اخر الاخبار

ما مصلحة الدول العربية من إعادة النظام السوري إلى “الجامعة”

برزت خلال الأيام الماضية جهود عربية لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، انتهى أحدثها اليوم الأحد 7 من أيار، من خلال عقد مؤتمرين بالرياض والقاهرة، عاد بها النظام لشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية، ما أثار التساؤلات وراء فائدة بعض الدول العربية من هذا الدفع.

ويدأ الدفع الفعلي لإعادة النظام للجامعة العربية، منذ تغير لهجة السعودية، مستضيفة القمة العربية المقبلة في 19 من أيار الحالي، حين صرح وزير خارجيتها، فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر “ميونيخ للأمن 2023″، في 18 من شباط الماضي، بوجود “إجماع عربي” على أن الوضع الراهن في سوريا لا يجب أن يستمر.

ومنذ حينها، شهد الملف السوري حالة نشاط وحراك سياسي، تتصدره السعودية، التي حملت على عاتقها مسؤولية إعادة النظام السوري، إلى “الحضن العربي”.

وفي 18 من نيسان، استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وزير الخارجية السعودي، في زيارة رسمية سعودية هي الأولى من نوعها لدمشق منذ بدء الثورة السورية عام 2011، ليخرج بيان الخارجية السعودية، قائلًا، إن الجانبين ناقشا ضمن البنود الجهود التي تسهم في “عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي”.

وبشكل مشابه خرج البيان السوري- السعودي المشترك، خلال زيارة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، السعودية، في إطار دعوة رسمية تلقاها من نظيره ابن فرحان، في 12 من نيسان الماضي، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 2011، وخلصت إلى الاتفاق على استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين.

وكان من أهداف زيارة المقداد لمصر في 1 من نيسان الماضي، “وضع خطوات لعودة سوريا إلى الجامعة العربية بوساطة مصرية وسعودية”، وفق ماقاله مصدر أمني مصري لوكالة “رويترز“.

ولم يخف اجتماع عمّان في الأردن، أهدافه في بحث إعادة النظام “للحاضنة العربية”، بمشاركة وزراء خارجية الدولة المستضيفة إلى جانب سوريا والسعودية ومصر والعراق، حيث عقد مطلع الشهر الحالي، بعد فشل اجتماع الرياض، منتصف نيسان الماضي، في اتفاق وزراء دول الخليج ومصر والأردن والعراق على عودة النظام للجامعة العربية.

إنشاء تحالف عربي

أصدر وزراء خارجية جامعة الدول العربية، عقب اجتماع استثنائي في القاهرة، قرارًا يحمل الرقم “8914”، يقضي بعودة النظام السوري إلى الجامعة، بعد 12 عامًا على تجميد عضويته.

وتضمن القرار الصادر اليوم، “استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتبارًا من اليوم”.

وقرر الوزراء، تشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من السعودية والأردن والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لجامعة الدول العربية، لمتابعة تنفيذ بيان “عمّان”، والاستمرار في الحوار المباشر مع النظام للتوصل لحل شامل للأزمة السورية، يعالج جميع تبعاتها وفق منهجية “الخطوة مقابل خطوة”، وبما ينسجم مع قرار الأمم المتحدة حول سوريا “2254”.

يعتقد الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، أن السعودية “تغيرت كثيرًا”، فهي الآن ليست دولة غنية فقط، وإنما تريد أن تثبت أنها دولة صاحبة قرار سياسي مستقل وقادرة على أخذ المبادرة و حل المشاكل وتهدئة الصراعات وإعادة إعمار المنطقة على أسس جديدة تتناسب مع رؤية السعودية لعام 2030، بغض النظر إذا كانت سياستها تناسب شعوب المنطقة أو تحقق مصالحهم أو لا، فشعارهم السعودية أولًا.

وهذا يفسر جزئيًا التفكير السعودي بإعادة النظام للجامعة العربية تحت مسمى إيجاد تعاون عربي بقيادتها لحل الملف السوري، وفق ما قاله بربندي ل.

وبالرغم من وجهة النظر العربية المعنية، مثل الأردن ومصر، بأن لا تكون عودة العلاقات مع النظام دون مقابل، أو وفق جدول عملي ينتهي بإعادة النظام للجامعه العربية، دفعت السعودية لقبول عودة النظام للجامعة العربية دون أي تنازلات مبدئية وفق تصور للحل وضعته مع روسيا والصين، ويتماشى مع رؤيتها المستقبلية لنفسها دون النظر إلى الاستفادة الحالية التي قد يجنوها من علاقتهم بالنظام أو غيره على المدى المنظور، بحسب بربندي.

وبحسب ما قاله الدبلوماسي السوري السابق، داني بعاج ل، فإن المنظمات الإقليمية كالجامعة العربية تعمل على مستوى إقليمي للتعاون والتنسيق بين الدول، وهو ما يعطيها دورًا أهم من الأمم المتحدة لحل الخلافات وحفظ السلام داخل نطاقها.

وفي عام 2011، طرحت الجامعة العربية مبادرة لحل الملف السوري، حين أرسلت بداية مراقبين لمتابعة تنفيذ المبادرة بعد تجميد عضوية النظام في الجامعة، لتطرح في 2012 مبادرة من عدة بنود أهمها تنحي الأسد عن الحكم لصالح نائبه ودعوتها مجلس الأمن الدولي لدعم المبادرة.

ورفض النظام بشكل تام المبادرة، واعتبرها “تدخل سافر في شؤون سوريا وانتهاكًا لسيادتها”.

ويرى بعاج أنه بإعادة النظام للجامعة، أصبحت منظومة العمل الإقليمي فاعلة مرة أخرى، وهو ما ينشئ “إطار جمعي” للعمل في الملف السوري، بعد إعادة الدول الدافعة لعودته علاقاتها مع النظام بشكل ثنائي مباشر، كما ستساهم الدول التي لم تقطع علاقاتها معه في إعطاء دفع أكبر للضغط عليه عبر هذا “الإطار”.

اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة لمناقشة الوضع في سوريا- 7 من أيار 2023 (الخارجية المصرية)

“انتصار رمزي”

خلال مقابلة أجراها مع قناة “روسيا اليوم”، في 16 من آذار الماضي، قال رئيس النظام السوري، إن الجامعة العربية “ساحة لتصفية الحسابات”، ولا يجب العودة إليها وهي “ساحة للانقسام”، بل عندما تكون “عنوانًا للتوافق”.

وقال الأسد حينها، إن شرط العودة هو بناء العلاقات بشكل ثنائي أولًا، وهو ما أكدته لاحقًا الزيارات السعودية والمصرية المتبادلة.

وأوحت تصريحات الأسد لعدم وجود رغبة قوية لعودة نظامه للجامعة العربية، بينما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال“، في تقريرها الصادر 3 من أيار الحالي، رغبة النظام تخفيف أو تأخير العقوبات الأمريكية التي تستهدفه جراء دوره في تهريب المخدرات، التي ستدخل حيز التنفيذ في حزيران المقبل، خشية تعرض عودته إلى “الحظيرة العربية” للخطر.

الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، قال إن النظام يعتبر عودته للجامعة العربية كإعلان عن “انتصاره في الحرب”، لذا ليس من المتوقع أن يقدم أي تنازلات مشروطة بعودته للجامعة العربية.

ويكسب النظام عبر عودته للجامعة، زيادة في إضفاء الشرعية على مستوى إقليمي، بما للمقعد العربي في الجامعة من “رمزية كبيرة”، بحسب وصف الدبلوماسي السوري السابق، داني بعاج، الذي أكمل بأن رمزيته تأتي من “تثبيت خسارة” المقعد الوحيد الذي شغلته “من تصدرت مشهد المعارضة السورية حينها” ممثلًا بـ “الائتلاف السوري”.

وبعد اجتماع طارئ عُقد بالعاصمة المصرية، القاهرة، في تشرين الثاني 2011، علّق وزراء الخارجية العرب عضوية النظام السوري في جامعة الدول العربية، جراء تعاطيه بصورة قمعية مع الاحتجاجات.

وإثر صدور القرار الذي وافقت عليه 18 دولة عربية، مقابل رفض سوريا ولبنان واليمن له، أُعلن عن فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على النظام.

وظل المقعد السوري شاغرًا في الجامعة العربية منذ تجميد العضوية حتى آذار 2013، حين مُنح المقعد خلال القمة المنعقدة في الدوحة لـ “الائتلاف السوري” كممثل عن المعارضة، حيث ألقى رئيس “الائتلاف” حينها، أحمد معاذ الخطيب، كلمة باسمها، لمرة واحدة في ذلك الوقت والمكان.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *