الاستثمار الذهبي .. لماذا يحجم المصريون عن شراء الذهب

أسعار الذهب اليوم

هناك عدة نظريات وقواعد إقتصادية لا تعد و لا تحصى متعلقة بالاستثمارات الامنة وخاصة في ظروف الازمات العالمية و الكوارث و زيادة مخاطر التضخم أهمها قاعدة الاستثمار الذهبي أو اللجوء للذهب كحل أمن حيث لا يفقد الذهب قيمته أبدًا .

و لكن الوضع العام لمشتروات المصريين من المعدن الأصفر تختلف تمامًا عما يحدث في دول العالم الأخرى, حيث أقبل المصريون على شراء الذهب بكثافة في الفترة الماضية مع أرتفاع أسعاره بشكل جنوني في بداية الأزمة الدولارية التي جعلت الدولار يقفز من 25 ج الى 32 ج مرة واحدة مما ساهم في زيادة ظاهرة التضخم , بينما تراجعت تمامًا مع أنخفاض أسعاره في الأسبوع الماضي قبل أن يعاود الصعود بشكل متسارع مرة أخرى .

الريادة المصرية في الذهب

تمتلك مصر مكانة كبيرة في صناعة الذهب على مستوى الشرق الأوسط حيث تمتلك مصر 5 مصانع كبرى لصناعة الذهب بالإضافة إلى مايقرب من 3000 ورشة لتصينع الذهب منها 500 ورشة في القاهرة فقط, ويعمل بها ما يقرب من 250 ألف عامل.

بلغت صادرات مصر العام الماضي 2022 من المجوهرات والحلي الذهبية حوالي 1.13 مليار دولار، بارتفاع 34% عن نفس الفترة من عام 2021 التي لم تتجاوز 839 مليون دولار، طبقا لبيانات المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية والتشييد والبناء.

وتخطط وزارة التموين لتطوير “مدينة الذهب ” في العاصمة الإدارية الجديدة لتصبح مصر واحدة من أكبر مصنعي الذهب في المنطقة. ويشمل المشروع تأسيس 400 ورشة جديدة لإنتاج الذهب و150 ورشة تعليمية ومدرسة فنية كبيرة، فضلا عن إنشاء أول مصفاة للذهب في مصر باستثمارات تصل إلى 100 مليون دولار.

الأمان الذهبي

يطلق على الاستثمار في الذهب أسم ” الأمان الذهبي ” حيث يلجئ الكثير من الناس إلى وضع إستثماراتهم وتحويل مدخراتهم إلى ذهب حيث لا يفقد الذهب قيمته بسهولة و يحافظ على ثبات أسعاره, على العكس من تجميد الأموال في البنوك مقابل الحصول على فائدة سنوية أو شهرية قليلة, كذلك يعتبر الذهب ملاذ أمن لأصحاب المدخرات الصغيرة على العكس من الاستثمار العقاري الذي يحتاج إلى مبالغ ضخمة ويكون بيعه عبئ أضافي و يستغرق الكثير من الوقت في ذلك .

إقبال على الشراء ثم تراجع

قفزت مشتريات المصريين من السبائك والعملات الذهبية بنحو 144% خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2022، مسجلة 1.5 طن بالمقارنة مع 600 ألف كيلو جرام، خلال الفترة نفسها من عام 2021، ما وضعهم في المركز الرابع ضمن أكثر شعوب العالم إقبالاً على اقتناء المعدن النفيس منذ مطلع 2022

على الرغم من هذا الاقبال المتزايد في تلك الفترة إلا أن سعر الذهب في مصر لم يكن هو السعر العادل أو الحقيقي , ففي تصريحات سابقة لمسئولين بشعبة الذهب في أتحاد الصناعات أن تجار الذهب الكسر هم المتحكم الحقيقي في أسعار الذهب و يقيمونه بأعلى من سعره الحقيقي طبقا لسعر الدولار في السوق السوداء و ليس سعره في البنك المركزي وذلك لتأمين مبيعاتهم, مع تراجع الاستيراد الذي كان يشكل مصدر دخل أساسي لهم بسبب فروق الاسعار .

ففي الوقت الذى انخفضت فيه أسعار الأوقية بالسوق العالمى بنحو 5% خلال ستة أشهر ارتفعت أسعاره بالسوق المحلي بأكثر من 80% خلال نفس الفترة.

و في الأسبوعيين الماضيين أنهارت أسعار الذهب بشكل كبير في مصر, وهو ما كان يستوجب أن يقبل المصريون على الشراء لحفظ مدخراتهم من الأنهيار في ظل حالة التضخم التي تخييم على الأجواء الاقتصادية في مصر, ولكن حدث العكس قل الطلب على الذهب.

و للإجابة على هذا السؤال تواصلنا مع نادي نجيب السكرتير السابق لشعبة الذهب و الذي قال في تصريحات خاصة لجريدة ” بلدنا اليوم ” أن حركة البيع بطيئة حتى الأن مرجحًا أن يكون ذلك ناجمًا عن خوف المصريين الذين أشتروا الفترة الماضية بأسعار عالية جدًا .

مضيفًا أن أسعار الذهب بدأت في الارتفاع مرة أخرى بعد التراجع الذي شهدته خلال الأسبوعين المنصرمين , بزيادة أقتربت من الـ 150 جنيهًا للجرام الواحد

و أوضح نجيب أن الشعبة ليست متحكمة في الأسعار و أن الأسعار محكومة بالأسواق العالمية و العرض والطلب, مضيفًا أن الأسواق العالمية تشهد ارتفاع كبير هي الأخرى

و عن ارتفاع الأسعار في مصر بزيادة أكبر من الأسواق العالمية أرجع نجيب ذلك إلى ارتفاع أسعار الدولار في السوق الموازي ” السوداء ” .