اخبار عمان

استنكارات حرق القرآن.. لا تكفي

 

 

حمد الناصري

حادثة إحراق القرآن الكريم في السويد ليست كُرهًا وبُغضًا ضد جالية من المُسلمين في أي بلد غربي، ولا هي بحُرية قطعاً، لكنها إساءة ثقيلة واستفزاز قاهر للأمة الإسلامية جمعاء.

إنَّ حركة اليمين في السويد، حركة مُتطرفة نشأتْ في مدينة مالمو ومدينة لينشوبينغ؛ حيث استطاع زعيم الحركة راسموس بالودان أخذ الموافقة بحرق القرآن الكريم في يناير من العام 2023. وهذا العمل المُسيء وغير المسؤول يُعد تحريضاً مُستفزاً لأكثر من ملياري مسلم في مختلف قارات العالم، وهو نتيجة الكراهية في أوروبا والمُعتقد القائم على الحقد ضِدّ الإسلام الذي يتعاظم يوماً بعد يوم في أوروبا.

وفي يوم الأربعاء 28 يونيو 2023 اتخذت حكومة السويد تصرفات دنيئة بسماحها بإحراق نسخة من كتاب الله القرآن الكريم.

والحقيقة تعبنا من التنديد والشجب والإدانه وهذا لا يكفي، إنْ لم نَقُم بشجاعة ونفعلها بجدية وتجتمع الدول المسلمة جميعها عربية وغير عربية، ويكون هناك إجماع بين الجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامي حول إقرار جماعي بطرد سُفراء حكومة السويد من بُلدانهم. وذلك ليكون هذا الإجماع عِبْرة للسويد وغيرها من البلدان الغربية. وعلينا أنْ ننتصر لقرآننا وكتاب ربنا ونور جاء به سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

أعجبني ردّ فِعْل رئيس روسيا العظمى فلاديمير بوتين حين قال: “في روسيا حرق القرآن جريمة”، وأكد الرئيس الروسي أنَّ عدم احترام القرآن يُعَدّ جريمة في روسيا خِلافاً لبعض الدول الأخرى. وقال بوتين، خلال زيارة لمسجد “الجمعة” في دربند إنَّ “روسيا تُكِن احتراماً شديداً للقرآن ولمشاعر المُسلمين الدينية، وعدم احترام هذا الكتاب المقدس في روسيا جريمة”. وأضاف أنَّ في روسيا حرق القرآن جريمة، بموجب الدستور والمادة 282 من القانون الجنائي في موسكو، قائلاً إن “عدم الاحترام والتحريض على الكراهية بين الأديان جريمة يعاقب عليها القانون، وسنلتزم دائماً بهذه القواعد التشريعية”. وقد اقترح رئيس الدوما مجلس النواب الروسي، فياتشيسلاف فولودين، إعداد قرار يدين تصرفات السلطات السويدية، التي سمحت بعمل احتجاجي لحرق المصحف.

كذلك فإنَّ الجرأة الشامخة لليمن السعيد، فكان استنكاره أشدَّ جُرأة من غيره من العرب حين أعلن وبشدة أنّ الإساءة للقرآن الكريم تحمل الحكومة السويدية مسؤوليته. وقال إنّ “الإساءة للقرآن جريمة تحريض عنصري غير مقبولة، ولا تمت بأي حال من الأحوال لحرية الرأي والتعبير والمعتقد التي تكررها الدول الغربية يومياً”. ودعت الخارجية اليمنية المنظمات والمؤسسات الحكومية الدولية للاضطلاع بالمسؤولية في التأكيد على احترام حقوق الإنسان واتخاذ إجراءات رادعة ضد مخططي ومرتكبي أعمال العنف والتحريض ضد الأديان. وطالبت باعتماد قرار مُلزم يُجرّم كافة أشكال الكراهية والتطرف ومحاسبة مرتكبيها.

خلاصة القول :

أبْدأها بتساؤل: هل حرق القرآن شكل من أشكال حرية التعبير مُصَوّب للمسلمين دون غيرهم من الأديان والشرائع؟ وهل هذه التصرفات والأفعال تجوز لو قام أحد وحرق التوراة أو الإنجيل؟ وهل تسمح البلدان الغربية بمنح ترخيص لمسلم لحرقها أمام الكنيسة في ذات البلد؟ أم يعتبرونه جُرماً من أفعال التمييز العنصري وإرهاباً يُؤجج الكراهية بين الشعوب؟

إننا نُعَبّر عن رفضنا لكل أشكال العنف من أية جهة كانت وضِد من كان، ونرى التصدي لهذه الأفعال واجبًا وتجريمها مُلزمًا بموجب القوانين الدولية التي تُدين العنف والكراهية وتنبذ التمييز العرقي والديني.

إنَّ فِعلًا حقيرًا كهذا يُرتكب في حق القرآن وفي يوم عيد يُضحي فيه المسلمين تقرباً لله تعالى، غير مقبول ويستفزهم ويُعتبر من الأعمال التي تُسبب الكراهية والأفعال المُعادية وحُريّة ترسخ مبدأ العداوة والبغضاء بين المجتمعات، وأن ذرائع حرية التعبير مرفوضة تماماً.

وعلى زعماء الدول العربية والإسلامية عدم التغاضي عن هذه الأفعال البغيضة وعدم التواطؤ معها، فهم مسؤولون، ويومئذ عند ربهم يوقفون. وبلا أدنى شك، فإنَّ تظاهرة سافرة بحق المسلمين في السويد وأمام مسجد ستوكهولم الكبير تزامناً مع العيد الأضحى، جريمة لا تنص عليها القوانين الدولية قاطبة، وإنّ سلوان موميكا ذا الـ37 عاما تلقى الموافقة لحرق القرآن وقال عبر تغريدته: “أريد التظاهر أمام المسجد الكبير في ستوكهولم، وأريد التعبير عن رأيي حيال القرآن. سأمزّق المصحف وأحرقه”. وأتساءل: لماذا حين يكون الأمر متعلقاً بالقرآن الكريم والمسلمين تكون الذريعة حُريّة التعبير.

إنني أناشد من له قلب أو ألقى السَّمع مُقاطعة السويد وتعطيل مصالحها في بلداننا الإسلامية، وإني لأرى أنَّ الربط والتزامن بين تلك الحادثة وما أقدم عليه لاجئ عراقي نصراني حين تم رفض لجوئه من حرق مجموعة من القرآن الكريم أمام مسجد في السويد وبحماية ومُوافقة الشرطة السويدية هي أدلة على الحاجة الماسة لمواقف عربية وإسلامية سياسية ودبلوماسية رادعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *