اخبار عمان

فقر الدم.. “المرض الخفي” الذي يهدد ثلث سكان العالم

 

 

◄ 27.8% من العمانيات مصابات بفقر الدم

◄ أسباب فقر الدم قد تكون وراثية أو مكتسبة

◄ تأخير العلاج يتسبب في تعريض حياة المريض للخطر

 

اخبار عمان ريم الحامدية

يعتبر مرض فقر الدم أكثر مرض نقص تغذوي انتشارا بحسب منظمة الصحة العالمية، إذ إنه يصيب 30% من البشر على مستوى العالم، كما أن نسبة 90% من المصابين بهذا المرض يكون بسبب مرضهم نقص الحديد.

ويعرف مرض فقر الدم بأنه نقص في عدد كريات الدم السليمة أو نقص في الهيموجلوبين الذي هو المكون الأساسي لخلايا الدم الحمراء وهي الناقل للأكسجين من الرئتين إلى بقية أعضاء الجسم، وقد يكون مرض فقر الدم حادا أو مزمنا، كما أنه قد يكون مؤشرا على الإصابة بمرض خطير.

ويقول الدكتور أحمد بن راشد الحامدي اختصاصي أول طب الأسرة، إن المسح الوطني العماني للتغذية الذي أجري في عام 2017، أظهر أن 27,8% من النساء مصابات بمرض فقر الدم عموما، إذ ينتشر مرض فقر الدم بسبب نقص الحديد لدى النساء بنسبة 13,3%. بينما يصاب 23.8% من الأطفال العمانيين بمرض فقر الدم.

ويبين أن مرض فقر الدم يسبب الشعور بالتعب والإرهاق عند ممارسة أدنى جهد بدني وإن كان روتينيا، ويعاني المصابون بهذا المرض من الدوخة أو الدوار وضيق التنفس والخفقان، كذلك قد يشتكي المصاب من الصداع وبرودة الأطراف، مضيفًا أن مريض فقر الدم يبدو دائمًا شاحب الوجه وضعيفا وخاملا، وتبدو الأغشية المخاطية في الفم والأنف وملتحمة العين شاحبة، ويظهر شحوب على الجلد وخاصة تحت الأظافر، كما أنه في حالات فقر الدم الشديد يحدث تقعر أظافر أصابع اليدين والقدمين وتبدو بيضاء شاحبة وجافة وتتكسر بسهولة، وكذلك يصاب المريض بكدمات تحت الجلد بسهولة أكثر من المعتاد.

ويوضح الحامدي أن الإنسان يصاب  بمرض فقر الدم عندما يحدث نقص في خلايا الدم الحمراء أو نقص في الهيموجلوبين، وقد يحدث ذلك في عدة حالات ومنها عندما لا ينتج الجسم ما يكفي من الهيموجلوبين أو خلايا الدم الحمراء، وكذلك عندما يصاب الشخص بنزيف دموي يؤدي إلى فقد كمية من الهيموجلوبين وخلايا الدم الحمراء تفوق قدرة الجسم على تعويضها، وهناك حالات مرضية يقوم الجسم بتدمير خلايا الدم الحمراء فيصاب بفقر الدم نتيجة لذلك.

وحول أسباب الإصابة بفقر الدم، يشير إلى أن الأسباب تكون متعددة، ومنها: الاضطرابات الوراثية في خلايا الدم الحمراء والأمراض المزمنة والإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والعدوى الطفيلية والحيض الشديد والحالات المتعلقة بالحمل وأمراض نخاع العظم مثل سرطان الدم وسرطان الغدد اللمفاوية، بالإضافة إلى بعض الأدوية التي تؤدي الى تحلل الدم أو نزف دموي داخلي، إلا أن أكثر الأسباب انتشارا هو نقص المغذيات مثل الحديد وفيتامين B12 وحمض الفوليك وفيتامين A.

أنواع فقر الدم

ويبين الدكتور أحمد بن راشد الحامدي أن خلايا الدم الحمراء هي أحد مكونات الدم وتحتوي على بروتين يسمى الجلوبين وترتبط به ذرات الحديد التي تسمى باللغة اللاتينية “الهيمو” ولذلك يسمى المركب الناتج الهيموجلوبين، و تلعب خلايا الدم الحمراء دور الناقل الأساسي للأكسوجين من الرئتين عن طريق ارتباط الأكسجين بالهيموجلوبين الى أن يتم تحريره في باقي أعضاء الجسم ليقوم بدوره في العمليات الحيوية، كذلك تقوم خلايا الدم الحمراء وبذات الطريقة بنقل ثاني أكسيد الكربون وهو من مخلفات الأيض والعمليات الحيوية في الجسم فتنقله إلى الرئتين ليتم طرده خارج الجسم في عملية الزفير، ومن ثم تنتج خلايا الدم الحمراء من النسيج الإسفنجي في نخاع العظام الكبيرة، ويحتاج الجسم لعدة مغذيات لإنتاج خلايا الدم الحمراء أهمها الحديد وفيتامين 12B وحمض الفوليك، ويحصل الجسم على هذه المغذيات من خلال تناول الغذاء الغني بها.

ويشير إلى أن أسباب مرض فقر الدم قد تكون وراثية أو مكتسبة، كما يصنف فقر الدم بحسب حجم كريات الدم الحمراء، فيكون على ثلاثة أصناف تندرج تحت كل صنف نوع من مرض فقر الدم، موضحا أن النوع الأول هو “فقر الدم صغير الخلايا”، ويشمل فقر الدم بسبب نقص الحديد وهو مرض ناتج عن نقص في تناول الأغذية الغنية بمعدن الحديد أو فقدان كميات من الدم، والثاني هو “فقر الدم الأرومات” الذي يكون سببه فشل نخاع العظم في إنتاج خلايا دم حمراء صحية تكفي لأداء وظائفها الحيوية ويحدث هذا النوع إما بسبب خلقي لدى الطفل منذ ولادته أو بسبب التعرض لبعض أنواع الأدوية والمواد الكيميائية، والنوع الثالث هو “الثلاثسيميا” وهو مرض وراثي يكتسبه الإنسان من خلال وراثة جينات من الوالدين بها اعتلال في إنتاج الهيموجلوبين السوي وكذلك به عدة أنواع وكل منها له تأثير مختلف على خلايا الدم الحمراء.

ويقول إن “فقر الدم سوي الخلايا” تحافظ فيه خلايا الدم الحمراء على حجمها الطبيعي لكنه يحدث نقص في عددها، ولهذا النوع عدة أسباب منها الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض المناعة الذاتية كمرض التهاب المفاصل الروماتيزم، والأمراض المعدية مثل السل والايدز وأمراض الجهاز الهضمي، وأيضا يسبب هذا النوع من المرض النزيف الدموي الحاد إصابات الحوادث والعمليات الجراحية والنزيف المصاحب للدورة الشهرية لدى النساء وكذلك النزيف من الجهاز الهضمي، ويحدث هذا النوع من فقر الدم عندما تموت خلايا الدم الحمراء مبكرا وتتحلل كما في أمراض الثلاسيميا ومرض فقر الدم المنجلي، وكذلك أمراض نخاع العظم مثل  التليف والسرطان تؤدي الى فقر دم سوي الخلايا.

أما في حالات “فقر الدم كبير الخلايا”، فيضيف الحامدي أنه في هذا النوع يحدث إنتاج خلايا دم حمراء ذات حجم أكبر من الحجم الطبيعي وذلك بسبب عدم حصول نخاع العظم على مغذيات كافية لإنتاج خلايا دم حمراء سوية، وينقسم هذا النوع إلى صنفين، فقر الدم كبير الأرومات وهو بسبب عدم حصول الجسم على مغذيات فيتامين B12 وحمض الفوليك، وفقر الدم غير ضخم الأرومات وفي هذه الحالة لا يستطيع الجسم امتصاص حاجته من مغذيات فيتامين B12 وحمض الفوليك بسبب أمراض الجهاز الهضمي أو قصور نشاط الغدة الدرقية أو تعاطي الكحول أو أمراض الكبد أو الإصابة بمرض كثرة الخلايا الحمراء الوراثي.

تشخيص المريض

ويتابع الحامدي قائلا: “عند استشارة الطبيب عن مرض فقر الدم، يبحث الطبيب مع المريض عن مختلف أعراض المرض ومدة ظهوره وحدته والظروف التي ظهرت فيها بعض الأعراض، والعوامل المحفزة للأعراض والعوامل المخففة لها وتأثير المرض على حياة المريض، ويوسع الطبيب الاستشارة ليتقصى عن النظام الغذائي للمريض لما قد يكون له من علاقة بالإصابة بالمرض، ويسأل عن العادات غير الصحية للمريض مثل تناول الكحول أو التدخين، ثم يعرج على النظر عن ظهور أعراض مضاعفات المرض وتأثيره على مختلف أعضاء الجسم، ثم يسأل الطبيب عن وجود أشخاص آخرين في العائلة مصابين بأمراض الدم سواء الوراثية أو المكتسبة، بعد ذلك يجري فحص عام لجسم المرض لاكتشاف علامات مرض فقر الدم والبحث عن علامات أخرى قد تدله على سبب المرض، ويجري الطبيب تحليل الدم الكامل للمريض ليفحص كمية الهيموجلوبين ونوع المرض بالنظر إلى مؤشرات حجم خلايا الدم الحمراء وكثافة الدم، وكذلك يظهر في هذا التحليل مؤشرات على بعض أسباب مرض فقر الدم مثل نقص مغذيات الحديد وفيتامين B12 وحمض الفوليك، كذلك يشمل فحص الدم الكامل على عدد أنواع خلايا الدم البيضاء مما قد يوفر مؤشر على سبب مرض فقر الدم، ثم يتم فحص شريحة مسحة الدم لرؤية حجم خلايا الدم الحمراء ويعين هذا الفحص على تصنيف المرض ومعرفة الأسباب التي تؤدي إلى تغير طبيعة الخلايا وكذلك تفسير بعض النتائج غير الطبيعية لتحليل الدم الكامل”.

ويضيف: “يطلب الطبيب تحاليل دم أخرى بحسب حالة المريض والتشخيص المبدئي لفقر الدم، وتشمل هذه التحاليل كمية الحديد وفيتامين B12 وحمض الفوليم وفيتامين A في الدم، وتحليل الدم في البراز عند وجود شك في نزيف من الجهاز الهضمي، وقد يلجأ الطبيب لتحليل خزعة من نخاع العظم إن كان هناك شك بأن فقر الدم ناتج من أمراض نخاع العظم، وبعد أن تتجلى أسباب المرض ويتضح التشخيص يعمد الطبيب إلى وصف الدواء، ويركز الطبيب على تصحيح أسباب المرض ومنع وقوعها ما أمكنه ذلك، لذلك يختلف علاج مرض فقر الدم بحسب نوعه وسببه، وفي حالات مرض فقر الدم بسبب نقص المغذيات يتم تعويضها بعقاقير مصنعة من ذات صنفها توصف لمدد مختلفة يحددها استجابة جسم المريض للعلاج والتزامه بتناوله وتماثل أعراض وعلامات المرض للاختفاء، وغالبا ما تكون هذه المغذيات على شكل حبوب أو أقراص أو كبسولات يتناولها المريض كل يوم مرة أو مرتان بحسب شدة الحالة، الا أن بعض حالات فقر الدم الشديد وأعراضه المجهدة تتطلب حقن هذه المغذيات إما في العضل كما في حال نقص فيتامين B12 أو في الوريد في حال معدن الحديد، وفي حالات أخرى الأكثر شدة يتم حقن الدم الكامل في الوريد الذي تبرع به شخص آخر طابقت فصيلة دمه فصيلة دم المريض، أما مرض فقر الدم بسبب أمراض الدم الوراثية يتطلب علاج آخر ليخفف من حدة المرض ويحتاج المريض لتناول هذه العلاجات بشكل مزمن مثل علاج مرض فقر الدم المنجلي”.

ويقول الحامدي إنه في حالة مرض الثلاسيميا يتم حقن الدم الكامل بشكل منتظم ودوري في المستشفى والعيادات النهارية، ويعتبر زراعة نخاع العظم للمريض المصاب بأمراض الدم الوراثية أنجع علاج لهذه الحالات متى ما توفر شخص متبرع مطابق للمريض، وتجرى هذه العملية في بيئة نظيفة ومعقمة جدا ويحتاج المريض إلى تناول أدوية مثبطة للمناعة لمدة طويلة حتى يتم ضمان تقبل جسم المريض للنخاع المزروع ونموه ونشاطه بإنتاج خلايا دم سليمة فيتماثل المريض للشفاء من هذه الأمراض، وإن كان سبب مرض فقر الدم هو الأمراض المزمنة أو الأمراض المعدية فيتم علاج المرض الأساسي ويحدث الشفاء من مرض فقر الدم، ومتى ما كان مرض فقر الدم بسبب عقاقير تناولها المريض أو تعرض لمواد كيميائية فيكون علاجه بمنع السبب والتوقف عن تناول أو التعرض لتلك المواد الكيميائية”.

ويشير الحامدي إلى أنه إذا لم يتم علاج مرض فقر الدم فأنه يسبب مضاعفات عديدة للمريض، تختلف حدة وسرعة حدوث هذه المضاعفات بحسب نوع وسبب مرض فقر الدم، وغالبا يسبب مرض فقر الدم الشعور بالتعب والإرهاق وصعوبة في التركز وضعف في الذاكرة مما يؤدي إلى تدني إنتاجية المريض وضعف أدائه العلمي والعملي، وكذلك يؤدي مرض فقر الدم إلى الإصابة بالدوار وعدم التوازن مما يعرض المريض للسقوط والإصابة بكسور وجروح وصدمات في العظام والرأس.

طرق الوقاية

ويتحدث الحامدي أن أي شخص بإمكانه تجنب الإصابة بمرض فقر الدم، إذا كان لديه الوعي الكامل بأسباب المرض وضرورة تجنبها، مبينا: “من أهم طرق الوقاية من هذا المرض هو اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على المغذيات اللازمة لإنتاج خلايا الدم الحمراء، مثل الخضروات الورقية الخضراء لاحتوائها على معدن الحديد والفيتامينات ومغذيات أخرى، كذلك يجب تناول كميات متوازنة من اللحوم الحمراء والكبد لاحتوائها علة معدن الحديد وفيتامين 12 وحمض الفوليك، واستشارة الطبيب في حالة الشعور بأي أعرض، كما ينصح الأطباء بإجراء فحص قبل الزواج للكشف عن وجود المورثات الجينية لدى أحد أو كلا الشخصين المقبلين على الزواج ليتجنبا إنجاب أبناء مصابين بهذه الأمراض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *