اخبار عمان

“الباص الأحمر” | جريدة الرؤية العمانية

 

 

أحمد الرحبي

تختلف المشاوير لأفراد الأسرة الواحدة في مسقط، وتتعدد أغراضها في اليوم الواحد، فمنهم من يقوده مشواره اليومي إلى الجامعة أو الكلية، ومنهم من يقوده المشوار إلى التسوق أو إلى المقهى، والبعض الآخر لموافات موعد في المستشفى، وكل هذه المشاوير متعددة الأغراض، ربما لا تفي سيارة واحد أو اثنتين قد تمتلكها أسرة متوسطة الدخل، أو قد تملك سيارة واحدة وحيدة، نظرا للوضع الاقتصادي الصعب الذي قد لا تنجو من تبعاته، أسرة متوسطة الحال، وذلك لتباعد هذه المشاوير في الوقت والمسافة بين المشوار والآخر.

بالنسبة لحالتي الذي يملك سيارة واحدة يتيمة، تخدم كل المشاوير لأفراد الأسرة التي ذكرناها سلفًا، قد تكون مشاويري ليست بذات الضرورة لبقية أفراد الأسرة، ولذلك إما أن تكون مؤجلة نهائيًا أو تكون في وقت لاحق، بعد المشاوير الضرورية والمهمة لبقية أفراد الأسرة، فمثلا إذا أردت الذهاب صباحًا إلى مكتبة جامعة السلطان قابوس، أو مكتبة مركز الدراسات العمانية في المكان ذاته، أو مكتبة جامع السلطان قابوس الأكبر، أو ارتبطت مساءً لحضور ندوة في بيت الزبير مثلًا، أو أمسية ثقافية في النادي الثقافي، أو حتى زيارة معرض تشكيلي في وسط المدينة، تكون كلها هذه مشاوير(ي) ليست مهمة، وإن كانت ضرورية، مقارنة بالمشاوير إلى الجامعات أو الكليات أو المستشفيات.

في حال كهذه قد تلجأ إلى وضع خارطة طريق خاصة بك للقيام بهذه المشاوير بعيدا عن إستخدام سيارتك، وأول الخيارات تكون سيارة الأجرة، والتي أصبحت خدماتها متوفرة عن طريق تطبيق Otaxi تنقلك بسهولة ويسر، لكن بتكلفة لا يتحملها الجيب إذا لم تكن هناك ضرورة قصوى لذلك.

الخيار الآخر هو باص النقل الوطني (الباص الأحمر)، وهنا بيت القصيد، فمع أن حافلات شركة النقل الوطني تجوب أرجاء المدينة نهارًا وليلًا بلونها الأحمر الذي يشكل علامة فارقة في المدينة، والتي معظم الأوقات تشاهدها فارغة إلّا من راكب أو ثلاثة ركاب.

خدمات باص النقل الذي لا يصل إلى حيث أقطن في منطقة حلبان خلف الجامعة الألمانية في الطرف الغربي من مدينة مسقط، يفتقد الشمولية والتنظيم في خدماته، إضافة إلى عدم توافر محطات كافية للانتظار ومرافق الخدمة الأخرى، التي تدعم شبكة النقل الوطني في مسقط، وتجعل النقل العام متاحًا بسهولة ويسر لأكبر شريحة في المجتمع.

وبالنظر إلى الخدمة الحالية التي تقدمها الشركة العُمانية للنقل الوطني “مواصلات”، والتي أغلب المستخدمين لها هم شريحة العمال من الوافدين، وهي شريحة تتسابق على خدمتها، إضافة إلى سيارات الأجرة؛ سواء سيارة الأجرة ذات الأربعة ركاب، أو حافلات الأجرة الصغيرة، أقول بالنظر إلى الخدمة المحدودة التي تقدمها حافلات “مواصلات” المرتبطة فقط بالعمالة الوافدة، يجعل شريحة واسعة في المجتمع غير مستفيدة من خدمات النقل، مثل طلبة الجامعات والكليات والموظفين والمراجعين للمستشفيات، رغم حاجتهم الماسة للنقل العام الذي يُتيح القيام بمشاويرهم اليومية بسهولة وسلاسة، وهو الأمر الذي يضاعف ويوسع من الشريحة المستهدفة بخدمات شركة النقل الوطني، مما ينعكس طردا على ربحية الشركة وتطورها إلى مستوى من الإحترافية في خدمة النقل العام.

مع التفكير لمدى تطوُّرِيّ أرحب لخدمات النقل العام في السلطنة، الذي يشمل كافة مناطق السلطنة بولاياتها وقراها المتباعدة، فإن من المناسب، إنشاء هيئة عامة لخدمات النقل العام واسعة الصلاحيات، تتولى تنظيم شبكة عصرية حديثة للنقل العام وما تشمله من مرافق وحافلات وجهاز لوجستي متطور لإدارة النقل العام في عموم مساحة السلطنة المترامية الأطراف، وهو ما يفيد بالدرجة الأولى التوجه الذي اعتمدته سلطنة عمان لتطوير السياحة في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *