اخر الاخبار

غياب الكهرباء يقلص مؤونة البيوت باللاذقية

اللاذقية – ليندا علي

تغيب طقوس تحضير المؤونة عن كثير من عائلات محافظة اللاذقية لعدة أسباب، أبرزها سوء الأوضاع المعيشية من جهة، وغياب الكهرباء وعدم القدرة على حفظ المؤونة من جهة ثانية، خصوصًا تلك التي تتطلب عملية “التفريز” (التجميد) مثل البازلاء والفول الأخضر.

لم ينخفض سعر كيلو أوراق “اليبرق” (ورق العنب) عن 18 ألف ليرة سورية، رغم أن الموسم شارف تقريبًا على الانتهاء، وهو ما دفع غادة (53 عامًا) لشراء كيلو واحد وحفظه بطريقة التخليل للشتاء المقبل.

غادة موظفة في القطاع العام براتب لا يتجاوز 345 ألف ليرة، كانت في السابق تحصل على خمسة كيلوغرامات “ورق عنب” على الأقل بشكل مجاني من صديقاتها في العمل، المقيمات في الأرياف ويمتلكن عرائش العنب.

الحال تغيّر لدى غادة نتيجة الظروف الاقتصادية الحالية، وصارت صديقاتها يبعن الأوراق عوضًا عن تقديمها كهدايا، لكنهن يبعنها بسعر أقل من السوق بـ3000 ليرة، مراعاة لزميلاتهن في العمل.

كانت غادة تحتفظ بمختلف أنواع المؤونة من “يبرق” وفول وبازلاء وبندورة ومخللات وغيرها، وباتت تكتفي بطبخة واحدة من كل نوع، كما استغنت عن تموين البازلاء والفول بسبب غياب الكهرباء، وعدم استساغة عائلتها لطعم المادتين من خلال “التيبيس” (التجفيف)، وتقوم الطريقة على ترك الحبات حتى تجف وتصبح يابسة ثم يتم حفظها.

لا تشتري غادة البازلاء من أجل المؤونة لأنها مرتفعة الثمن، إنما تشتريها فقط لطبخها في موسمها، وقالت، إن سعر كيلو البازلاء بقشره يتراوح بين 8 و10 آلاف ليرة، ويصل إلى 30 ألف ليرة بعد الفرط، والفول بقشره بين 6 و8 آلاف ليرة، ويصل إلى 25 ألف للحبات المفروطة، وهي مبالغ ليست بالقليلة قياسًا بالدخل وباقي متطلبات الحياة.

استغناء أو من الأرض

تتجه معظم العائلات في اللاذقية إلى إلغاء فكرة المؤونة، فالأسعار غالية سواء في مواسم الخضراوات أو خارجها شتاء، ولا يوجد فرق كبير، باستثناء بعض سكان الأرياف الذين يمتلكون أراضي زراعية يزرعونها ببعض المحاصيل للتموين منها دون الاضطرار للشراء.

تعيش ياسمين (26 عامًا) مع زوجها في إحدى قرى ريف جبلة التابعة لناحية حرف المسيترة، موّنت الفول من أرضها بطريقة التجفيف، كذلك بالنسبة لـ”ورق العنب” مستخدمة طريقتي التخليل بالماء والملح، والضغط عبر تفريغ المرطبان من الهواء ومن ثم تشميعه وحفظه للعام المقبل.

وبالنسبة لباقي الأنواع، قالت ياسمين إنها تخلّت عنها، وعودت نفسها مع عائلتها على تناول البازلاء في موسمها، لأن طعمها يختلف كثيرًا بحال تم تخليلها أو تجفيفها، بخلاف الفول الذي يبقى جيدًا إلى حد ما.

استغلال الطاقة الشمسية

وزعت بعض معامل “البوظة” في بعض الأرياف ألواح طاقة شمسية مع ثلاجات لبعض محال السمانة، لتضمن تصريف إنتاجها في ظل إعراض المحال التجارية عن شراء البوظة، لعدم إمكانية حفظها في ظل التقنين الكهربائي القاسي.

يمتلك “محمد” (اسم مستعار) محلًا تجاريًا في أحد الأرياف القريبة من مدينة اللاذقية، قال إن زوجته جرّبت شيئًا جديدًا هذا العام بطلب من الجارات، إذ اشترت كمية من البازلاء والفول، ثم فرزتها في الثلاجة مستغلة ألواح الطاقة الشمسية، بمعدل نصف كيلو في كل كيس، تمهيدًا لبيعها للجيران خلال موسم الشتاء المقبل.

رفض محمد أن يتم ذكر اسم محله أو مكان وجوده أو حتى الإشارة إليه، خوفًا من اكتشاف حيلته من قبل صاحب معمل “البوظة” الذي قدم له الطاقة الشمسية والبراد، فيطالب بهما.

ويرى محمد أن تلك الفكرة مبتكرة، وتسهل المهمة على الجيران، مضيفًا أن سعر الـ400 غرام من البازلاء المفرزة التي تباع في المحال التجارية يصل إلى 25 ألف ليرة، وهو لا ينوي بيع الـ500 غرام بأكثر من 15 ألف ليرة بحال استمر وضع الأسعار بالاستقرار كما هو اليوم.

وكان كثيرون خسروا مؤونتهم عامي 2020 و2021، نتيجة التقنين الكهربائي، قبل أن يتوقفوا عن “التفريز” ويبحثوا عن بدائل جديدة، لا يبدو أنها مرغوبة لدى غالبيتهم، فـ”التفريز” يحفظ نكهة الخضراوات أكثر من باقي الطرق الأخرى.

وسجل سعر مبيع الدولار الأمريكي الواحد أمام الليرة السورية 14850 ليرة وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات.

ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام السوري 279 ألف ليرة سورية (18.7 دولار).

وارتفع متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مؤلفة من خمسة أفراد إلى نحو 12.5 مليون ليرة سورية، بينما وصل الحد الأدنى إلى 7.8 مليون ليرة سورية.

وفي 9 من أيار الحالي، قال برنامج الأغذية العالمي، إن تكاليف السلع الأساسية تواصل الارتفاع في سوريا، لكن رغم ذلك، لا تزال مستويات الدخل منخفضة، إذ لا تغطي سوى 29% من إجمالي النفقات.

وفي سوريا، يحتاج 16.7 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، وفق تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *