اخبار الإمارات

أزواج يورثون الكراهية لأبنائهم بعد الطلاق

قال رئيس المحاكم الابتدائية في محاكم دبي، القاضي خالد الحوسني، إن هناك أزواجاً يعتبرون المحكمة ساحة للانتقام بعد انفصالهم، ويستغلون الأطفال بطريقة سلبية، فيورثونهم كراهية الطرف الآخر، ويثيرون الضغائن في نفوس الصغار.

وأضاف، خلال الملتقى الثالث لمحكمة الأحوال الشخصية ومحكمة التركات مع المجتمع عقدته بمجلس الأحياء في أم سقيم، أن «تعمد أحد الطرفين تشويه صورة الآخر لدى الطفل له تبعات بالغة السوء، فإذا لم يكن هناك ولاء للأب أو الأم سيفقد الطفل النموذج، ولن يكون له ولاء لوطنه، ويُزرع بداخله عقد نفسية تجعله مشروع مجرم كاره لمجتمعه، واحتمالات انفصاله بعد الزواج أكثر من غيره».

واتفق مع أحد الحاضرين على أن فترة الرؤية المسموح بها للأب بعد الانفصال وحصول الأم على الحضانة ليست كافية.

وشرح أن «سبع ساعات أسبوعياً لا يمكن أن تتيح للأب فرصة تربية ابنه بطريقة مناسبة، وبالتالي لا يمكن لومه على التقصير في التربية».

وكشف رئيس محكمة الأحوال الشخصية، القاضي محمد عبيد المطوع، أن «التعديلات الأخيرة في قانون الأحوال الشخصية فرضت قيوداً لإثبات الضرر، حتى لا يكون الطلاق خياراً سهلاً»، لافتاً إلى أنه «لا يقتصر على النساء فقط، ولكن هناك رجالاً طلبوا الطلاق للضرر، مثل رجل تعرض للضرب بشكل متكرر من زوجته الحاصلة على حزام متقدم في رياضة الكاراتيه».

وتفصيلاً، قال القاضي خالد الحوسني، إن قانون الأحوال الشخصية يمس الإنسان العادي والأسرة، مشيراً إلى وجود نقص في الوعي بهذا الجانب، بسبب المخزون السلبي المستمد غالباً من وسائل التواصل الاجتماعي، والأعمال الدرامية التي تمثل نماذج سلبية للوضع الأسري، خصوصاً عند حدوث مشكلة بين الزوجين.

وأضاف أن كثيراً من الخلافات التي تصاعدت حتى وصلت إلى المحاكم أساسها تافه جداً، وكان من الممكن احتواؤها مبكراً، لكن غياب الوعي، وخروجها عن محيط الزوجين، وتدخل الأهل في أحيان عدة، يجعلها تكبر وتتفاقم.

وأشار إلى أن البعض يعتقد أن دور القاضي هو علاج المشكلة، وهذا تصور خاطئ، لأن دوه هو نظر الدعوى وإصدار الأحكام بناء على الأدلة المتوافرة لديه.

ورداً على ملاحظة أحد الآباء حول فترة الرؤية، قال الحوسني إن الرؤية في القانون الحالي مستمدة من المذهب المالكي الذي يحدد يوماً واحداً في الأسبوع دون مبيت، مشيراً إلى أنه بالنظر إلى توجه الحكومة فإن هذا الوقت غير كافٍ للأب، فهو لا يسمح له بتربية أبنائه وتهذيبهم وتوجيههم. وقال إن هناك مساعي لإدراج تعديل بهذا الشأن في القانون، وعدم الاكتفاء بوجودها في لوائح مكملة.

وناشد الأمهات إبداء مرونة في هذا الجانب، لأن من حق الأب والأبناء بقاءه معهم فترة كافية.

وحول تعنت بعض الآباء في منح جوازات سفر الأبناء للأم الحاضنة، أفاد الحوسني بأن هذا يُعد تعسفاً في استخدام الحق.

وتابع أنه من واقع خبرته، يلجأ الطرف الذي لديه الطفل إلى زرع كراهية الطرف الآخر داخله، وهذا ينعكس على مسائل مثل الرؤية، ويرصده رجال الشرطة وهيئة تنمية المجتمع والمحكمة، فمشاعر الطفل تجاه الطرف الآخر تكون سلبية لدرجة لا يمكن أن تتخيل في سنه.

ولفت إلى أنهم يورثون الكراهية المتبادلة بينهم للأبناء وهذا أمر بالغ السوء، فالطفل لا ذنب له حتى تزرع فيه هذه المشاعر، وحين يفقد ولاءه لأبيه أو لأمه يغيب ولاؤه لوطنه، ويتحول إلى مشروع مجرم كاره لمجتمعه، وإذا تزوج يكون مرشحاً للانفصال بسبب خلل في شخصيته.

وتابع أن المحكمة تواجه هذه التحديات في مرحلة تنفيذ الرؤية، وحين نسأل الأخصائي الاجتماعي، يقول إن الابن كان يحب أباه وأمه، وتحول الحب إلى كراهية بسبب الضغينة التي يزرعها أحد الطرفين حيال الآخر بداخله.

وأكد أن قسم التوجيه الأسري بمحكمة الأحوال الشخصية يبذل جهداً كبيراً، وهناك نسبة تراوح من 70 إلى 80% من الخلافات تحل ودياً، مؤكداً أن احتواء الخلاف بين طرفين يساعد على التوصل لحلول سريعة، بعكس الزج بالأهل، فمن الممكن أن يكون الأب عصبياً أو الأخ، وتتحول مشكلة بسيطة مع الزوج إلى عداء مع أسرة الزوجة بالكامل.

وأشار إلى أنه من الخطأ استشارة شخص جاهل عبر وسائل التواصل، منوهاً باقتراح هيئة تنمية المجتمع عقد دورة إلزامية للأشخاص المقبلين على الزواج لتوعيتهم بكيفية التعامل مع المشكلات الأسرية، لأنهم يعتقدون أن الحياة سوف تكون وردية طوال الوقت دون منغصات، ويصطدمون بالواقع العادي الذي يفترض فيهم التعامل معه.

بدوره، قال القاضي محمد عبيد المطوع، إن قانون الأحوال الشخصية نظم الحياة الأسرية منذ بداية الخطبة، وحتى أدق التفاصيل من هدايا ومهر وأركان الزواج وأدوار الأطراف في هذه الحياة، مشيراً إلى أنه متسلسل وسهل، لكن يحتاج إلى نوع من الاطلاع والوعي.

وأضاف أن المشكلة الأسرية الأكبر بعد الانفصال تتعلق بمسائل النفقة، والحضانة التي تُعد الشيء الوحيد المتعلق بالأطفال، لذا أولت الحكومة اهتماماً كبيراً بها وشكلت لجنة الاحتضان التي تضم أطرافاً عدة من شرطة دبي وهيئة تنمية المجتمع، وهيئة الصحة، وباحثين اجتماعيين من المحكمة، تحوّل إليهم قضايا الحضانة والرؤية لإعداد تقرير بالوضع القائم والحلول التي من مصلحة المحضونين.

وتابع أن قضايا الأحوال الشخصية تختلف عن غيرها، لأنها تمس الأشخاص العاديين، وتتعلق بجوانب إنسانية لا يمكن أن يغفلها القاضي، لذا يطبق أحياناً روح القانون خصوصاً في مسائل الحضانة والرؤية.

وأشار إلى أن التعديلات في قانون الأحوال الشخصية منذ عام 2019 كانت جوهرية في مسائل عدة، مثل طلاق الضرر، إذ وضعت قيوداً حتى لا يكون الطلاق خياراً سهلاً، فإذا فشلت الزوجة في إثبات الضرر ترفض الدعوى.

وإذا استطاعت إثبات وقوع الضرر حكم لها بالطلاق، بعد استنفاد كل محاولات الصلح بين الطرفين، وفي حالة عدم استطاعتها إثبات الضرر واستمر الشقاق وأصرت على الطلاق يعين القاضي حكمين لمحاولة الإصلاح بينهما، وإذا عجز الحكمان، يصدر القرار وفق معطيات معينة، فإذا كانت الإساءة من جانب الزوج يكون القرار التفريق بطلقة بائنة دون المساس بحقوق الزوجة، وإذا كانت الإساءة من جانب الزوجة يكون القرار التفريق نظير بدل تدفعه الزوجة للزوج، وإذا كانت الإساءة مشتركة يقع التفريق دون بدل، أو ببدل يتناسب مع حجم الإساءة، وإن جهلت الحال ولم يعرف المسيء وأصرت الزوجة على طلب الطلاق يقرر الحكمان التفريق دون بدل.

وكشف المطوع أن طلب الطلاق للضرر لا يقتصر بالضرورة على النساء، بل إن هناك حالات كان الطرف المتضرر فيها هو الرجل، مثل شخص طلب الطلاق بسبب تعرضه للضرب من زوجته الحاصلة على حزام متقدم في رياضة الكاراتيه.

النزاعات الأسرية.. سرية في محكمة التركات

قال رئيس محكمة التركات في دبي، القاضي محمد جاسم الشامسي، إن النزاعات الأسرية في دعاوى التركات أصبحت سرية.

وأضاف أن المحكمة تحاول دائماً التوصل إلى حلول بديلة قبل تسجيل الدعاوى، ويبذل قسم التسويات بمحاكم دبي جهوداً مضنية لتحقيق ذلك.

وأوضح أن الاتفاقية السرية التي تتم من خلال المحكمة تكون بمثابة حكم، وإذا تعذر الوصول إلى حل تحال الدعوى إلى دائرة من ثلاثة قضاة، تصدر حكماً، وهناك دائرة استئناف تنظر الأحكام في مرحلة لاحقة.

القاضي خالد الحوسني:

«رؤية الأبناء 7 ساعات أسبوعياً بعد الانفصال.. لا تكفي للتربية».

القاضي محمد المطوع:

«تعديلات قانون الأحوال الشخصية فرضت قيوداً لإثبات الضرر، حتى لا يكون الطلاق خياراً سهلاً».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *