اخر الاخبار

حواجز عسكرية تضيّق على السكان بريف حلب

اعزاز – ديان جنباز

يفضّل “علاء”، وهو اسم مستعار لأسباب أمنية، عدم الخروج إلا للضرورة القصوى من قريته قطمة بريف عفرين شمالي حلب، بعد حوادث ابتزاز سابقة تعرض لها على حاجز عسكري.

وقال الشاب ل، إنه تعرّض للابتزاز والاحتجاز لمدة ثلاثة أيام على حاجز يتبع لـ”فرقة السلطان مراد” في ريف عفرين، بحجة العمالة مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) دون وجود أي إثباتات، حسب قوله.

أفرج عناصر “الفرقة” عن الشاب، لكن المخاوف موجودة من تكرار الحادثة، مضيفًا أن أصدقاءه يحاولون إقناعه بالذهاب معهم إلى عفرين أو اعزاز، لكنه يرفض بسبب الخوف من الحواجز عند مداخل المدن، فالتوقيف لا يخضع لأي بند قانوني حسب قوله.

وتنتشر عشرات الحواجز العسكرية في مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” بريفي حلب الشمالي والشرقي، وتختلف تبعيتها بحسب الفصيل أو التشكيل من “شرطة مدنية” و”عسكرية” وفصائل تتبع لـ”الوطني”.

بعض الحواجز موجودة بالقرب من مقار عسكرية، وأخرى على الشوارع الرئيسة لضبط الأمن ومعرفة السيارات التي تدخل المنطقة، خاصة بعد تفجير حصل في 31 من آذار الماضي باعزاز شمالي حلب، أسفر عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة خمسة آخرين.

رغم غرضها الأمني الذي وُجدت لأجله، تتسبب هذه الحواجز بحالة توتر وخوف لدى سكان في المنطقة، وخاصة الكرد الذين يتعرضون لمعاملة سيئة، وتضييق متعمد، إذ يجري تأخير مرورهم، وفق شهادات لمدنيين كرد التقت بهم.

وتقع الحواجز عند مداخل المدن والبلدات في كل من عفرين، وجنديرس، واعزاز، ومارع، وجرابلس، والباب وغيرها.

تضييق وتأخير

يواجه “يحيى” تضييقًا وأسئلة لا طائل منها حسب قوله، وذلك خلال المرور عبر دراجته النارية على الحواجز العسكرية بين مدينته عفرين وقرية الباسوطة المجاورة.

وقال ل، إن أكثر ما يزعجه هو التأخير المتعمد والصوت المرتفع للعناصر خلال حديثهم معه، خاصة إذا كان معه أطفاله الثلاثة وزوجته، بينما يحاول هو تلطيف المشهد ومسايرة مزاج العناصر السيئ معه بابتسامة رغم ضيق نفسه منهم.

وتتنوع الأسئلة بين، إلى أين ذاهب؟ ماذا تريد أن تفعل؟ وعندما يخبرهم أنه ذاهب لزيارة أقربائه، يجب أن يوضح لهم اسم الأشخاص الذين يود زيارتهم، لافتًا إلى وجود أربعة حواجز عسكرية بين عفرين والباسوطة، ويُوقف عند جميعها.

وأضاف “يحيى” أنه اعتاد هذه الأسئلة، كما أنه يسلك طريق الباسوطة بشكل دوري، دون إنكار لوجود بعض العناصر الذين يتعاملون معه بلطف أحيانًا.

وأرجع الشاب أسباب التضييق وكثرة الأسئلة من معظم عناصر الحواجز التي مر من خلالها إلى أن البعض يكرهون المكوّن الكردي، لذلك يتعاملون معهم بفوقية وتضييق، مستندًا في ذلك إلى تجارب من معارف له من الكرد وغيرهم.

أما “جوليا”، وهي معلمة في مدينة عفرين، فقالت ل، إن النساء الكرديات في بعض الأحيان يكنّ عرضة لأسئلة كثيرة من العناصر، إذ يمكن تمييز السيدة من لباسها.

وتحدثت عن تجربة مرورها على عدد من الحواجز، إذ إن معظم العناصر قد يكونون من أعمار صغيرة، أو أنهم في سن المراهقة، وعادة ما تكون لديهم نظرة سلبية تجاه النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب.

وأشارت “جوليا” إلى أن النساء الكرديات قد يتعرضن للتفتيش والتدقيق، خلال عبورهن الحواجز أحيانًا.

في كانون الثاني الماضي، أوقف عناصر من “الشرطة المدنية” مراسل في طريقه إلى ناحية راجو التابعة لعفرين، خلال ذهابه للتنسيق مع عائلة كردية لتصوير حلقات من برنامج طبخ، رغم التعريف بنفسه كمراسل وإعلامي.

بعد التوقيف، تم تحويل المراسل إلى مخفر ناحية راجو لإنهاء بضعة “إجراءات أمنية”، ثم أطلقوا سبيله بعد ساعة واعتذروا منه.

تابع المراسل طريقه إلى العائلة، وبعد إنهاء زيارته وتغطيته الإعلامية، تعرضت العائلة لمساءلة عبر الهاتف، واستدعاءات من “الشرطة المدنية” و”العسكرية” للاستفسار عن سبب الزيارة.

نفذت تركيا بالتعاون مع “الجيش الوطني السوري” ثلاث عمليات عسكرية داخل سوريا، هي “درع الفرات” وشملت مناطق اعزاز وجرابلس والباب ومارع والراعي، وعملية “غصن الزيتون” وشملت عفرين ونواحيها، و”نبع السلام” وشملت مدينتي تل أبيض ورأس العين.

وتمتلك تركيا 125 موقعًا عسكريًا في المنطقة، منها 57 في أرياف حلب، و51 في مناطق إدلب، وعشرة مواقع في الرقة، وأربعة في الحسكة، وموقعان في ريف اللاذقية، وآخر في ريف حماة، وفق مركز “جسور للدراسات“.

وأدت العملية العسكرية “غصن الزيتون” إلى نزوح أكثر من 137 ألف شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، في حين وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” سرقة ونهب ممتلكات المدنيين في عفرين من قبل الفصائل المسيطرة.

ويتكون “الجيش الوطني” من ثلاثة فيالق، ولا يوجد عدد ثابت لعناصره، إذ قال “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، إن عددهم 80 ألف مقاتل في 2019، في حين ذكر تقرير لمعهد “الشرق الأوسط”، في تشرين الأول 2022، أن التشكيل يجمع من 50 ألفًا إلى 70 ألف مقاتل.

وتتهم فصائل في “الجيش الوطني” بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، وفي 20 من آذار 2023، وقعت جريمة “نوروز” عندما اعترض شخصان على إشعال النيران بالقرب من مخيمات بجنديرس، وتطور الأمر لإطلاق النار على المدنيين، ما تسبب بقتل أربعة أشخاص من عائلة “بشمرك” وإصابة خامس، خلال الاحتفال بعيد “نوروز”.

وذكر شهود محليون ل حينها، أن أفرادًا من كتيبة تابعة لـ”جيش الشرقية” التابع لـ”حركة التحرير والبناء” في “الجيش الوطني” أطلقوا النار على أفراد العائلة.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *