اخر الاخبار

اللاذقية.. تلامذة الابتدائي يباشرون عامهم الدراسي بكتب تالفة

اللاذقية – ليندا علي

تأثرت نهى (32 عامًا)، سيدة من منطقة البهلولية بريف اللاذقية، بدموع طفلتها ذات السبع سنوات، وهي في الصف الثالث الابتدائي، بعد تسليمها كتبًا مستعملة بعضها تالف ومهترئ.

المشكلة الرئيسة أنه وبحسب المناهج الجديدة، يجب على الطالب أن يحل فروضه المدرسية على الكتاب، واستخدام الكتب المدوّرة لن يفيده، كونها تتضمن السؤال وحلّه أيضًا.

وعدت الأم طفلتها التي قالت إنها لا تريد الذهاب إلى المدرسة بهذه الكتب، بأن تشتري لها كتبًا جديدة، إذ يبلغ ثمن النسخة قرابة 40 ألف ليرة سورية من مستودعات الكتب، في حال استطاع الشخص الحصول عليها، وترتفع إلى 60 ألف ليرة في المكتبات الخاصة، وهو ما يحمّل الأم عبئًا ماديًا كبيرًا.

وقالت السيدة ل، “بيضحكوا علينا وبيخبرونا بأن التعليم مجاني، لحد هاللحظة ما قدرت افهم كيف الكتب الجديدة متوفرة لمن يريد أن يدفع ثمنها، وغير متوفرة للطلاب في مدارسهم بشكل مجاني”.

ثمن الكتب في المكتبات الخاصة (60 ألف ليرة حوالي أربعة دولارات أمريكية) يعادل 30% من راتب الموظف الحكومي في سوريا، إذ صار الحد الأدنى للرواتب الحكومية 185 ألف ليرة تقريبًا (ما يعادل 13 دولارًا أمريكيًا) بعد زيادتها 100% منتصف آب الماضي.

وبحسب القوانين السورية، فإن الكتب مجانية لطلاب المرحلة الأساسية من الصف الأول الابتدائي حتى التاسع الإعدادي، بينما تباع للطلبة في المرحلة الثانوية.

مع بداية كل عام دراسي، تثار قضية نشر لوائح أسعار لبيع الكتب مع شكاوى من الأهالي برداءة الكتب المسلّمة، وتقابَل بنفي من الجهات الرسمية، كما في بداية العام الدراسي في 2022، حين نفى مدير عام المؤسسة العامة للطباعة في وزارة التربية، علي عبود، صدور لائحة أسعار جديدة للكتب المدرسية.

وقال عبود، إنها تباع فقط للمدارس الخاصة، وإن التعليم مجاني من الصف الأول الابتدائي حتى الصف التاسع الإعدادي في المدارس الحكومية.

محاولة إصلاح

عجزت سامية (29 عامًا)، موظفة في جامعة “تشرين”، عن شراء نسخة كتب جديدة لطفلها في الصف الأول، الذي طلب منها حين عاد من المدرسة أن ترجعه إلى الروضة، لأنها أجمل ويعطونه كتبًا جديدة فيها، ليس مثل الكتب الممزقة التي حصل عليها في مدرسته.

حاولت سامية تشجيعه، فاشترت بعض المستلزمات، وعملت على تجليد الكتب وتزيينها بلواصق ألعاب محببة، وإزالة كل الحلول المكتوبة على الكتب المدوّرة، وبقيت أكثر من يومين وهي تحاول حتى تحصل على نتيجة مرضية.

قالت سامية، “ما يفعلونه بالأطفال حرام، كتب ممزقة، معاملة سيئة، كيف سأقنع طفلي أن يدرس بكتب قديمة، عوضًا عن أن تكون جديدة بألوان زاهية لترغيبه بالدراسة”.

متاجرة

ليس من السهل شراء الكتب المدرسية من مستودعات مديرية التربية، وغالبًا يتم إخبار الراغبين بالشراء بأنها غير متوفرة، كما حدث مع وليد (46 عامًا)، الموظف في مديرية الخدمات الفنية، الذي ذهب لشراء نسخة كتب جديدة لابن شقيقه بالصف الخامس، وأخبره موظف في مستودع الكتب بأنها غير متوفرة، عدا كتب الموسيقا والفنون، التي لا يحتاج إليها.

وقال وليد، إنه اكتسب خبرة كبيرة بالتعامل مع مستودعات الكتب، كونه يشتريها لابنه منذ كان في الصف الأول، وهو الآن في الصف الخامس.

وأوضح ل أنه “مع بداية العام الدراسي تكون الكتب غير متوفرة، سوى ببعض المكتبات التي تبيعها بسعر أكثر من الضعف من ثمنها الحقيقي، حتى إن الموظف في المستودع هو من يدل على اسم المكتبات غالبًا”.

وأضاف، “منذ أدركت هذه الخطة قبل عدة سنوات، صرت أستبق الأمر، فقد اشتريت نسخة جديدة لطفلي قبل شهر ونصف، ودفعت 40 ألف ليرة تقريبًا، حينها نصحت شقيقي أن أحضر لابنه نسخة أيضًا، لكنه فضّل انتظار المدرسة على أمل أن تقدم كتبًا جديدة”.

في حين لم تجد نائلة (40 عامًا)، وهي محامية من مدينة جبلة، سوى كتابي اللغة الإنجليزية والرياضيات في مستودع الكتب، حيث توجهت إليه لشراء نسخة لطفلها، بعد حصوله على نسخة كتب قديمة تالفة.

وقالت، “هذه ليست نسخة صالحة للقراءة والتعليم، فقط يمكن حرقها بالمدفأة شتاء لنشعر وكأننا استفدنا منها شيئًا”.

لا كتب جديدة هذا العام

مصدر في مستودعات الكتب بمدينة جبلة (رفض الكشف عن اسمه) قال، إنه ورد إليهم أمر من وزارة التربية بإعادة توزيع الكتب المستعملة على الطلاب في المدارس، دون أي توضيحات، إلا أنه سمع من إدارته أن مؤسسة المطبوعات لم تتمكن هذا العام من طبع كتب جديدة، بسبب ارتفاع تكلفتها التي لن يعوضها أي شيء كونها توزع بالمجان.

ولم يخفِ المصدر وجود بعض الكتب الجديدة المطبوعة سابقًا، مضيفًا أن بعض العاملين في المستودعات يعملون على بيعها للمكتبات بسعر أعلى، لتحقيق الربح، كون رواتبهم ضعيفة، ويعتبرون بداية العام الدراسي موسمًا جيدًا لتحقيق بعض المنفعة المادية.

مشكلة إعادة تدوير الكتب للطلاب مستمرة منذ سنوات، وكان الأهالي غالبًا يتوجهون إلى المستودعات لشراء الكتب لأطفالهم، لكن هذا العام حتى شراء الكتب ليس بالأمر السهل، نتيجة وجود نقص كبير، والمتاجرة بها في “السوق السوداء” من قبل بعض الموظفين.

بدأ العام الدراسي في 3 من أيلول الحالي وسط ظروف اقتصادية صعبة يعيشها السوريون، وبلغت تكلفة تجهيز طالب ابتدائي للمدرسة أكثر من 300 ألف ليرة في أسواق شعبية باللاذقية، من البضائع القليلة الجودة نسبيًا مقارنة ببقية أسواق المدينة، التي تزيد تكلفة التجهيز فيها على نصف مليون ليرة، وفق تقرير سابق أعدّته.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *