اخر الاخبار

لقاء “أستانة” في نيويورك.. رسائل مختلفة دون تغيير في اللهجة

بعد اختتام مسار “أستانة” في العاصمة الكازاخية، في حزيران الماضي، إثر استضافة الجولة العشرين من المباحثات السياسية حول سوريا، جاء الاجتماع الأحدث مؤخرًا بشكل مفاجئ، رغم حديث روسي سابق أوضح أن الاجتماع المقبل سيكون في النصف الثاني من العام، إذ استفادت أطراف “المجموعة” من حضورها المتزامن في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة، وعقدت اجتماعًا في 22 من أيلول، لم يخرج بما يخالف اللقاءات السابقة علنيًا على الأقل.

وأكد وزراء خارجية “مجموعة أستانة” (تركيا وروسيا وإيران)، تصميمهم على مواصلة الجهود المبذولة للمساعدة في حل الوضع في سوريا، خلال اجتماعهم على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ونقلت وكالة “تاس” الروسية، السبت، 23 من أيلول، أن وجهات النظر بشكل شامل حول الوضع في سوريا، وما حولها، جرى تبادلها، مع التركيز على الحاجة إلى الاستقرار الدائم في البلاد.

كما جرى تسليط الضوء على الدور الرئيسي لـ”مجموعة أستانة” بأطرافها الثلاثة، مع التأكيد على تصميم الدول على مواصلة الجهود المشتركة للتوصل لحل على أساس الالتزام بمبادئ احترام سيادة ووحدة سوريا وسلامة أراضيها.

وأكد المجتمعون على ضرورة حشد المساعدات الخارجية لسوريا، لضمان إعادة الإعمار وتعزيز عودة اللاجئين إلى وطنهم، وناقشوا مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، سبل تعزيز العملية السياسية التي “يقودها ويمتلكها الشعب السوري”، بمساعدة الأمم المتحدة، مع ضرورة ضمان الأنشطة الفعالة لـ”اللجنة الدستورية”.

جرى التأكيد أيضًا على أهمية توفير المساعدة الإنسانية لجميع السوريين المحتاجين، وفق قواعد ومبادئ القانون الدولي، بحسب ما نقلته الوكالة عن بيان للخارجية الروسية.

والتقى وزراء خارجية “مجموعة أستانة” قبل يومين، بعد تصريحات للمبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ونائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، الأربعاء الماضي، أوضح فيها أن الاستعدادات جارية لعقد اجتماع “مجموعة أستانة” الحادي والعشرين، بشأن سوريا.

رغبة موسكو- أنقرة

الباحث والمحلل السياسي، حسن النيفي، أوضح ل، أن اللقاء الأحدث يعكس رغبة “روسية- تركية” في الوقت نفسه، لأن الكل يعلم أن القضية السورية كانت السبب في تأسيس المسار، لكنه لا يعتبر اليوم  مسارًا خاصًا يتمركز حول الملف السوري مقدار ما هو إطار خاص للعلاقات أو تبادل المصالح التركية الروسية الإيرانية.

ويرى الباحث أن روسيا وتركيا دولتان راعيتان للمسار وتعلمان أنه لم ولن يفضي إلى نتيجة في القضية السورية، لكن فيما يخص تبادل المصالح بين البلدين فهو ضروري لاستمرار العلاقات التركية الروسية.

وعلى المستوى السوري، استنفذ المسار كل ما فيه، واستطاع الروس والنظام السوري استعادة الكثير من المناطق تحت مسمى “خفض التصعيد” وجرى اختزال الملف السوري بـ”اللجنة الدستورية”، وحقق المسار نصرًا ميدانيًا وسياسيًا للنظام، وفق النيفي.

خريطة توضع اختلاف الوضع الميداني والسيطرة العسكرية على الأرض للنظام السوري قبل مسار “أستانة” وبعده- (تعديل)

وبرأي الباحث، أنه من الممكن مستقبلًا عقد جلسة وجلستين أو حتى ثلاثة فيما يخص مجموعة “أستانة”، طالما أن هناك مصالح مشتركة بين روسيا وتركيا وإيران، وطالما أن القضية السورية تراوح مكانها، ما يعني الإبقاء على هذه الاتصالات، لأن علاقات هذه الدول تقتضي التحاور والنقاش، وصراع المصالح بين هذه الأطراف على الجغرافيا السورية ليس من أجل سوريا، والمسار مرهون بمصالح هذه الدول على الأرض السورية، ما يبرر لقاءات من هذا النوع.

مسار احتياطي

كما رجّح الباحث في مركز “الحوار السوري”، الدكتور أحمد قربي، أن يكون الاجتماع بدافع إعادة تأكيد إمكانية إحياء صيغة “أستانة”، بسبب التعثر في تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، ما يجعله محاولة روسية تركية لإيضاح أن المسار يمكن العودة إليه كمسار سياسي أساسي في حال فشل التقدم بالمسار الرباعي.

ويمكن اعتبار اللقاء ردًا على النظام من قبل الروس والأتراك لإمكانية المضي في المسار، من جهة، وردًا على مسار التطبيع العربي، في إشارة إلى فعالية هذه الدول وتحكمها في أي مسار سياسي أو عسكري في سوريا.

وبحسب قربي، فإن “أستانة” يشكل اجتماع “المتشاكسين”، فكل الأطراف تمتلك مصالح متضاربة في سوريا، وتتفق على محاربة الإرهاب، لكن كل طرف يفسر هذه النقطة لصالحه مثلًا.

وفيما يتعلق بـ”الأسطوانة” التي تكررها لقاءات “أستانة”، بالحديث عن وحدة وسلامة الأراضي السورية، وإدخال المساعدات وعودة اللاجئين، فاللقاء لم يعقد لتقديم مختلف، أكثر من التذكير بإمكانية إحياء هذه الصيغة جراء فشل في مسار التطبيع بين تركيا والنظام.

اللقاء الماضي.. الأخير في كازاخستان

قبل اللقاء الأحدث في نيويورك في 22 من أيلول، كان أحدث لقاءات الاجتماع الدولي بشأن سوريا بصيغة “أستانة” انعقد في 20 و21 من حزيران الماضي، ليعلن بعدها المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، أن الاجتماع العشرين الذي استضافته كازاخستان هو الأخير بقرار من قيادتها.

وأوضح خلال مؤتمر صحفي في 21 من حزيران، أن الاجتماع المقبل سيعقد في النصف الثاني من العام الجاري، بمكان يحدد لاحقًا، معتبرًا أن “صيغة أستانة” أثبتت فاعليتها، معربًا عن شكره لكازاخستان لاستضافتها الاجتماعات على مدار أكثر من ست سنوات.

وعلى مدار الجولات السابقة، انعقدت لقاءات “أستانة” بحضور قادة ثلاث دول، منها اثنتان حليفتان للنظام السوري سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا (روسيا وإيران)، وأخرى اتجهت منذ نهاية 2022 لفتح باب التقارب السياسي معه (تركيا)، وممثلين عن النظام السوري والمعارضة ومراقبين.

وكانت “” أعدت في وقت سابق ملفًا تحت اسم “بوابة لمرحلة مختلفة.. طي صفحة أستانة“، استعرضت بموجبه المسار وأهميته، وأبرز المحطات والقرارات التي تمخضت عنه.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *