سيما لمظهره الخارجي والتغييرات الجسمانية التي تظهر عليها، ويتأثر التقدير الذاتي في سن المراهقة أحيانا بالمظهر الجسدي أو بالطريقة التي يفكر بها المراهق، وقد يقارن المراهقون بين أجسامهم وأجسام أصدقائهم أو مراهقين آخرين من المدرسة، وكذلك يمر بمرحلة المناعة الفكرية والعملية، ويفكر ويعمل كأنه لم يحدث أي شيء سيء، ولذلك من المهم أن يمنح الآباء للأبناء مساحة للتغييرات التي يمر بها المراهق ولكن في الوقت ذاته يجب توجيههم”.

الدراسات

وأجرى الطبيب النفساني هاري هارلو دراسات مرتبطة بالرعاية العاطفية أفضت إلى استخلاص الجوانب العملية للتجربة، مثل التطبيقات العملية في مجال الرعاية الصحية البشرية للأطفال حديثي الولادة، ومن بين هذه التطبيقات تأتي رعاية الكانجرو (Kangaroo Care) كمثال، حيث تشجع على اللمس المباشر والمنتظم بين الأم وطفلها أو بين مقدمي الرعاية الأساسية والرضع، وقد أظهرت الدراسات أن هذه الممارسة تسفر عن تحسن في الصحة الجسدية والنفسية للرضع، وتقليل معدلات الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة.

وفي سياق متصل، أجرى العالم الشهير في مجال علم الحيوانات كونراد لورينز، دراسة حول ظاهرة يُطلق عليها اسم “التطبع” (Imprinting)، تُعبر هذه الظاهرة عن اتجاه صغار الحيوانات في مراحل معينة من نموهم للتعلق بأقرب الكائنات إليهم، ومن ثم محاكاة تصرفاتها وحركاتها، إذ يرى لورينز أن هذه الظاهرة تعتبر جزءًا من السلوكيات الطبيعية التي تساعد في تطوير مهارات البقاء على قيد الحياة للأفراد، مثل تعلم آليات جمع الغذاء والهروب من الأعداء.

البيئة المدرسية والتعليمية

وسلط الضوء الدكتور عبدالله الضوء على أن للبيئة المدرسية والتعليمية دورا كبيرا في تطور نمو الطفل العاطفي؛ إذ إن البيئة المدرسية لا تقتصر على الجانب المادي فقط؛ بل تشمل الجانب النفسي والعاطفي، مشددا على ضرورة قيام المدرسة بتوفير الشعور بالأمن والطمأنينة والرغبة في حب التعلم والتطور وتحقيق الإنجاز لدى الطفل، وهذا لن يتحقق إلا بتوفر ودعم الجانب العاطفي للطفل وتوفير مشاعر من الحب والمودة والرفق واللين والاهتمام.

وأكد الحسين: “من الضروري أن تتسم البيئة التعليمية بروح الإيجابية، فتكون خالية من التنمر والتحيزات العنصرية، لكي لا يشعر المراهق بالتوتر والقلق وعدم الراحة، وحتى لا تتأثر تصورات المراهقين لمستقبلهم بالسلب، كما يقدر الطلاب على التحصيل الدراسي بشكلٍ أفضل من خلال تعزيز الدوافع الإيجابية بداخلهم، وتحفيز شغفهم نحو التعلّم، وهو ما يبعدهم عن التسرب من المدرسة، ويجعلهم أكثر استعدادًا للالتحاق بالمرحلة المقبلة، ويقلل احتمالية ممارستهم للسلوكيات الخطرة، فتنخفض احتمالية إصابتهم بالاكتئاب، ويزداد شعورهم بالتفاؤل، وتتحسن مهارات التواصل والتفكير النقدي وحل المشكلات لديهم، مما ينمي قدراتهم الإبداعية الفريدة”.

ويرى الخبير التربوي أن على الأسرة مُتمثلة في الوالدين دورا كبيرا في دعم وتطور النمو العاطفي لدى الأطفال؛ إذ تعزز الأسرة وكذلك المعلمين من التطور العاطفي للطفل من خلال توفير الحب والاهتمام والأمان، لأن الطفل إذا شعر بدعم الأسرة له تكونت لديه الثقة بالنفس؛ وهي الثقة اللازمة لاستكشاف العالم المحيط به واكتشاف قدراته وإمكاناته، كما يجب تعزيز ثقة الطفل بنفسه لتنمية وتطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية لديه من خلال التفاعل والتواصل اليومي معه.

وينصح الحسين بالتواصل العاطفي الفعّال من خلال بناء علاقة عاطفية مع الطفل، بهدف تعزيز فهمه لذاته وتشجيعه على التعبير عن مشاعره، وإظهار الاهتمام بما يفضله الطفل وتحفيزه وتشجيعه، وتطبيق نهج الحوار الشيق مع الطفل والاستماع إليه بعنايه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *