اخبار عمان

مكتبة الجامعة.. بين الآمال والواقع

ريهام بنت ماجد المعمرية

 

كانت وما زالت المكتبات الوعاء الثقافي المعرفي للبشر الذين ينشدون المعرفة ولطالما اشتهرت المدن والبلدان بالمكتبات والتي بدورها كانت لها الريادة في تجميع المتعلمين والمثقفين والمفكرين الذين تغريهم الكتب وتجذبهم صنوف العلوم بين جدرانها.

وفي أزمان وأحقاب مختلفة تطورت حال المكتبات من العواصم والقرى أو الشخوص لتصبح مرجعًا علميًا وموسوعيًا في نطاقات علمية أكثر وضوحًا وأكثر شمولية من خلال مستويات تعليمية أعلى لتظهر الجامعات في مراحل متقدمة من التعليم. الأهمية الكبيرة التي تشكلها المكتبة الجامعية اليوم حقيقة لا يمكن إخفاؤها، فهي مركز التعلم ونقطة انطلاق الأفكار ومصدر المعلومات.

وما بين الواقع الذي نراه في مكتبة جامعتنا والآمال التي نسمعها من الطلبة والموظفين نرى حجم الاختلاف بينهم. واقع المكتبة اليوم لا يعكس بتاتًا آمال الطلبة الجدد الذين جاءوا من بيئة مدرسية ذات مكتبة مدرسية بسيطة وتطلعاتهم لمكتبة جامعية ضخمة. في المستقبل نطمح لطرح مشكلة المكتبة، لا نقصد هنا التقليل من مكتبة الجامعة ولكن واقع المكتبات الجامعية متشابه رغبة منا في التطوير والتحديث ورؤية مكتبة عصرية لها كيانها الخاص مستشرفين مستقبلا زاهرًا.

لطالما كان يخطر في بالي عند سماع كلمة مكتبة الرغبة في التعرف على عدة مصادر معرفية ومن خلالها أسعى لكيفية اكتشاف التنمية البشرية الذاتية من مصادر إيجابية سعيًا لاكتشاف ميولي العلمية والعملية لمستقبل مشرق من جميع الجوانب بإذن الله وأن تكون المكتبة مكانا مناسبا وهادئا للمراجعة وتوفر لي جميع المصادر التعليمية التي أستعين بها في الدراسة. لا ننكر أن طبيعة العمل في المكتبة قابلة للتغيير.

وفيما يخص بعض السياسات فهي ثابتة لا يمكن تغييرها، ولكن هناك مرونة في بعض السياسات يمكن تطويرها والتعديل فيها، مثل مواعيد المكتبة يمكن تغيير إتاحة فتح المكتبة عن التوقيت الحالي فهو حاليا يبدأ من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الخامسة مساءً، هناك توجه الى زيادة ساعات الفترة المسائية لتكون لغاية الساعة السادسة أو الثامنة إذا أمكن، بالنسبة لبعض السياسات كذلك يمكن أن يكون فيها تغيير وتطوير وتعديل لإتاحة استخدام المكتبة لاجتماعات الطلاب وللاستراحة ولكن في حدود الالتزام بالسياسات الأساسية.

هناك الكثير من الخطط التي يمكن من خلالها تطوير المكتبة، منها استغلال التكنولوجيا الحديثة لإدخال الكتب التفاعلية التي تتضمن مقاطع مرئية وصوتية وكتابية وتفاعلية، وكذلك دراسة الاحتياجات من الكتب من خلال دراسة الارتباط بين التخصصات الدراسية واهتمامات الطلبة وسجلات الاستعارة السابقة، بعد ذلك يتم إحضار الكتب واستغلالها بالشكل الأمثل؛ مثل أن تكون هناك حلقات قراءة ويتم تضمين هذه الكتب في التدريس والأنشطة اللاصفية.

لا أنكر أبدًا أن من الأدوار المهمة للمكتبة أنها تطور من مهارات الطالب من الناحية العلمية والثقافية والدينية. كما أن بعض الطلاب يستغلونها وقت الفراغ في قراءة الكتب الموجودة بها، حيث تتنوع الكتب في المكتبة وتتوافر المكاتب المخصصة للدراسة والقراءة، لكي يستغل الطالب وقته دون وجود إزعاج. وكما هو الحال أن أغلب الطلبة ليس لديهم معرفة بالمكتبة وبما توفره فمن الجيد أن يُروج للمكتبة وأن يقام في داخلها المزيد من الفعاليات التي تعرف الطالب بها.

ومن مهام المكتبة أيضًا أنه حين أرغب في أداء مهامي الدراسية التي تتطلب البحث فإن المكتبة هي المكان الأنسب في الجامعة كونها توفر الهدوء اللازم للتركيز بحيث يتمكن الطالب والباحث من الاسترسال في التفكير بحرية دون قطع حبل أفكاره بسبب المشتتات، والرائع أيضا في المكتبة أنها لا تقتصر فقط على توفير الكتب؛ بل يمكن للطالب أن يستعين بأجهزة الحاسب الآلي المتوفرة بالمكتبة من أجل إنجاز أعماله والبحث في المصادر الخارجية وآخر مستجدات الأبحاث في الموضوع الذي يدرسه أو الذي يبحث فيه، المكتبة بوضعها الحالي تقدم خدمات جليلة لجميع الطلبة. لكن يمكن أن يتم توسيع المكتبة في المستقبل ويمكن أن نقترح تقديم خدمة طلب بعض المجلات المحكمة أو البحوث العلمية غير المتوفرة عبر الإنترنت، حيث يساعد هذا الأمر على تدعيم بحوث الطلبة وجعلها أكثر رصانة.

لا ننكر أن هناك العديد من التطلعات المستقبلية في المكتبة الجامعية التي من الممكن أن تساعد أو تساهم في توفير بيئة مناسبة للطالب لاستذكار الدروس وتوفير الطابعات للطلاب الذين ليس لديهم كل السيولة لطباعة المواد التعليمية. كما نعلم أن هناك بعض الطلبة الذين لديهم مشاكل مالية ولا تتوفر لهم المقدرة المادية لطباعة المواد التعليمية. أيضًا من الممكن إضافة ركن للقهوة في المكتبة الجامعية.

المكتبات الجامعية تحوي العديد من الكتب المختلفة والمفيدة التي تساعد الطلبة في أبحاثهم بكل أنواعها. ولا يختلف أحد في أنها مكان مثالي للدراسة حيث إنها توفر بيئة هادئة للطلبة. والمكان مرتب ونظيف يساعد ويشجع على الدراسة، ولكن لا يعلم أكثر الطلبة عن الكتب الموجودة فيها حيث لا يتم الترويج لها، والأثات فيها بسيط وهادئ وهذا مناسب لحجم المكتبة.

وأيضًا لن ننكر أن المكتبات الجامعية تحتاج للعديد من الأشياء مثل الكماليات كإصيصات الأشجار واللوحات الجدارية المرسومة، ربما لا تعني هذه التفاصيل شيئًا للعديد من الأكاديميين والموظفين ولكنها تعني الكثير للطالب، هذه التفاصيل الصغيرة كرؤية شجرة صغيرة عند دخولك للمكتبة تعطيك جرعة نشاط وعزم لتكمل يومك بكل طموح، لا نعاني في مكتبتنا من الغبار المتراكم على الكتب والرفوف ولكن لا يمنع أن يتم تصميم رفوف جدارية ذات أبواب زجاجية لمزيد من الحماية فهذه الكتب لن تكون موجودة فقط لسنة أو سنتين بل ستكون متوافرة للكثير من السنوات القادمة.

ومن الأشياء التي تفتقر إليها المكتبات الجامعية الحالية هي المساحة الواسعة وكانت تطلعاتي أن يكون لها مبنى خارجي منفصل عنها؛ حيث يجدون فيه الراحة بعيدًا عن صخب الطلبة في القاعات الدراسية وعندما يكون مبنى المكتبة منفصل عن الجامعة يمكن أن يكون مفتوحاً لأوقات متأخرة مساءً لمساعدة طلبة السكنات على الدراسة إذا كانت سكناتهم لا تساعدهم في ذلك من جانب آخر كانت أمالي كبيرة بأن يكون أحد جوانب المكتبة زجاجي يطل على باقي مباني الجامعة وربما يطل على حديقة الجامعة أيضًا، ففي نظري أن هذا ما يجب عليه أن يكون مبنى مكتبة الجامعة.

لا يخفى على الجميع أن كلمة المكتبة الجامعية تعني الطاولات الواسعة والديكورات المختلفة، حيث رسمت أنا وأغلب طلاب الجامعة في عقولنا فكرة الطاولات الكبيرة مع المصابيح المصاحبة لها، وأصيصات الأشجار الموزعة هنا وهناك وعلى جنبات وزوايا المكتبة والتي تعطي شعورا بالنشاط لبدء اليوم الدراسي وإكماله بكل عزم. ولا ننسى الحواجز الزجاجية التي تحمي الكتب بداخلها تحميها من التلف ومن الغبار. وجدت أيضًا أن عددًا من الطلبة قد اقترحوا فكرة الترويج للكتب الموجودة في المكتبة حيث إن الطلبة الآخرين لا يعلمون الكثير عنها، وأيضًا استحوذت فكرة تقسيم الكتب حسب التخصصات على عقول العديدين، وهذا ما كان يجب أن نجده في مكتبتنا الجامعية.

لمسنا أهمية المكتبة الجامعية لكل طالب ومدرس جامعي، وأنها أساس مهم في سنوات الدراسة الجامعية، لذا يجب أن تلبي جميع احتياجات التخصصات في مختلف المجالات، وعليه قد اقترح بعضاً من الحلول والمقترحات التي قد تساعد في تحسين المكتبات الجامعية: أن يكون للمكتبة مبنى خارجي حديث منفصل عن باقي المباني، وأن تكون هناك كماليات وديكورات وأثاث متطور في المكتبة، أن يتم الترويج للكتب الموجودة في المكتبة، وأن يخصص ركن للقهوة، وزيادة توقيت فتح المكتبة، وتوفير طابعات تساعد الطلبة لطباعة دروسهم سواء أكانت مجانية أم بأسعار رمزية، وإضافة عدد من الأجهزة اللوحية التي تحتوي على كتب إلكترونية، تغيير شكل الطاولات والكراسي الموجودة بحيث تكون أكثر أريحية للطالب.

كل هذا يصب أولًا وأخيرًا في مصلحة تكوين طالب جامعي مسلح بالمعرفة ويجد متنفسًا حقيقيًا من خلال مكتبة عصرية تلبي تطلعاته وتكون منسجمة مع الآفاق الواسعة التي تنشدها الجامعة في رؤيتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *