اخر الاخبار

ما أسباب انخفاض المساعدات الأممية إلى شمال غربي سوريا

– براءة خطاب

انخفض عدد شاحنات المساعدات الأممية إلى مناطق شمال غربي سوريا بنحو 100 شاحنة خلال تشرين الأول الماضي مقارنة بأيلول الذي سبقه، مع احتمالية انخفاضها بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة.

وعبرت 257 شاحنة مساعدات أممية خلال أيلول الماضي، فيما لم يتجاوز عدد الشاحنات 155 شاحنة إغاثية في تشرين الأول، من ثلاثة معابر حدودية، توزعت على معبر “باب الهوى” حيث دخلت 126 شاحنة بانخفاض 86% عن الشهر نفسه خلال 2022، ودخلت من معبر “باب السلامة” 29 شاحنة، فيما لم يسجل معبر “الراعي” تسجيل دخول أي شاحنة مساعدات، بحسب فريق “منسقو استجابة سوريا“.

ما الأسباب

تقدم وكالة التنمية الأمريكية، التي تعتبر الداعم المباشر لسوريا، الدعم عبر المؤسسات الدولية أو عبر الأمم المتحدة من خلال برنامج الأغذية العالمي، وقرر الداعمون منذ حوالي سنة تخفيض المساعدات بنسبة 30% مع احتمالية تخفيضها مرة ثانية بنسبة 30% بداية العام الجديد، ما سيظهر الانخفاض بشكل واضح، بحسب مدير منظمة “بنفسج”، الدكتور قتيبة سيد عيسى.

السيد عيسى أوضح ل أن أحد أسباب الانخفاض هو تحويل المساعدات إلى مناطق صراع جديدة في العالم مثل السودان، بالإضافة إلى المساعدات الطارئة لدول مثل ليبيا والمغرب وغيرهما، كما أن بريطانيا، التي تشكل ثاني أكبر داعم للمساعدات التي تقدم إلى سوريا عبر وزارة التنمية البريطانية، خفضت مساعداتها خلال السنة الماضية.

وترى بعض الدول التي تقدم المساعدات أن سوريا أصبحت مكان صراع قديمًا، كما تحاول الدول الداعمة إلغاء العمل بحالة الطوارئ، والتوجه للعمل عن طريق التعافي المبكر، بحسب السيد عيسى.

أما بالنسبة للتوقعات المقبلة فيما يخص المساعدات، فيرى السيد عيسى أن انخفاضها لن يظهر بشكل ملحوظ حتى بداية الشهر الثاني من 2024، وستستمر على ما هي عليه في الوقت الحالي.

وأضاف أنه وبعد أن كان برنامج الأغذية العالمي يقدم السلة بنحو 60 دولارًا أمريكيًا، قريبًا سيقدمها كل شهرين مرة واحدة وبـ40 دولارًا فقط، وبالتالي انخفضت بنحو 20 دولارًا، ما يشكّل أزمة بالنسبة لسكان المخيمات الذين يعانون فقرًا مدقعًا في سوريا.

ما البدائل

توقف معبر “باب الهوى” الحدودي عن إدخال المساعدات الأممية في 11 من تموز الماضي، نتيجة فشل مجلس الأمن بالتوصل لتمديد آلية “عبر الحدود” بعد “الفيتو” الروسي لمشروع القرار البرازيلي- السويسري، بينما رفضت أغلبية الأعضاء مشروع القرار الروسي القائم على تمديد الآلية لثلاثة أشهر فقط.

وبعدها أعلنت الأمم المتحدة، في 8 من آب الماضي، عن توصلها إلى “تفاهم” مع حكومة النظام السوري، يقضي باستخدام معبر “باب الهوى” لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا، خلال الأشهر الستة التالية.

وخلال هذه الفترة جرى إنشاء آلية “إنصاف”، وهي مبادرة لتشكيل صندوق للتمويل تديره شركة بريطانية مهمتها إيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين القاطنين في الشمال، كحل بديل عن آلية دخول المساعدات “عبر الحدود”.

عضو مجلس إدارة صندوق “إنصاف”، الدكتور زاهد المصري، وهو مدير منظمة “أطباء عبر القارات”، قال ل، إن الصندوق الذي طُوّر اسمه إلى “AFN” ما زال مستمرًا بالعمل، لكن التمويل من الجهات الداعمة إلى الآن ليس واضحًا، وتوجد في الوقت الحالي مشاريع عديدة ممولة من الصندوق، وستعمل في الفترة المقبلة لمدة سنة تقريبًا.

وحول الهدف من “إنصاف” قال المصري، “نعمل أن تكون الآلية بديلًا لتقديم المساعدات الإنسانية للشمال السوري، في حال عدم قدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات، لكنها إلى الآن لم تصل لتكون بديلًا كاملًا”.

وبدأ صندوق “إنصاف” بالتطور وستدخل أموال جديدة إليه بالإضافة إلى مشاريع وشركاء سوريين جدد، بحسب ما قاله مدير منظمة “بنفسج”، الدكتور قتيبة سيد عيسى، ل، مضيفًا أن هناك تطورًا واضحًا في عمل الصندوق وسيكون له مستقبل جيد في تقديم المساعدات.

كيف شُكلت آلية “إنصاف”

بعد التعنت الروسي باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع تمديد إدخال المساعدات الإنسانية من قبل الأمم المتحدة، ظهرت جهود بديلة لتأمين المساعدات للأهالي.

وبضغط من الفاعلين الإنسانيين المعنيين بتقديم المساعدات الإنسانية للمنطقة، أنشئ صندوق “إنصاف”.

وانخرطت تسع منظمات سورية في الآلية، وانتُخبت منظمة “بنفسج” الخيرية لتمثيل المنظمات السورية في مجلس الإدارة، بحسب ما قاله مدير المنظمة، الدكتور قتيبة سيد عيسى، سابقًا ل.

وأضاف سيد عيسى أن أربع دول عملت على إنشاء صندوق “إنصاف”، هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، بقيادة شركة “آدم سميث” البريطانية، مع وجود لجنة توجيهية من المنظمات السورية وبعض المنظمات الدولية.

وطُرحت فكرة الصندوق لأول مرة بداية عام 2022، وبدأ العمل علنًا قبل التصويت على تمديد آلية المساعدات الأممية عبر الحدود في 10 من كانون الثاني الماضي، ورُصد له مبلغ يقدّر بنحو 70 مليون دولار من قبل الدول المذكورة، بحسب سيد عيسى، وسيجري توزيع جزء منه على بعض المنظمات السورية، لتنفيذ مشاريع تشمل توزيع الأموال نقدًا في المخيمات، إضافة إلى مشاريع أخرى في مجال التعليم وتشغيل المدارس.

وتعد آلية “إنصاف” صندوق تمويل شبيهًا بآلية عمل مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة (OCHA)، ويعتمد على تقييم احتياجات الاستجابة في مختلف القطاعات الإنسانية، وتزويد المنظمات الإنسانية الوسيطة بالتمويل، وهو قادر على تنفيذ المشاريع على الأرض، وميزة الصندوق هي منع تحكم روسيا والصين بملف المساعدات الإنسانية في سوريا.

ويتخصص تمويل الصندوق في إدلب وريف حلب الشمالي فقط، ويوجد فيه استشاريون ومندوبو منظمات دولية ومندوبو دول، وجرى اختيار 10 منظمات سورية لديها خبرة ميدانية لتنفيذ المشاريع، بحسب ما قاله عضو مجلس إدارة صندوق “إنصاف”، الدكتور زاهد المصري، سابقًا ل.

ولضمان شفافية المبادرة، شُكّلت لجنة استشارية مكونة من تسعة أشخاص، تمثل ثلاث منظمات سورية، وثلاثًا من المنظمات الإنسانية الدولية، وثلاثًا من الجهات الداعمة، وعُيّن منسق لهذه المجموعة، ووظيفتها إدارة جميع الأموال في الصندوق من خلال إقرارها أو عدمه.

وبحسب فريق “منسقو الاستجابة“، ارتفعت نسبة العائلات التي تعتمد على المساعدات الإنسانية 84% وسط مخاوف من زيادة النسبة الحالية بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء وعدم قدرة المدنيين على تأمين العمل مقارنة بفصل الصيف، مشيرًا إلى أن نسبة الاحتياجات الإنسانية في مختلف القطاعات ارتفعت بمقدار 18.9% مقارنة بأيلول الماضي، يقابلها نقص في الاستجابة الإنسانية بنسبة 13.8%.

وتعاني مناطق شمال غربي سوريا انخفاضًا في المساعدات وسط الغلاء الذي تشهده المنطقة في أسعار المواد الغذائية والمحروقات، الأمر الذي زاد من نسبة الفقر في المنطقة.

ويقطن في شمال غربي سوريا ما لا يقل عن 4.5 مليون شخص، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من بينهم 1.9 مليون شخص في المخيمات، في حين يعتمد 90% منهم على المساعدات الإنسانية الأممية.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *