اخر الاخبار

علاقة سامة مع الأجهزة الإلكترونية.. ماذا نعرف عن “إدمان التسلية”

د. أكرم خولاني

مع تطور الحياة وتغير الاهتمامات لدى الناس، أصبح لدى الكثيرين حالة إدمان عجيب للتسلية وعلى كل المستويات، ففي السابق كانت التسلية هي للتنشط لفعل ما هو أوجب منها، ولكن أصبحت اليوم الواجبات كماليات والترفيه والتسلية أساسيين، وبسبب الثورة الرقمية التي يعيشها العالم اليوم، صارت الأجهزة الإلكترونية هي الوسيلة الأسهل للتسلية، وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ملاذ للناس للتسلية في كل حين، ما جعلهم يستخدمونها لعدد من الساعات، ما أدى إلى إدمانها لدى فئة كبيرة منهم.

ما المقصود بإدمان الأجهزة الإلكترونية

الإدمان حالة مرضية يبدو فيها صاحبها فاقدًا لإرادة أن يختار سلوكه، فيشعر بأنه بحاجة إلى القيام بفعل ما بشكل متكرر رغمًا عنه، ويحدث ذلك لأن الإدمان يرفع من نسبة الدوبامين في الدماغ، وبالتالي إذا لم يمارس الشخص هذه العادة، ستظهر لديه عوارض سيئة مثل الشعور باليأس أو الخوف أو التفكير المستمر أو التوتر والعصبية، و ينعكس ذلك على يومياته وعمله وعلاقاته مع الآخرين.

والإدمان معروف حيال العديد من الممارسات كتعاطي المخدرات، وتعاطي الكحول، والتدخين، ولكن ظهر في السنوات الأخيرة نوع جديد من الإدمان عُرف بإدمان التسلية أو إدمان الأجهزة الرقمية، ويقصد به اللجوء إلى التسلية بشكل خاص بواسطة الأجهزة الإلكترونية الذكية والبقاء ساعات طويلة كل يوم أمام شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر أو الجوال أو “البليستشن”، والإفراط بمتابعة البرامج أو الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي بهدف التسلية.

كيف يحدث إدمان استخدام الأجهزة الإلكترونية

كانت الأجهزة الإلكترونية تُستخدم لقضاء أوقات الفراغ في مشاهدة المسلسلات والأفلام والفيديوهات وإجراء الاتصالات الضرورية، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي بدأت كوسيلة للتواصل مع العائلة والأصدقاء، زاد استخدام الناس للأجهزة الإلكترونية، وأصبحت متابعتها كنوع من التسلية، خاصة أنها تساعد على الاسترخاء وعدم الشعور بالوحدة، ثم ازدادت شعبية هذه التسلية بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي عند الأطفال والمراهقين والبالغين، ونتيجة متابعتها اليومية من قبل الكثيرين، بدأت تتحول هذه التسلية عندهم إلى إدمان، وأصبح الكثيرون يشعرون بالحاجة لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي بشكل قهري ومفرط.

وقد تبين أنه عندما يقوم الشخص بدخول تطبيقاته المفضلة، تزداد إشارات الدوبامين التي ترتبط بالناقلات العصبية المتخصصة بالمتعة في العقل، لذا يتم تحديد استخدام تلك التطبيقات على أنها نشاطات يجب تكرارها، خاصة بعد الشعور بمشاعر إيجابية في أثناء استخدامها، وهذا يعتبر نوعًا من أنواع التعزيز للإدمان، لذلك حين يبدأ الدوبامين بالانخفاض، سيعود هذا الشخص لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

متى يقال إن الشخص يعاني إدمان استخدام الأجهزة الإلكترونية

قد يستخدم الكثيرون أجهزتهم الإلكترونية الذكية بشكل متكرر يوميًا دون أن يشكل ذلك إدمانًا، ولكن تعتبر هذه العادة إدمانًا في الحالات التالية:

  • استخدام الوسائل في الجلسات العائلية وخلال تناول الطعام.
  • اللجوء لاستخدام الوسائل كنوع من أنواع حل المشكلات أو الهرب منها.
  • الشعور بالقلق والغضب والاكتئاب عند عدم القدرة على استخدامها.
  • كثرة التفكير بها في أوقات عدم استخدامها، مثل نفاد الطاقة في الهاتف الذكي أو الذهاب إلى المدرسة.
  • التأثير سلبًا على العمل والدراسة والعلاقات الاجتماعية.

ما سلبيات إدمان استخدام الأجهزة الإلكترونية

يؤدي إدمان استخدام الأجهزة الذكية إلى مجموعة من السلبيات أبرزها:

  • الانعزال عن المجتمع الواقعي، وهذا قد يسبب الوحدة والعزلة.
  • القلق والاكتئاب نتيجة التصفح المتكرر والانتظار.
  • اضطرابات النوم، خاصة عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم.
  • البدانة والخمول بسبب انخفاض معدلات الحركة والنشاط البدني.
  • تراجع مستويات الأداء في العمل أو الدراسة.
  • انخفاض الثقة بالنفس بسبب التعرض المفرط للمقارنة مع حياة الآخرين.
  • التبلد العاطفي وعدم الإحساس بالتعاطف مع الآخرين.

كيف يمكن تقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية

يجب الحد من استخدام الأجهزة الذكية ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي للوقاية من حدوث الإدمان وما ينتج عنه من تأثيرات سلبية تضر بالشخص وتؤثر على حياته، ولتحقيق ذلك ينصح بما يلي:

  • حذف وسائل التواصل الاجتماعي من الهاتف الشخصي واستخدامها من جهاز الكمبيوتر فقط، وهذا يساعد على تقليل وقت الاستخدام.
  • إيقاف تشغيل الهاتف الشخصي أو الجهاز اللوحي في أثناء الدراسة والعمل وممارسة الأنشطة الترفيهية، وخلال الجلوس مع العائلة والأصدقاء.
  • تخصيص أوقات معينة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ولمدة محددة، ووضع مؤقت للوقت للتنبيه.
  • وضع الهاتف الشخصي بعيدًا عن السرير أو خارج غرفة النوم في أوقات النوم.
  • ممارسة هوايات أخرى بعيدًا عن التكنولوجيا، كالرياضات والفنون والطبخ والقراءة من الكتب.

أخيرًا، لا بد أن نذكّر بأنه ليس كل من يستخدم الأجهزة الذكية بشكل يومي أو ينغمس في وسائل التواصل الاجتماعي مدمنًا، فهناك شريحة من الناس تلجأ إلى وسائل التواصل لتُسمع صوتها للعالم، وتقدم المعلومة المفيدة، وتشارك الناس تجاربها وخبراتها التي اكتسبتها خلال سنوات من الدراسة والكفاح، ومن هؤلاء نجد أطباء اختاروا المنصات الإلكترونية لتقاسم المعلومات التي قضوا سنوات طويلة في تحصيلها، والأدباء الذين ينشرون كتاباتهم، والقراء الذين ينشرون كتبًا ألهمتهم ويمررون تلخيصها للناس جميعًا، والمهندسون والمفكرون والحرفيون وغيرهم ممن يقدم أسرار نجاح مهنته.

إن تبادل الأفكار والمواهب والإبداعات في مواقع التواصل الاجتماعي أمر جيد ومطلوب بشرط ألا يتحول إلى إدمان.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *