اخبار عمان

هل يُتوَّج سليمان فرنجية رئيسًا للبنان؟

سالم بن محمد العبري

 

لعلني أولا أشير إلى أن لبنان والقوى الوطنية العربية فقدت أحد مناضليها الأشداء وهو كمال شتيلا، لقد تابعته مناضلًا قويًا ذا رأي قومي عروبي لا تعوج قامته، وهو إن كان كذلك لكنه من الذين لا يكثرون الكلام، وقد لا يتباهون بما ينجزون، ها هو يتفاعل مع القوى المؤثرة فيختار “ذربان” مفتيًا لأهل مذاهب السنة، وللبنان الوطني المقاوم ولأسرته التعازي، ونأمل أن يكون له خلفًا يوصف بتمثيله للسلف.

كان النائب ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشحًا مُعتَبرًا للرئاسة خلفًا لميشيل سليمان الذي اختير كأحد مخرجات تسوية قطر بعد الرئيس المقاوم بحق إميل لحود وبعد أن صدت المقاومة اللبنانية مُعضدة بالرئيس المقاوم وبسوريا الأسد وإيران الثورة والمواقف، فأفشل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي حلمت به كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية سابقًا وانتخب من أجله فؤاد السنيورة.

كان فرنجية مرشحًا معتبرًا لكن تقديره للعماد عون وتلاقيه مع رغبة حزب الله أن تكون تلك الفترة لعون تقديرًا لمواقفه وتماشيًا مع عمره المتقدم، فقِبِلَ فرنجية ولزم القيم المشتركة مع حزب الله ولم ينبس ببنت شفة معارضة أو امتعاضًا فاعتبره بمنزلة أبيه الذي كان بالرئاسة مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية.

ومن المصادفات أنه مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية كانت السياسة المصرية قد تحولت من دورها القيادي العروبي، الذى يؤلّف ويأمر ويزجر ويقف مع الحق والوحدة والوطنية، إلى دور التوجه الساداتي الذي صيره ملكًا وليس رئيسًا لمصر القيادة والموقف. وحيث إن فرنجية الأب كان عروبيًا وطنيًا ومتسقًا مع التوجهات القومية التي تمثلها سوريا، والتي انفصل عنها السادات حين أوقف الجبهة المصرية عن القتال ليمهد لمؤامرته هو وكيسنجر، فارتدت جموع القوات الإسرائيلية للجبهة السورية لتقضم الجزء الأكبر مما حُرر أثناء اقتحام القوات العربية جبهات القتال في السادس من أكتوبر 1973، وكنَّا لم نتبين التغيير الجوهري في السياسة المصرية وما كنَّا نظن أنها ستتحول بزاوية منفرجة وتصبح سوريا وحافظ الأسد شقيق صنع البناء والتدريب والاقتحام، عدوًا رئيسيًا للسادات ونظامه، وأصبح يهاجم سوريا وحافظ الأسد بصورة فجة لا تليق بزميل سلاح ووحدة بالأمس.

مع بدايات تلك المرحلة جاءت الحرب الأهلية اللبنانية، وكان فرنجية الأب هو صمام الأمان لبقاء لبنان في الخندق الوطني العروبي، فانصبت عليه سياسة السادات المفرقة المبعثرة لوحدة الأمة وتماسكها في وجه الكيان الإسرائيلي، وكان غاية تلك السياسة إضعاف الأمة وتقوية إسرائل. هنا كتبت مقالًا بصحيفة الجمهورية المصرية في أبريل 1975 تحت عنوان “حكاية للرئيس فرنجية” أوردتُ به قصة الإمام الصلت بن مالك حين اعتزل الإمامة منعًا للفتنة، وما كنت نافذًا لأعماق التوجه الذي يُريده السادات ليقوده لزيارته المشؤومة لفلسطين المحتلة بعد بضع سنوات.

واليوم وبعد قرابة نصف قرن، يترشح ويرشح للمرة الثانية وربما الثالثة فرنجية الابن وهو حري به من كل الاعتبارات، فلا يوجد في نظري من يسبقه أحقية وتهيئًا ووسطية؛ بل وبناء تنموياً على الأقل في منطقته وكل من قد يدفع باسمه لا يوازي جزءًا من فرنجية.

أما موقف التيار الوطني الحر من ترشيحه، فأقل ما يُقال عنه إنه تنكّر لموقف فرنجية القيم في كل الفترات مع عون وبالذات في انتخابات 2016، حين ذهب حزب الله لترشيح عون ووقف صفًا منيعًا حتى في وجه فرنجية بالحسنى، وربما قطع له وعدًا بأن يرشح بعد عون.

فلعل “العونية” تتراجع وتذعن للطريق السوي وتترك لأعضائها حرية الانتخاب، كما يريد ضميرها لا كما تذهب مناكفات وقتية أقرب إلى العبثية، فحظوظ فرنجية أكبر وأوثق وأصدق للفوز إذا ذهب في 14 يونيو الجاري إلى التصويت لاختيار الرئيس المرتقب والضروري للخروج من عنق الزجاجة، وندعو النواب الذين لم يفصحوا عن اختيارهم أن ينتخبوا فرنجية فهو الاتجاه الأمثل والصحيح.. وعلى الله قصد السبيل، وبانتظار الخيار اليوم الأربعاء بإذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *