اخر الاخبار

الرستن.. اكتشاف أثري يُقلق السكان من إجبارهم على بيع منازلهم

لا تزال مديرية الآثار بمدينة حمص مستمرة في عملية التنقيب بمدينة الرستن شمالي حمص، بجوار الموقع الذي عُثر فيه على لوحة الفسيفساء التي تلخص ملحمة “الأمازونات” عام 2018، والتي يقدّر عمرها بـ1600 عام.

وأعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف بحمص، في 22 من حزيران الحالي، عن اكتشاف لوحة جديدة بجوار اللوحة السابقة، بحسب ما نقلت عنها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وأفاد مراسل في حمص، أن قوات النظام السوري فرضت طوقًا أمنيًا في المنطقة، وأن البعثة وضعت سورًا معدنيًا لمنع وصول السكان ومشاهدة الاكتشاف الجديد، وحصرت الوصول إلى الموقع بالمعنيين ووسائل الإعلام المحلية.

وتصور اللوحة الجديدة مشهدًا آخر من “حرب القناطير”، ما أعطى اللوحة أهمية كبيرة على مستوى العالم، بما تصوره من مشاهد مميزة، بحسب مديرية الآثار.

قلق بسبب تجارب سابقة

رغم أهمية الاكتشاف، بدا القلق على سكان الحي المجاور للموقع الأثري، متخوفين من مصير مشابه لمن أُجبروا سابقًا على بيع منازلهم من سكان الحي لأجل عمليات التنقيب.

“أم أحمد” (46 عامًا) من سكان مدينة الرستن وتسكن قريبًا من موقع التنقيب، قالت ل، إن “الاكتشافات الجديدة تزيدنا قلقًا، وخصوصًا بعد تصريحات مديرية الآثار بنيتها التوسع في أعمال التنقيب وشراء مزيد من المنازل”.

وأضافت، “سنكون مجبرين على بيع منازلنا كما حصل سابقًا مع أصحاب المنازل، ورغم دفع المبلغ الحقيقي للمنزل، تبقى أسعار العقارات منخفضة جدًا هذه الفترة”، متسائلة هل يمكن أن تجد بهذا السعر منزلًا آخر يؤوي عائلتها.

ومنذ اكتشاف اللوحة عام 2018، اشترت مديرية الآثار بحمص المنزل الذي اكتُشفت فيه والمنزل المجاور له، ولم تبدأ عمليات التنقيب إلا في بداية عام 2022، ليعلن عن تفاصيل اللوحة القديمة ولوحات جديدة مجاورة لها.

ونقلت صحيفة “العروبة” الحكومية، في تشرين الأول 2022، عن الممثلة سلاف فواخرجي، بصفتها عضو مجلس أمناء متحف “نابو” اللبناني، أن المتحف قدم الدعم المادي لشراء المنزلين، وتعاون مع الأثريين السوريين في عمليات التنقيب، واسترجاع القطع المسروقة.

مدير الآثار والمتاحف في حمص، حسام حاميش، قال خلال الاكتشاف الأحدث للوحة الجديدة، إن التنقيب في مكان اللوحة يحتاج إلى خبرات عالية، وخاصة في ظل الظروف الصعبة، ووجودها على أكثر من عقار يتطلب “التفاوض على استملاكها في منطقة غنية بالآثار”، مشيرًا إلى أن أعمال التنقيب في تل الرستن الأثري مستمرة منذ 17 عامًا.

محمد (47 عامًا)، من سكان الحي المجاور للموقع الأثري، قال ل، إن مديرية الآثار تنوي التوسع في أعمال التنقيب، و”إننا سوف نضطر لبيع منازلنا لهم بالإجبار، والمنازل في الحي أغلبها قديمة لكنها صالحة للسكن وهي تؤوينا”.

ولا تقارَن أسعار المنازل في هذا الحي القديم بأسعار المنازل في الأحياء الأخرى، وفق محمد الذي قال، “عند بيع منازلنا ولو بسعرها كما يثمنها أصحاب المكاتب العقارية، لن نستطيع شراء منازل في الأحياء الأخرى، لأنها أحدث وأغلى”.

وأضاف محمد أنهم فكروا أيضًا ببناء منازل جديدة، لكن ثمن المنزل سوف يُحسب على السعر الرائج، وهو “أقل بكثير من تكلفة بناء منزل جديد”.

ويصل ثمن المنزل في الحي المجاور للموقع الأثري إلى 30 مليون ليرة سورية بالحد الأقصى، وهو أقل من السعر الرائج لمنزله، بينما إيجار المنزل بالحد الأدنى 150 ألف ليرة، بحسب ما قاله محمد.

صاحب أحد المكاتب العقارية في مدينة الرستن (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية) قال ل، إن أسعار العقارات “منخفضة جدًا” هذه الفترة بسبب زيادة العرض مقابلة انعدام الطلب، وإن الحكومة اشترت المنازل سابقًا بالسعر الرائج دون النظر إلى تكلفة البناء.

وأشار صاحب المكتب العقاري إلى أن أسعار العقارات أقل من تكلفتها بكثير، رغم ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت، بسبب زيادة عروض البيع بدافع الهجرة، مقدّرًا أن نصف المدينة والأراضي الزراعية المحيطة بها للبيع تقريبًا.

لوحة الفسيفساء الرومانية المكتشفة حديثًا في مدينة الرستن بريف حمص- 22 من حزيران 2023 (المديرية العامة للآثار والمتاحف)

محاولات تهريب

نقلت صحيفة “العروبة” الحكومية عن مدير الآثار والمتاحف بحمص، حسام حاميش، أنه في أواخر 2018، وبالتنسيق مع “الجهات المختصة” في الرستن، أُعلمت المديرية بوجود هذه اللوحة، التي كان هناك من يخطط لتهريبها للخارج.

وراجت عمليات التنقيب عن الآثار وبيعها في ريف حمص خلال سيطرة فصائل المعارضة في السنوات التي سبقت عام 2018، وتركزت بمدينتي الحولة وتلبيسة إلى جانب الرستن.

وفي 22 من حزيران الحالي، أدانت محكمة فيدرالية أمريكية مواطنًا بـ”استيراد” فسيفساء رومانية عمرها نحو ألفي عام بشكل غير قانوني من سوريا منذ عام 2015.

ووفقًا للأدلة المقدمة في محاكمة استمرت أكثر من أربعة أيام، قالت وزارة العدل الأمريكية، عبر بيان صدر في 21 من حزيران، إن أحد سكان مقاطعة كاليفورنيا الأمريكية محمد ياسين الشريحي (56 عامًا)، استورد بشكل غير قانوني الفسيفساء التي تصور نصف الإله الروماني هرقل في آب 2015، مدعيًا أنه كان يستورد بلاط سيراميك من تركيا بقيمة أقل من 600 دولار.

وذكرت شبكة “CNN” الأمريكية بحسب الشكوى التي قُدمت بحق الشريحي، أنه مواطن من أصل سوري حصل على الجنسية الأمريكية عام 2010.

وقدّر خبير التقييم في الحكومة الأمريكية قيمة الأثر، الذي يعود تاريخه إلى حقبة الإمبراطورية الرومانية وهو من أصل سوري، بمبلغ 450 ألف دولار، فيما كان الشريحي قد دفع حوالي 12 ألف دولار مقابل ذلك، و40 ألف دولار أخرى لترميمه.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *