اخبار عمان

الإنسان والفلسفة.. محور الكون | جريدة الرؤية العمانية

 

زكريا الحسني

 

قصة الإنسان بدأت بابتكار اللغة، وأصبح من خلالها التواصل والتطور، ومنها بدأت الحكاية، وتكونت تجمعات، وابتُكرت القوانين، والتي جاءت لتسد حاجة الإنسان للأنظمة التي تؤسس له مجتمعا مدنيا يمسك من خلاله بزمام الأمور، فإذا افترضنا عدم حدوث ذلك التطور والتقدم فأتصور أنه لن تكون هناك إنسانية باقية، وحتى لو كانت باقية لما بلغت إلى هذا المستوى من التقدم والتحضر.

من هذا المنطلق قالوا إنّ الإنسان هوَ محور الكون، ولقد عُرّفت الفلسفة عبر تاريخها بتعريفات متعددة اختلفت في تحديد معناها وكانت بعض تلك التعريفات تحط من قيمتها وأهميتها من قبيل أنها ضرب من الكفر والزندقة والإلحاد، وتعمل على ترسيخ فكرة نكران الله وعدم الاعتراف بالدين، وإنها كلام فارغ لا طائل منه سوى مضيعة الوقت، وهذا المعنى هو المتداول كثيرا عن الفلسفة.

وتفسير المفاهيم والمصطلحات يخَتلف من مكان إلى آخر باختلاف الأمكنة والأزمنة، وما لهُ من تأثير في طريقة التعاطي مع الأفكار وتحليلها وتفسيرها من خلال الحصيلة المعلوماتية والتجربة الحياتية، وهذه سنة الله في خلقه، ونتيجة ذلك حدث هذا التطور الإنساني؛ فالمعرفة كلها تراكمية وتتطور وتتغير لتواكب العصر، والذي لا يتماشى مع ذلك يندثر.

وكم رأينا من أمم وحضارات أصبحت كالهشيم ذرته الرياح فأصبحت نسياً منسيا كأنها لم تكن شيئاً يذكر.

‏وإذا أردنا أن نفهم أي مصطلح أو مفهوم ينبغي علينا أن نعود إلى نقطة البداية ولا يمكن ذلك إلا من خلال التاريخ، وأن نجمع أكبر قدر من المعلومات للوصول إلى أقرب نقطة تقربنا للحقيقة، أو هي الحقيقة بعينها فحتى لو لم نصل إليها فطريقنا إليها جزء من الحقيقة تقربنا الى موضوع الفلسفة وتاريخها وتطورها.

 إن الفلسفة وُجدت لحظة وُجد العقل، فالفلسفة تخضع لنطاق العقل والمنطق وبالتأمل في الأشياء وتفسيرها وتحليلها والغوص في أعماقها والإتيان بالحجج والبراهين لفهم الأشياء من جميع الأبعاد. كما إن التفلسف والانبهار أمام عظمة هذا الوجود منح للغات مضمونها العميق.

الفلسفة كانت البداية، ومنها تفرعت شتى العلوم، ولكن مصطلح الفلسفة في عالمنا الإسلامي عامةً والعربي خاصةً مقرونٌ بالغيبيات والكفريات، ولهذه الأسباب يتم التهجم على الفسلفة والخوف منها.

الفلسفة تُحطِّم كثيرًا من الأوهام، وتزيح دائرة الراحة التي يطمئن لها الإنسان فلذلك يطالها الهجوم والتشويه.

تاريخ الفلسفة هو تاريخ التفكير، يتضح هذا بالعودة إلى الوراء، فالإنسان ما برح يفكر قبل أرسطو وأفلاطون وسقراط وفيثاغورث، وحتى قبل ظهور اللغة والكتابة فقد وُجدت الفلسفة عند وجود العقل وكما يقول رينيه ديكارت أنا أفكر إذن أنا موجود.

الفلسفة تفسير وتحليل الظواهر للوصول إلى ماهية الأشياء.

إنها مؤشر لوجود العقل المفكر والتحليل المبدع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *