اخر الاخبار

ما وراء التطبيع مع الأسد.. بداية أفول نجم أمريكا ونظام شرق أوسطي جديد

Advertisement

وطن من أفغانسنان إلى سوريا ومن اليمن إلى ليبيا، يبدو أن الدور الأمريكي في الشرق الأوسط يتضاءل بشكل ملحوظ خاصة بعد انسحابه، وتخفيف حضوره في العراق وسوريا، وتركيزه على مواجهة التحديات الأخرى في آسيا وأوروبا.

وهذا ما فتح المجال أمام دول عربية أخرى للتأثير في المشهد السوري، سواء بالتطبيع مع نظام الأسد، أو بالتحالف مع قوى إقليمية أخرى، مثل تركيا أو إيران أو روسيا. فالتطبيع مع نظام الأسد قد يكون له دوافع سياسية أو اقتصادية أو أمنية، كما قد يكون له آثار إيجابية أو سلبية على المستوى الإقليمي.

هل يعني التطبيع العربي مع سوريا تراجع الدور الأمريكي في المنطقة؟

في مقال تحليلي لخبير السياسة الخارجية في مركز سياسة الشرق الأوسط، نُشر على موقع معهد بروكنغز، يشير الكاتب ستيفن هايدمان، إلى أن عودة سوريا قد تعني ما هو أكبر من مجرد نصر محلي لنظام قمعي.

وقال هايدمان إن التطبيع مع الأسد قد يشير إلى وجود “نظام شرق أوسطي جديد” لا تسيطر عليه الولايات المتحدة وتحالفاتها كما في السابق.

وأوضح ذات المتحدث أن التطبيع مع الأسد، يمكن أن يمثل بحد ذاته اعترافا من قبل الأنظمة العربية، بأنه لا يمكن التخلص من نظامه وأنه يجب التعامل معه، ولو كان ذلك فقط للحد من قدرته على خلق مشاكل لجيرانه.

بالنسبة لهايدمان، يأمل العرب أن يكون إغراء التطبيع مع بشار الأسد أكثر فعالية من العقوبات في إقناعه بمعالجة المخاوف الإقليمية، مع وضع اللاجئين والاتجار بالمخدرات التي أصبحت في السنوات الأخيرة على رأس جدول أعمال دول مثل السعودية والأردن.

On it’s own the Syria normalization hype outweighs the benefits. Seen in a larger context, normalization carries more weight. My latest op ed with @BrookingsFP https://t.co/08mNVF1pip

— Steven Heydemann (@SHeydemann) May 10, 2023

“هيكل أمني إقليمي جديد” يتشكل في الشرق الأوسط

أفاد الكاتب الأمريكي في سياق حديثه عن التطبيع العربي مع النظام السوري بأن “عودة بشار الأسد إلى الحظيرة العربية تعتبر مثالا للتوطيد المستمر لما يمكن وصفه بهيكل أمني إقليمي جديد، وهو إطار لإدارة المنافسات” في الشرق الأوسط.

وأوضح في تحليله أن “التطبيع، مثّل خطوة إضافية نحو وقف تصعيد الصراعات الإقليمية المستعصية إلى جانب الخطوات الأخرى التي ضيقت الانقسامات الإقليمية بين إيران والسعودية، وقطر ونظرائها في مجلس التعاون الخليجي، وتركيا والمنافسين الآخرين في المنطقة مثل مصر، وإسرائيل ولبنان حول القضايا البحرية، أو اتفاق إبراهيم بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين”.

وشدد في ذات الصدد على أن “آثار هذا التحول أيضا في اليمن، حيث أتاح التقارب السعودي الإيراني أطول وقف لإطلاق النار حتى الآن في الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد من الزمان في البلاد”.

الخلافات الإقليمية المُعقدة “لن تزول”

لا يُبشر هايدمان، في مقاله، بتضاؤل أو اختفاء الخلافات الإقليمية المعقدة، لكنه يقول إن الجهات الفاعلة عززت كما يبدو “الفلسفة العملية الواقعية” مقابل الانقسامات المزمنة.

وأشار في سياق حديثه إلى أن عددا من دول المنطقة بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر ودول أخرى سبق أن دعمت المتمردين المناهضين للأسد طيلة سنوات، لكن الجيش السوري، المدعوم من إيران وروسيا والجماعات شبه العسكرية المتحالفة معه، استعاد معظم البلاد.

وفي السنوات الأخيرة، تحركت العديد من الدول العربية نحو إعادة العلاقات الدبلوماسية، وأبرزها الإمارات العربية المتحدة في عام 2018.

وأعاد الأردن وسوريا فتح حدودهما في عام 2021.

وفي الشهر الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية وسوريا أنهما تتحركان لإعادة فتح السفارات واستئناف الرحلات الجوية.

والأربعاء، وجه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز دعوة لبشار الأسد، لحضور القمة العربية التي ستقام في الرياض في التاسع عشر من مايو الحالي.

وعلى ضوء هذه التطورات، يقول هايدمان إن “هذه البنية الأمنية الناشئة ستختبر كيفية استجابة الجهات الفاعلة الإقليمية للتحولات الجيوسياسية الأوسع، ولا سيما الدور المتضائل للولايات المتحدة في الشرق الأوسط والنظام الدولي متعدد الأقطاب بشكل متزايد”.

ويُوضح أنه “إذا لم ينه الإطار الذي انبثق عن هذه الظروف الانقسامات الإقليمية، فقد يعمل على منع المنافسات الدائمة من الغليان إلى صراع مفتوح، وإذا حدث ذلك، فقد يشهد الغرب سابقة تاريخية للعالم العربي، هي تشكيل إطار أمني منظم محليا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة”.

مشددا في معرض حديثه على أن هذا المشهد الأمني “يثير أسئلة جوهرية حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”، وكيفية تعامل الولايات المتحدة مع النظام الإقليمي الذي يتحدى العديد من ركائز سياستها في الشرق الأوسط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *