اخبار عمان

المرسوم السلطاني رقم (23/ 2023) في سطور

يونس الراشدي **

 

 قضية زواج العماني أو العمانية من غير العماني شغلت وتشغل بال الكثير من العمانيين، منذ أن كان تنظيم هذه القضية خاضعاً في الأصل لأحكام المرسوم السلطاني رقم (58 /93) والذي منح التفويض لوزارة الداخلية تنظيم إجراءات الزواج.

 

وبناءً عليه أصدرت وزارة الداخلية القرار الوزاري رقم (92 /93) والذي اشترط الحصول على تصريح خاص للزواج من غير العماني وفقا لنص المادة (1) (يشترط لزواج العمانيين من أجانب الحصول على تصريح بذلك من وزارة الداخلية, وذلك مع عدم الإخلال بحالات الزواج التي تمت قبل صدور هذا القرار) وفي حال المخالفة – أي الزواج دون الحصول على التصريح اللازم وفق نصوص وإجراءات اللائحة المذكورة – فإن العقوبة الجزائية كانت له بالمرصاد وفقاً لنص المادة (4) من ذات اللائحة والتي قضت بما نصه (مع عدم المساس بأية عقوبة أشد مايعاقب كل من يخالف أحكام هذا القرار بالعقوبات الآتية:

(أ): غرامة لا تزيد على ألفي ريال عماني

(ب): الحرمان من تولي الوظائف العامة.

(ج): الحرمان من إدخال الزوجة أو الزوج الأجنبي وذلك فيما عدا الحالات التي تقع بالمخالفة القانونية للمادة (3) من هذا القرار.

ثم جاء المرسوم السلطاني رقم (23 / 2023) ليضع تنظيماً جديداً لهذه القضية فقُضيَ في مادته الأولى (يلغي المرسوم السلطاني رقم (58 /93) المشار إليه، والقرارات الصادرة تنفيذاً لأحكامه) وهذا يعني بأن النظم القانونية السابقة لتنظيم قضية زواج العمانيين وهنا نقصد المرسوم السلطاني رقم (58/ 93) ولائحة تنظيم الزواج الصادرة عن وزارة الداخلية (92/ 93) وتعديلاتها باتت والعدم سواء .

وضَع المرسوم الجديد أحكام تنظيمية جديدة تختلف كلياً عما كان معمول به سابقاً فالمادة الثانية منه حددت معالم هذا التنظيم الجديد (يجب ألا تخل أحكام هذا المرسوم بأحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام، أو بأي حُكم في القوانين والمراسيم السلطانية والنظم المعمول بها يقضي بعدم الزواج من أجنبي كشرط لتولي بعض الوظائف العامة ذات الأهمية أو الطبيعة الخاصة والاستمرار فيها).

فوضع مسألة الزواج من غير العماني أو العمانية مباحاً أخذاً بالقاعدة الفقهية (الأصل في الأشياء الإباحة) إلا أنه نص على بعض القيود والتي تتمثل في عدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام والقوانين والأحكام القانونية الأخرى المقيدة للتولى أو الاستمرار في بعض الوظائف العامة الأخرى والتي وصفها المرسوم بالوظائف ذات الأهمية أو ذات الطبيعة الخاصة.

ورسم القانون الجديد خارطة طريق واضحة للإعتراف بالمحررات المثبتة لعقود الزواج سواء تلك المبرمة قبل صدور المرسوم (يعتد بالمحررات المثبتة لزواج العمانيين من أجانب الصادرة من جهات رسمية أجنبية قبل تاريخ العمل بهذا المرسوم بالمخالفة لأحكام تنظيم زواج العمانيين من أجانب المعمول بها آنذاك، وذلك بعد التصديق عليها من وزارة الخارجية العمانية، وبما لا يتعارض مع حكم المادة الثانية من هذا المرسوم).

أو تلك التي سوف تبرم مستقبلا في السلطنة أو إقليم دولة أخرى (توثق المحررات التي تثبت زواج العمانيين من أجانب والتي تتم داخل سلطنة عمان وفقا لأحكام القوانين والمراسيم السلطانية ذات الصلة، وتعامل المحررات الأجنبية المثبتة لهذا الزواج معاملة الوثائق العمانية الرسمية بعد التصديق عليها من الجهات المختصة في الدولة الأجنبية ووزارة الخارجية العمانية).

فبهذا القانون الجديد بات وبوضوح تام إباحة الزواج للعماني أو العمانية من غير العمانيين دون الحاجة إلى تصريح لمن يرغبون بذلك اعتباراً من اليوم التالي لنشر المرسوم في الجريدة الرسمية.

أما بشأن من وقع في مخالفة الإجراءات قبل صدور هذا القانون وهو ما يشغل العديد من الأشخاص الذين لم تنته محاكمتهم على ضوء الإتهام المبني على أحكام القانون الملغي المشار إليه أعلاه فإن المادة (15) من قانون الإجراءات الجزائية العماني جاءت واضحة البيان في سقوط الجرم بنصها على انقضاء الدعوى العمومية في حال إلغاء النص العقابي)

وأما من صدرت بحقهم أحكاماً قضائية فإن المادة (13) من قانون الجزاء العماني رسمت طريق التعامل مع مثل هذه الحالات والتي قضت بتطبيق القانون الأصلح للمتهم والتي تقرأ بالتزامن مع أحكام المادة (15) من قانون الإجراءات والتي تشير إلى سقوط الجرم لإلغاء النص العقابي في الأحكام غير النهائية، أما في حالة الأحكام الباتة فإن مأولها إلى وقف تنفيذها وإنهاء آثارها الجزائية

إلا أن وقبل الختام فإننا نلاحظ أن المادة الثانية من المرسوم لم تكن خالية من الغموض والتي قد تتسبب في أحداث بعض الإلتباس أثناء التطبيق. فمعيار النظام العام مصطلح ذو مرونة واسعه جداً لم يقيد بقيد إضافة إلى أن عقود الزواج في الشريعة الإسلامية ليست محل اتفاق كامل بين جميع المذاهب الإسلامية فهي متنوعة ومختلفة الشروط بحسب المذاهب الإسلامية.

فهل سيكون لقانون الأحوال الشخصية دور في قيد هذا الشرط مع عدم الإشارة إليه في المرسوم؟ أم أن الموضوع سيكون على إطلاقه؟ أم نحن في انتظار تعديل قوانين أخرى ذات الصلة لوضع تعريفات أكثر دقة ووضوحًا؟!

*محامٍ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *