اخبار تركيا

كاتب تركي يستعرض علاقة العلوم الاجتماعية في الغرب بما يجري في فلسطين

اخبار تركيا

أشار الكاتب والمحلل التركي توران قشلاقجي، إلى أن العلوم الاجتماعية التي تدرس في الجامعات الغربية هي من أسباب راحة القادة الغربيين أمام الوحشية والإبادة الجماعية التي تمارس بحق الشعوبة البريئة التي يستعمرون أراضيها.

وأوضح قشلاقجي، في مقال بصحيفة القدس العربي، أنه عندما يحتل المستعمرون والإمبرياليون والغزاة البلدان الأخرى، فإنهم غالبا ما يبدأون بممارسة الإبادة الجماعية من خلال شيطنة شعوبها.

وأضاف الكاتب التركي: “هم يستخدمون هذا النهج لكي يريحوا ضمائرهم. هذه القوى التي تعتبر نفسها «متحضرة»، تصف الشعوب التي تغزوها بـ»المجتمعات المتوحشة غير المتحضرة»”.

ولفت إلى أن “الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، استخدم مثل هذه العبارات بعد أحداث 11 سبتمبر على وجه الخصوص، تجاه شعبي أفغانستان والعراق، ولسنوات عديدة، ظل القادة الغربيون يستخدمون مصطلحات مشابهة أثناء الحديث عن الناس الذين يستعمرون أرضهم في أمريكا اللاتينية وافريقيا وآسيا”.

وأكد أنه منذ سنوات طويلة، يحرص القادة الصهاينة الذين يدعمون الإمبريالية على استخدام عبارات مماثلة للإشارة إلى الفلسطينيين بعد احتلال أرضهم، فعلى سبيل المثال، قبل الهجوم الأخير على غزة، شبّه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الفلسطينيين بـ»الحيوانات»، وقال: «إننا نقاتل ضد حيوانات بشرية وسوف نتصرف وفقا لذلك».

وبحسب قشلاقجي، وصف الوزير الإسرائيلي السابق رحبعام زئيفي العرب بـ»القمل»، والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بزعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر. وقالت رئيسة الوزراء السابقة غولدا مائير، إنه «لا يوجد أبدا شيء اسمه شعب فلسطيني».

وتابع المقال: “إن أحد الأسباب التي تجعل القادة الغربيين يتصرفون بكل راحة أمام الإبادة الجماعية والمذابح، يرجع إلى العلوم الاجتماعية التي يتم تدريسها في الجامعات. لأن العلوم الاجتماعية تعد بشكل عام هي ذراع الاستكشاف بالنسبة إلى الحكام والمستعمرين منذ 200 عام.

والعلوم مثل الأنثروبولوجيا وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأعراق تجرد شعب بلد ما من إنسانيته لكي يتم غزوه. وتضفي العلوم الاجتماعية الشرعية على الإبادة الجماعية من خلال طرح أفكار مثل «إنهم ليسوا منا»، أو «إنهم وحوش»، أو «إنهم غير متحضرين»، ضد الشعوب التي يراد احتلال أرضها.

والعلوم الاجتماعية هي التي تضفي الشرعية أيضا على احتلال أمريكا للعديد من البلدان. وعلى سبيل المثال، يصنف علم الاجتماع المجتمعات على شكل «مجتمعات الملكية» أي تلك التي لديها منازل ومأوى، أمّا «مجتمعات الصيد والالتقاط» فهي المجتمعات التي لا تملك منازل وتأكل كل ما تجمعه، مثل الأمريكيين الأصليين، ولهذا السبب، فهو يرى أن مجتمعات الصيد والالتقاط لا يمكن أن تمتلك الأراضي، وبالتالي فإن الأراضي التي تتجول عليها يمكن أن تحتلها ما يسمى بالقوى المتحضرة.

ومن الشخصيات البارزة في هذا السياق برنارد لويس المفكر الأمريكي الذي تبنى الفلسفة الصهيونية. ويضع لويس في كتبه العرب والأتراك وكل من لا ينتمي إلى الغرب في فئة «غير المتحضرين». ووفقا للويس، تم تصدير العبودية إلى المجتمع الغربي «البريء» عن طريق الإسلام، وأن المذنبين الحقيقيين لمؤسسة العبودية هم المسلمون، وليسوا الغربيين.

يدافع هذا المؤرخ والسياسي تارة عن أن المطالبة بـ»إسرائيل الكبرى» هي حق إسرائيل، وتارة أخرى ينصح بعدم إجراء انتخابات حرة نظرا لوجود احتمال بشأن وصول الحركات الإسلامية إلى السلطة في العالم الإسلامي، ولذلك هو يوصي بدعم الحكام الطغاة في بلدان المنطقة، ولكنه لا يقول ذلك علنا. ولهذا يصف إدوارد سعيد، لويس بأنه أحد أهم المستشرقين الأحياء.

خلاصة الكلام؛ أظهرت المقاومة المقدسة في غزة بكل وضوح أن هناك حاجة إلى تغيير في مجال العلوم الاجتماعية، لأن فهم الغربيين للديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي يظهر للعلن عندما يخدم مصالحهم الخاصة. وقد ظلت العلوم الاجتماعية تستخف بالشعوب الأخرى لإضفاء الشرعية على الاحتلال والاستغلال من قبل المستعمرين وأزلامهم الصهاينة منذ 200 عام.

وأظهرت وثائق تم الكشف عنها في ألمانيا أن «مدرسة فرانكفورت» كانت تعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية، وهذا يدل على أن الوقت قد حان لإلقاء الكتب في جميع مجالات العلوم الاجتماعية إلى مزبلة التاريخ، ومن ثم ينبغي لمثقفي هذه المنطقة وأكاديمييها أن يناقشوا مفاهيمهم وكتبهم الخاصة بأنفسهم في كل مجال.

ويظهر هذا الوضع أن العلوم الاجتماعية أصبحت أداة في أيدي القوى المهيمنة، وأن المعرفة تستخدم في هذه المجالات لدعم سياسات الاحتلال والاستعمار، ولا شك أن التلاعب بالعلوم الاجتماعية بهذه الطريقة يمنعها من أن تكون موضوعية ومحايدة، مما يؤدي إلى انحراف تخصصات مثل التاريخ والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع عن هدفها الحقيقي.

لذلك، يكشف لنا هذا الوضع عن ضرورة إعادة هيكلة العلوم الاجتماعية والتعامل معها بطريقة أكثر عدالة وموضوعية. فإعادة الهيكلة هذه ستسمح لهذه الفروع العلمية بالتطور من منظور أكثر دقة وتوازنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *