لينا الموسوي
موضوع الاستدامة أصبح قضية العصر وازداد تركيز واهتمام دول العالم عليه في كل مجالاتها، وقد سبق وأن تحدثت عن معنى كلمة استدامة؛ وهي تعني دوام الشيء؛ فالاستدامة تشمل مختلف المجالات الحياتية، الاقتصادية،السياسية، الاجتماعية، المعمارية وغيرها.
هنا أودُ أن اتطرق إلى نوع آخر ومهم من أنواع الاستدامة، وهي الاستدامة الصحية للأفراد؛ سواء كانت نفسية أو جسدية والتي تنعكس بصورة مباشرة على حياتنا ومجتمعاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية. الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم وخلق له كل شيء في الأرض لخدمته ونظم مسيرته بتعاليم وإرشادات لاستمرارية حياته بصورة صحيحة.
ويعد جسم الإنسان ونفسه أمانة من الله تعالى يجب أن يحافظ عليها ويصونها، فاستدامة الصحة في الجسم والعقل والنفس من أهم العوامل التي يحاول ما أمكن رعايتها ليطور ويبني مجتمعه فيرتقي ويتقدم . فالاستدامة في الصحة تكمن في الحركة المستمرة والتغذية السليمة، والعناية بكل تفاصيل الجسم والعقل من نظافة واهتمام، والمتابعة المستمرة وعدم الإهمال؛ حيث احترام نصائح المختصين والانتظام في العادات اليومية من نوم مبكر وغذاء صحي وحركة على قدر المستطاع تحافظ على استدامة صحة حياة الفرد فيتمكن من استمرارية العطاء الاجتماعي أو البناء الاقتصادي والعمراني.
هذا إضافة إلى استدامة الصحة النفسية، من خلال إعادة برمجة تفكير العقل الباطن وتنقيته من شوائب وترسبات مشكلات الحياة والاهتمام المدروس بالبيئة والحفاظ على نظافة وصيانة كل ما يحيط بالفرد سواء على مستوى الحي أو المسكن الذي يعيش فيه.
هنا بدوري كمهندسة معمارية أود التوضيح أن موضوع صيانة البناء والفضاءات الداخلية بصورة منتظمة ومستدامة من العوامل المهمة التي يجب أن يأخذها الفرد في عين الاعتبار؛ لأن إهمالها قد يشكل ضررًا كبيرًا على صحة الفرد.. فالجدران والأسقف الرطبة الخالية من العوازل الحرارية قد تؤدي إلى زيادة أمراض العظام والجهاز التنفسي، والشبابيك غير المُحكمة قد تؤثر على زيادة الحساسيات وغيرها من المشكلات، واستعمال الأصباغ غير الجيدة قد يُؤثر على البصر، علاوة على أن قلة استعمال العوازل الصوتية تزيد من الضوضاء وتقلل من الشعور بالراحة والاسترخاء فتؤدي بدورها إلى زيادة التوتر والعصبية والاكتئاب.
لذلك.. إن رعاية الفرد لنفسه وبيئته المحيطة به بصورة مستمرة ومستدامة لا يحتاج الى كم من المال بقدر ما يحتاج الى الإدراك والشعور بالمسؤولية الذاتية؛ فإذا سقينا الأشجار باستمرار أكلنا أطيب الثمار.
